محمد فاضل العبيدلي
محمد فاضل العبيدلي
عمل محرراً في قسم الشؤون المحلية بصحيفة "أخبار الخليج" البحرينية، ثم محرراً في قسم الديسك ومحرراً للشؤون الخارجية مسؤولاً عن التغطيات الخارجية. وأصبح رئيساً لقسم الشؤون المحلية، ثم رئيساً لقسم الشؤون العربية والدولية ثم نائباً لمدير التحرير في صحيفة "الايام" البحرينية، ثم إنتقل للعمل مراسلاً لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) كما عمل محرراً في لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية.

“أخويات المكارثية” الغربية تستيقظ لاجل اسرائيل

الأربعاء ٠٦ أبريل ٢٠١٦

فيما تنشغل الدول العربية بمواجهة ايران في عدد من بؤر التوتر في المنطقة، تشن اسرائيل وحلفاؤها الغربيون حملة ضارية ضد حركة المقاطة الفلسطينية المعروفة باسم "بي دي اس" اي "مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات". ففي 18 فبراير، كشفت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية ان حكومة ديفيد كاميرون اصدرت في 15 فبراير مذكرة باسم "مذكرة حول سياسة المشتريات" موجهة لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية تجرم مقاطعة البضائع والسلع الاسرائيلية وتفرض عقوبات قاسية لمقاطعة هذه السلع [الاسرائيلية] على اسس اخلاقية حسب الصحيفة.وقالت الصحيفة ان حكومة كاميرون اصدرت هذه المذكرة دون الرجوع للبرلمان من اجل مناقشتها او التصويت عليها. وبررت الحكومة البريطانية قرارها هذا بتجريم مقاطعة السلع والبضائع الاسرائيلية بانه مسألة "تتعلق بالأمن الوطني" مضيفة "ان هناك عواقب وطنية ودولية أوسع نطاقا لفرض مثل هذه المقاطعة على المستوى المحلي" و"يمكن أن تلحق الضرر بالتكامل والترابط المجتمعي داخل المملكة المتحدة" و"تعيق تجارة الصادرات البريطانية، وتضر العلاقات الخارجية على حساب الأمن الاقتصادي والدولي في بريطانيا" حسب ما نقلته "ذي اندبندنت". على الجانب الآخر من الاطلنطي، كانت السيدة هيلاري كلينتون الطامحة لرئاسة الولايات المتحدة قد تعهدت في رسالة وجهتها الى الملياردير اليهودي الامريكي حاييم صبان في 2 يوليو 2015 بالعمل معاً ضد حملة المقاطعة الفلسطينية وبأن تجعل هذا الهدف أولوية لها. يبدو قطب صناعة الترفيه صبان الشخص المناسب…

«لاءات» الصحافة المنسية

الخميس ١٧ مارس ٢٠١٦

واحدة من أهم النصائح التي كنا ننصح بها الصحافيين الجدد هي تلك التي تتعلق بالطريقة التي يتعين أن يتصرفوا بها أثناء المقابلات. كنت أقول للصحافي: «لا تحاول أن تثبت للمصدر أنك تفهم». لا تحاول أن تثبت أياً كان هذا المصدر، أنك مثقف مثلاً أو مطلع، لست مطالبا بإثبات أي شيء عن نفسك للمصدر ولست مطالبا بالحديث عن نفسك والأفضل أن لا تحاول أبداً. وعلى عادة العرب، كان غالب الصحافيين يتظاهر بالفهم والقليل منهم كان يسأل ويحاول أن يفهم المغزى وراء هذه النصيحة. لن ندرك مغزى النصيحة إلا إذا استذكرنا المعنى الأصلي لأن تكون صحافياً. فالصحافي إذا حاول أن يثبت لمن أمامه انه يفهم فلن يطرح الأسئلة التي يتعين أن يطرحها. فإذا قال له المصدر: «تعرف أن هذا الموضوع ليس بجديد»، وقام الصحافي بدافع التظاهر بالفهم وأجاب: «نعم.. بالتأكيد أعرف ذلك» فهو قد فوت على نفسه فهم بعض الخلفيات عن الموضوع الذي يسأل عنه ولربما فوت على نفسه أيضاً معلومة خافية. فهو ـ بدافع التظاهر بأنه يفهم ـ لم يهتم في تلك اللحظة بسماع معلومات بل بالسعي لترك انطباع حسن عن نفسه أمام محدثه. في الغالب وجدت أن معظم الصحافيين يتظاهرون بالفهم والمعرفة أمام ملاحظة مثل هذه وغيرها والنتيجة هي أن ثمة معلومات ناقصة دوماً في مقابلاتهم أو تقاريرهم. هذا الخيط…

