عقيدة البطة العرجاء

الثلاثاء ٢٢ مارس ٢٠١٦

منذ أقل من ثمان سنوات بأشهر عدة، كتبت في هذه الصحيفة مقالة قبل ظهور نتائج الانتخابات الأميركية التي جاءت بالسيد باراك أوباما إلى البيت الأبيض. وليسمح لي القارئ الكريم أن أقتطع جزءاً لا بأس به من هذه المقالة وأعيد نشرها مرة أخرى لتكون تمهيداً طويلاً جداً لما أريد قوله بخصوص «عقيدة أوباما». قلت تحت عنوان «فلنحلم بأميركا الجديدة بعد ربع قرن» في نوفمبر 2008 التالي: «المعسكر العالمي الذي يكره سياسات أميركا الحالية يتمنى فوز باراك أوباما، والمعسكر العالمي المتحالف مع أميركا لكنه يكره أن تكون أميركا في المقدمة دائماً يتمنى فوز باراك، والمعسكر العالمي الذي يحب أميركا ويكره المحافظين الجدد يتمنى فوز باراك أوباما، والمعسكر العالمي الذي يحب أميركا ويتمنى لأميركا أن تحب العالم يتمنى فوز باراك أوباما، والمعسكر العالمي الذي يحب أميركا ويحب جورج دبليو بوش يتمنى فوز جون ماكين. لذلك لو عملنا استفتاءً عالمياً حول من يفضل الناخب العالمي لرئاسة أميركا: باراك أوباما أم جون ماكين، لسحق أوباما منافسه الجمهوري، ولألحق به هزيمة شنعاء تتحدث بها ركبان البحر لمدة طويلة. لماذا ركبان البحر؟ لأن البحارة معروفون بالثرثرة التي لا تنتهي. أنا، كناخب عالمي أتمنى فوز باراك أوباما، لكنني أعرف في قرارة نفسي أن فوزه بالانتخابات لن يغير شيئاً على أرض الواقع اللهم في ما يختص بالمسألة العراقية، لأنها…

إحاطة ولد الشيخ أحمد: الصوت المستعار!

الثلاثاء ٢٣ فبراير ٢٠١٦

كانت كلمة مبعوث الأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد لأعضاء مجلس الأمن الأربعاء الماضي باهتة ورمادية ولا تحمل سوى معنى جديد واحد: إخلاء مسؤوليته الشخصية وتبرؤه من الفشل. قال ولد الشيخ أحمد ما هو مُقال في الأصل، وكرر ما هو مكرور، ودوّر ما هو دائر، وذكّر بما لم يغب عن البال، ثم أمسك العصا من المنتصف وقذفها في الهواء! تحدث مبعوث الأمم المتحدة عن الوضع الإنساني المتأزم في اليمن، وهذا ما يعرفه الجميع. وأفاض في شرح معاناة المدنيين وهذا ما يدركه الكل. لكنه لم يستطع ولو بجملة واحدة أن يبيّن لأعضاء مجلس الأمن والعالم الفرق بين الميليشيات المسلحة التي انتهكت السيادة اليمنية، والحكومة الشرعية. ولم يستطع ولو بإلماحة صغيرة أن يفرّق بين الجيوش النظامية التي تحترم عقائدها القتالية، والعصابات الخارجة عن القانون التي تقصف المدنيين بالصواريخ! افتتح ولد الشيخ أحمد إحاطته لمجلس الأمن بالتالي: «مناطق عدة في اليمن لا تزال تعاني من الغارات الجوية والعمليات العسكرية. كما ارتفع عدد الصواريخ التي أطلقت من دون تمييز على أراضي المملكة العربية السعودية. وزادت في الآونة الأخيرة حدة الأعمال القتالية وزاد معها الشحن الإقليمي، ما يهدد بتأخير انعقاد الجولة التالية من المحادثات». وهو هنا يتحدث عن طرفين متنازعين على مسألة لم يحددها، ومتساويين أمام الشرعية الدولية، تسببا في معاناة الشعب اليمني.…

السنّة من المرّيخ والشيعة من الزهرة!