زيارة الضفة وغزة تطبيع.. أعيدوا النظر

الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥

هل صحيح أن زيارة الضفة الغربية وقطاع غزة تُعد تطبيعاً مع الإسرائيليين؟ وهل يتعين أن نسعى للتواجد هناك لضرورات الدعم الإنساني فقط؟ حرب على غزة تفرض علينا التوجه بالمعونات الإنسانية والطبية ودخول بعض الأطباء والناشطين في مجال الخدمة الإنسانية وتوزيع المساعدات؟ أو حملات تبرع لدعم انتفاضات أهلنا في فلسطين ضد الاحتلال؟ اذا كان هذا امراً مطلوباً في اوقات الحرب، فلماذا لا يكون مستمرا طيلة العام وفي أوقات الهدوء؟ لطالما شغلني الأمر، ومن وجهة نظري تتطلب هذه الفكرة اعادة نظر وتفكير هادئ في صحته من عدمها، وافضل ما يمكن تصوره هنا هو ان الدعم الانساني اذا كان واجباً في اوقات الحرب، فلماذا نمتنع عنه في غير اوقات الحرب بحجة ان ذلك يعد تطبيعاً؟ بالطبع، ليس الدعم الانساني الطارئ هو المطلوب فحسب، بل يتعين ان نتعامل مع الموضوع من باب الدعم الشامل الذي يحتاجه الفلسطينيون. الدعم الذي نتباكى دوماً على تقصيرنا نحن العرب في أدائه بوصلات الولولة وجلد الذات والردح كلما اندلعت انتفاضة في فلسطين وكلما شنت اسرائيل عدواناً او قامت بالتنكيل بأهلنا في الضفة وغزة. لماذا يتعين ان يبقى الفلسطينيون معزولين في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وسياسات البطش والتنكيل، فيما ينأى العرب بأنفسهم عن دعمهم الا بشكل موسمي وطارئ وفي اطار رد الفعل على الحروب الاسرائيلية او عند انطلاق الانتفاضات الفلسطينية؟ ان…

مأزق اسرائيل العميق

الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠١٥

في العام 1987، كان رمزي ابورضوان المولود في مخيم الأمعري للاجئين قرب بيت لحم ، طفلا في الثامنة من عمره خلدته صورة شهيرة وهو يحمل حجرا بيده في مواجهة جنود اسرائيليين. اما اليوم فهو عازف كمان وموسيقى شهير يقيم ما بين الضفة الغربية وفرنسا. وفي 18 اكتوبر، اخترقت رصاصة قناص اسرائيلي صدر الشابة داليا نصار التي كانت الفتاة الوحيدة في تظاهرة للشبان الفلسطينيين قرب مستعمرة "بيت إيل" القريبة من مدينة رام الله. اخترقت الرصاصة صدر داليا واخطأت قلبها بفارق ملليمتر واحد فقط واستقرت قرب عمودها الفقري، لكنها نجت من الموت بأعجوبة. والدها المتحدر من مدينة نابلس فقد قضى بدوره 13 عاما في السجون الاسرائيلية فيما دخلت والدتها المقدسية الأصل اضرابا عن الطعام في غرف التحقيق الاسرائيلية أيضا.  ولاولئك الذين لا يرون في انتفاضات الفلسطينيين سوى تحريض ديني، نذكر أن داليا شابة مسيحية وناشطة يسارية. بين رمزي ابورضوان الطفل عام 1987 والشابة داليا نصار في 2015 انتفاضتان وأربعة حروب اسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة والقاسم المشترك هنا بين جيل الأبناء وجيل آبائهم هو مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. هذه ليست قصة جديدة، بل انها الرواية الفلسطينية الوحيدة منذ بدايات القرن الماضي عندما اعطت حكومة الاحتلال البريطاني ما لا تملك لمن لا يستحق، اي بالضبط منذ 98 عاماً. لهذا فان لكل جيل فلسطيني…

انتفاضة جديدة.. عقلية جديدة

الأربعاء ١٤ أكتوبر ٢٠١٥

إذاً.. هذه هي الانتفاضة التي ظل مسؤولو الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يحذرون بنيامين نتانياهو من اندلاعها منذ سنوات. هل في الأمر ذكاء خارق في أن يتنبأ جنرالات «الشاباك» و«الشين بيت» باندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة؟ ليس في الأمر ذكاء من أي نوع، وحتى متوسطو الذكاء بإمكانهم التنبؤ بهذا في أي وقت طالما أن الإسرائيليين مصممون منذ اكثر من عقدين من مفاوضات عبثية على خيار وحيد: لا دولة فلسطينية.. لا حل على الإطلاق. لكن الذكاء مطلوب الآن من الفلسطينيين بالدرجة الأولى والعرب تالياً. وفي سجل الفلسطينيين الطويل انتفاضتان يتعين قبل كل شيء استيعاب دروسهما جيدا، إضافة الى اجتياح شامل للضفة الغربية عام 2002 وانقسام دفع بهم الى لحظة ضعف تاريخية غير مسبوقة منذ عام 2007 وثلاث حروب ضد قطاع غزة منذ 2008 وصولاً إلى 2014. فإذا لم تستوعب الفصائل الفلسطينية ولا المثقفون الفلسطينيون كل الدروس التي تطرحها تلك الوقائع التاريخية، فمن المؤسف القول هنا ان مصير هبة الجيل الجديد من الفلسطينيين سيلحق بها ما لحق بسابقاتها من انتفاضات وهبات. أبرز ما يتعين استيعابه هنا من دروس: أولاً: الوحدة الفلسطينية هي مفتاح القوة، لكن هذا ليس شعاراً خطابياً بل ضرورة عملية تقتضي أولاً إعادة تصحيح بعض المفاهيم وخطوات جريئة من كل الأطراف (مقابل لمفردة تنازلات أو تضحيات صغيرة). وأول ما يتعين على كل الفرقاء…

سطوة التنميط.. الأقباط المنسيون

الأربعاء ٠٧ أكتوبر ٢٠١٥

قبل غروب الشمس في مثل هذا اليوم قبل 42 عاماً، أنجزت الفرقة 18 من الجيش المصري، تحرير مدينة «القنطرة شرق» في ثاني أيام حرب أكتوبر 1973، وكانت أول مدينة يتم تحريرها في سيناء من قبضة الجيش الإسرائيلي المحتل. تلك الفرقة كانت بقيادة الفريق (العميد وقتذاك) فؤاد عزيز غالي، الذي تمت ترقيته في ديسمبر من نفس العام قائداً للجيش الثاني الميداني. وقبل ذلك بيوم، أي يوم الحرب في 6 أكتوبر، كانت أولى موجات المشاة المصريين، الذين عبروا قناة السويس تحت غطاء القصف المدفعي المصري، بقيادة اللواء (العقيد وقتذاك) شفيق متري سيدراك قائد الفرقة 16. استشهد سيدراك في معارك الدبابات في 9 أكتوبر، وهو يتقدم جنوده ومعه خمسة جنود في دبابة القيادة، وكان أول شهيد من الضباط في تلك الحرب. في تلك الحرب، فاجأ المصريون العالم بأسلوب بسيط لفتح ثغرات في خط بارليف المنيع، هي استخدام خراطيم المياه ذات الدفع العالي جداً، وتمكنوا من فتح ثغرات فيه في 4 ساعات، في حين كانت أفضل التوقعات تشير إلى أن المهمة قد تستغرق 24 ساعة. لكن ما لا يعرفه الكثيرون، أن فكرة استخدام خراطيم المياه، اقترحها ضابط في سلاح المهندسين، هو باقي زكي يوسف، الذي اقترح الفكرة للمرة الأولى عام 1969، وتم إبقاؤها سرية منذ ذلك الوقت وحتى تنفيذها يوم الحرب. المرحوم فؤاد عزيز…

العراق ولبنان.. آفاق التغيير

الأربعاء ٠٢ سبتمبر ٢٠١٥

مع فوارق المقارنة، تتقاطع احتجاجات الشباب العراقي المستمرة منذ شهر يوليو الماضي واحتجاجات الشباب اللبناني التي انطلقت قبل نحو أسبوعين في قواسم مشتركة عديدة مثلما هو الوضع المتشابه في كل من العراق ولبنان، لا من حيث طبيعة التركيبة السكانية وتنوعها فحسب، بل في طبيعة الطبقة السياسية وطبيعة الولاءات السياسية وكون النفوذ الايراني قاسماً مشتركاً في أوضاع كلا البلدين.   في كلا البلدين، حكومات ضعيفة وثمة طائفة واحدة تمتلك السلاح حصراً الى جانب سلاح الدولة وهذه الطائفة مدعومة بقوة من قبل ايران. ومثلما تم تبرير احتفاظ حزب الله بسلاحه بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000 باستمرار احتلال اسرائيل لـ«مزارع شبعا» رغم الجدل حول تبعيتها لسوريا بالأساس، تم تشكيل قوة مسلحة طائفية في العراق أسميت «الحشد الشعبي» أيضا لمحاربة عدو مستجد هو تنظيم «داعش» بعد استيلائه على مدينة الموصل العام الماضي. على هذا تصطدم أي محاولة او مساع للإصلاح او تقوية دور الدولة في كلا البلدين برفض من يملك السلاح الحصري هذا.   ففي لبنان بات سلاح حزب الله أداة لممارسة النفوذ في الداخل ضد الخصوم السياسيين. أما في العراق، فإن احتجاجات الشباب تبدو من منظور آخر تطوراً يقطع الطريق امام تشكيل قوة مماثلة لحزب الله في العراق، أي ميليشيا مسلحة وقوية يراد لها ان تكون اداة تأثير وهيمنة في العراق ايضا.…

عمر الشريف.. الوطأة الثقيلة للنوستالجيا

السبت ١٨ يوليو ٢٠١٥

توفر لنا لحظة التفكير في وفاة عمر الشريف فسحة للنوستالجيا، وما من شك أن من رثاه بتدوينة على موقع «فيسبوك» أو أي وسيلة أخرى قد لا يكون منجذباً للشهرة التي أحاطت به ولا لوسامته الأخاذة فحسب، بل إن استذكار الشريف وبتأثير اللحظة الراهنة فقط يبدو حنيناً مكتوماً لتلك الأزمان التي خلدتها أفلامه، وصورة احتجاج آخر لواقع راهن بلغ مداه في الوطأة الثقيلة. هكذا، وجدت نفسي وأنا أستعيد تاريخ عمر الشريف الفني متوقفاً أمام ثلاثة أفلام هي من أفضل ما شاهدت له مطبوعة في الذاكرة: "بداية ونهاية" للمخرج الراحل صلاح أبوسيف والمأخوذ عن رواية لنجيب محفوظ بنفس الاسم، "لورانس العرب" المأخوذ عن مذكرات واحد من أبرع الضباط الإنجليز في ذروة التوسع الاستعماري لبريطانيا، توماس إدوارد لورنس عن الثورة العربية، وأخيراً "دكتور جيفاغو" المأخوذ عن رواية للروائي الروسي بوريس باسترناك وكلا الفيلمين من إخراج الانجليزي ديفيد لين، واحد من أفضل مخرجي السينما العالمية. لا تكف المفارقات عن الظهور في كل لحظة استدعاء لمشهد أو آخر من تلك الأفلام. فمشاهد فيلم «لورنس العرب» والمسيرة الطويلة نحو دمشق ودخول الجيش العربي لها، وتتويج الملك فيصل ملكاً على سوريا، ستعيدنا وبشيء من القسوة إلى واقع راهن تبدو سوريا فيه برسم التقسيم إلى دويلات طائفية. سيستوقفنا بالتأكيد ذلك الحوار الملهم في الفيلم بين لورنس والجنرال اللنبي…

الأميركيون العرب عقليتان وأسلوبان

الأربعاء ٠٨ يوليو ٢٠١٥

في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، تأسست منظمة اهلية جديدة في اميركا على يد بعض الاميركيين من اصل عربي هي «اللجنة العربية الاميركية لمناهضة التمييز» التي تعرف اختصارا باسم «أيه. دي. سي- ADC». بدأت اللجنة بنشاطات متواضعة لحشد العرب الامريكيين في مختلف الولايات الاميركية والدفاع عن القضايا العربية خصوصا القضية الفلسطينية ومحاولة الوصول الى الجمهور الاميركي وتعريف الساسة والرأي العام في اميركا بوجهة النظر العربية. كان البعض ينظر لنشاط اللجنة بشيء من الشفقة وهو يعيد التذكير بسطوة اللوبي الصهيوني في اميركا ومنظماته العديدة مثل «آيباك». لكن ما ان حل عقد التسعينات إلا ونشطت اللجنة العربية الامريكية بشكل قوي في الساحة الاميركية وكانت نقطة التحول عام 1992. ففي ذلك العام اطلقت شركة «ديزني» فيلم الكارتون «علاء الدين» ومعه دشنت اللجنة العربية الاميركية معركة قانونية مع الشركة حول عبارات مسيئة للعرب في اغنية مقدمة الفيلم. كسبت اللجنة المعركة وتم حذف المقاطع المسيئة في الأغنية بل واتفقت شركة «ديزني» مع اللجنة على عرض اي سيناريو لفيلم او عمل فني عن المنطقة العربية او التاريخ العربي على اللجنة لقراءته والموافقة عليه قبل تنفيذه. وفي ذلك الوقت ايضا، قامت اللجنة برفع دعاوى في المحاكم في عدد من الولايات الاميركية ضد المدارس والمؤسسات التعليمية التي تدرس كتباً فيها اساءة للعرب أو المسلمين عموماً. وفي العام 1996،…

العدو الذي يتمناه الجميع

السبت ٠٤ يوليو ٢٠١٥

قبل حوالي 25 عاما ومع سقوط الاتحاد السوفيتي السابق في ديسمبر 1991، فرض سؤال حيوي نفسه: من هو العدو الجديد للغرب؟ لم يكن هناك جواب واضح ومحدد، لكن في الاسابيع القليلة التي تلت ذلك الحدث التاريخي، أدلى الرئيس الاسرائيلي السابق شمعون بيريز بتصريح مقتضب لكن محدد عندما اعلن ان "الاسلام هو العدو الجديد للغرب لان فيه نفس الطابع الشمولي للشيوعية". في العام 1991، كانت قد مضت ثلاث سنوات تقريبا على نشأة تنظيم "القاعدة" في غمرة الحرب الافغانية ضد الاتحاد السوفيتي وقبل بضعة شهور من انسحاب القوات السوفيتية من افغانستان في 1989. لكن السنوات اللاحقة في التسعينات ستشهد بروز تنظيم "القاعدة" على المستوى الدولي من خلال سلسلة من العمليات والتفجيرات في بلدان عدة. فمن تفجيرات فندق موفنبيك في عدن (1992) التي اعتبرت اولى عمليات تنظيم القاعدة وسلسلة من  الهجمات على القوات الامريكية في الصومال (1992-1993) وتفجيرات مراكش واسطنبول (1994) مرورا بتفجير السفارتين الامريكيتين في نيروبي (كينيا) ودار السلام (تنزانيا) عام 1998 والهجوم على المدمرة "يو اس اس كول" في ميناء عدن (2000)، كان تنظيم القاعدة يتوج المرحلة الاولى من عولمة الجهاد والتي بلغت ذروتها مع هجمات 11 سبتمبر 2011. لقد مثلت هجمات 11 سبتمبر بداية المرحلة الثانية في بروز تنظيم "القاعدة" باعتباره العدو الاول للغرب. فتلك الهجمات كرست القاعدة عدواً رئيسياً…

تفجيرات الجوامع .. مراجعات متأخرة

الأربعاء ٠١ يوليو ٢٠١٥

كشف التفجيرات التي تعرض لها جامع الإمام الصادق في منطقة الصوابر في الكويت مؤخراً ومن قبله جامع العنود في الدمام بالسعودية وجامع بلدة «القديح» في مايو المنصرم وحسينية قرية «الدالوة» العام الماضي، أن التخطيط لإشعال الإحتراب الاهلي في دول الخليج قد قطع شوطاً بعيداً. كما ان ردود الفعل التي تلت هذه الاعمال الارهابية ماتزال في غالبها (عدا القليل منها) تراوح في نفس منطق ومرجعيات هذا الإحتراب الذي مازال يسمم الحياة اليومية بشكل مستتر وموارب لكنه ثقيل الوطأة وأخطر ما فيه انه يمكن ان ينفجر بشكل غير متوقع مع تكرار اعمال إجرامية من هذا النوع وتوالي سقوط الضحايا الأبرياء ونفاد الصبر. ابرز ما كشفت عنه هذه التفجيرات هو الحاجة لمراجعة عميقة وأمينة لجملة من المفاهيم الرائجة التي تعيد في مجملها إنتاج خطاب الاحتراب الطائفي نفسه: «هم ونحن».. ضياع قيم «المواطنة»: رغم ردة الفعل الايجابية بعد تفجير مسجد العنود في الدمام اوائل يونيو وجامع الصادق في 26 منه المتمثلة في الصلوات المشتركة بين السنة والشيعة في المساجد الشيعية كبادرة تضامن بين مواطني بلد واحد، فان هذه المبادرات التي جاءت بدوافع حس إنساني بالدرجة الاولى، يتعين تطويرها لا لمزيد من الصلوات فحسب ونبذ منطق التكفير من الجميع، بل بتطوير مفهوم «المواطنة» الجامع بالدرجة الاولى. إعادة الاعتبار لقيم المواطنة هي عملية إعادة بناء بالأحرى…

العلاقات العامة: أسلوب إدارة أم أداة؟

الأربعاء ٢٤ يونيو ٢٠١٥

عندما تتصل بمركز اتصال أو خدمة لمصرف أو شركة كبرى ممن يستخدمون مركز اتصال للزبائن، يتحدث إليك موظفون مدربون على التعاطي مع الزبائن بلطف، ولربما يتم تحويلك لموظف تلو الآخر، لمجرد أن تبلغ عن مشكلة. في الغالب، فإن هؤلاء الموظفين لا يملكون تقديم حل إلا في حدود بسيطة، لهذا، فهم في أحسن الأحوال يسجلون الشكوى ويعدون بمراجعتك بعد أيام، أو يعطونك رقماً للمتابعة. يستهلون كلامهم بتوجيه الشكر لك على الاتصال، ويختمون المحادثة بالشكر من جديد على اتصالك، ويتمنون لك نهاراً سعيداً، بكلمات تتكرر دوماً على لسانهم (شكراً على اتصالك، نهارك سعيد). لكن ثمة شيء ناقص دوماً هو: «حل المشكلة». بعد عقود من التجربة، لم يبق في ذهني سوى تساؤل وحيد: هل العلاقات العامة أسلوب عمل وإدارة، أم أداة لترويج منجز حقيقي؟ فهذا اللطف الزائد الذي يبديه موظفو مراكز الاتصال، لا ينتهي بحل لمشكلة، وهو يعيدنا دوماً للنتيجة نفسها: «الكثير من الكلام اللطيف والقليل من الرضا أو عدمه غالباً». وفي كثير من الأحيان، يبدو الأمر مضيعة للوقت، فغالب مراكز الاتصال تجبرك على سماع دعايات وإعلانات لمدد تتراوح ما بين دقيقة إلى اثنتين، وتحولك من رقم إلى آخر، لمجرد التحدث مع شخص، وقد يحولك هذا على موظف آخر، أو يعطيك رقماً للمتابعة، أو يستمهلك للتحويل على شخص مختص. أما المختص فيعد في…