الإثنين ٠١ يونيو ٢٠١٥

ما حدث في مسجد الإمام علي بن أبي طالب في قرية القديح بمحافظة القطيف وجامع الحسين بن علي بحي العنود في الدمام، ليس مواجهة بين غلاة السنة ومعتدلي الشيعة كما تروج بعض وسائل الإعلام الصديقة والعدوة للملكة. ما حدث هو عمل إرهابي قام به مجرمون ضد مواطنين آمنين، هكذا يمكن أن نسمي الأشياء بمسمياتها: مجرمون في مواجهة مواطنين ونقطة على السطر. هم مجرمون ولا تنبغي تسميتهم بغير ذلك، فمثلما أننا لا نستطيع أن نقول إن المختلس والسارق وتاجر المخدرات يرتكبون جرائمهم لأنهم سنة أو شيعة أو مسيحيون، فنحن أيضاً لا يمكننا القول إن الداعشي يرتكب جريمته لأنه سُنّي مؤول. انحراف الفطرة السوية عند «مجرم الدنيا» كاللص أو المزور أو المرتشي أو من في حكمهم لا يعني أنه تبنى مذهباً اجتماعياً متشدداً ونظرة فاحصة جديدة للحياة، تبرران له الأعمال الإجرامية الدنيوية التي يقوم بها، بل هو مجرم «اختار» الإجرام الدنيوي كأسلوب حياة. وكذلك انحراف الفطرة السوية عند «مجرم الدين» كالمكفر والمُزندِق والقاتل باسم الله، لا يعني أنه مؤمن صادق خانه التعبير فافترى، ودفعته الحماسة فمارس أعمالاً ليست من الدين في شيء، بل هو مجرم «اختار» الإجرام الديني كأسلوب حياة. هؤلاء الداعشيون لهم أسلوب حياتهم الخاص المبني على الإجرام الديني، ما يجعلنا نرفض إلحاقهم بجماعة أهل السنة. فهم وإن كانوا سنّة ابتدائيين،…

4 قضايا دولية في انتظار إيران

الإثنين ١٨ مايو ٢٠١٥

قالت مرضية أفخم المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية تعليقاً على قمة كامب ديفيد إن المزاعم حول أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة العربية مرفوضة، ووصفتها بأنها مكررة ولا تعكس الواقع. وقبل السيدة أفخم، دأب الساسة الإيرانيون خلال الأشهر القليلة الماضية على قول الجملة نفسها بوتيرة واحدة وبشكل يدعو للعجب، وكأنها إحدى الرسائل الاتصالية المفروضة عليهم من مرجعية عليا! الإيرانيون يرفضون هذه الفرضية أولاً، ويشيرون إلى أنها باتت تتكرر كثيراً في الفترة الأخيرة ثانياً، ويؤكدون أنها لا تعكس الواقع ثالثاً. 3 أجزاء رئيسة في جملة واحدة أصبحت من مسلمات الاتصال الإيراني بالمجتمع الدولي! فأي الأجزاء يقبل العرب؟ وأيها يرفضون؟ وأيها يحتاجون القيام بعمل ما تجاهه؟ في ما يتعلق بالجزء الأول من تصريح السيدة أفخم الذي يرفض الاتهامات، أو المزاعم كما ورد في التصريح، فهذا أمر متوقع، وهو من صميم الديبلوماسية الإيرانية منذ عقود، وعليه فإن العرب المتأثرين بالسياسة الإيرانية لا ينتظرون ولن ينتظروا اعترافاً من طهران بممارسة أنشطة معادية في الإقليم، إلا في حال واحدة، وهي تغيّر النظام الحالي، ومجيء نظام جديد ينسف إرث نظام الثورة الإسلامية، كما تسمى، بالكامل، ويمد يده لجيرانه على أمل إصلاح ما خربه «الملالي» والدهر! الجزء الثاني من التصريح صحيح 100 في المئة، فوزراء الخارجية العرب والمتحدثون الرسميون باسم الحكومات العربية باتوا يكررون مسألة التدخل الإيراني في…

الحوثي لن يستسلم فما الحل؟

الإثنين ١١ مايو ٢٠١٥

كانت رسالة الجيش السعودي قوية واضحة وموجعة، في الرد على استهداف المدن السعودية الحدودية: «حدود المملكة خط أحمر، ومن يتعرض لها عليه تحمل النتائج!». عملية تأمين الحدود ليست عملية انتقامية، وليست ثأراً لنجران أو جازان، كما روّجت وتروّج بعض الفضائيات المحسوبة على السعودية، وإنما هي عملية متصلة ومستمرة تهدف إلى حماية حدود السعودية وتأمينها ضد كل من تسول له نفسه المساس بها. السعودية وحلفاؤها أعلنوا إطلاق «عاصفة الحزم» لإعادة التوازن إلى الجمهورية اليمنية، جاؤوا حاملين معهم الحلول السريعة والواجبة التنفيذ بشكل فوري، تفادياً لسقوط اليمن في حفرة الفوضى برعاية إيرانية. لم تكن العاصفة موجهة ضد الشعب اليمني ولا الجيش اليمني ولا الحكومة اليمنية الشرعية، وإنما استهدفت تحركات غير شرعية وغير نظامية لميليشيا مسلحة لا يعترف بها الدستور اليمني، لذلك كان من غير المقبول أن يتم استهداف المدن والبلدات السعودية بهذا الشكل الذي يوحي بأن هناك مواجهة مباشرة بين السعودية واليمن! ما تقوم به المملكة وحلفاؤها هو محاولة إعادة الأوضاع في اليمن إلى ما قبل احتلال ميليشيا الحوثي - صالح، لدماج وعمران ومن ثم صنعاء في الـ21 من أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، والعمل على نزع سلاحها وتحويلها إلى تجمع مدني موازٍ لبقية التيارات السياسية اليمنية، وقابل للخضوع لشرعية الحوار السلمي الذي ليس فيه غلبة طرف على طرف. المملكة وحلفاؤها ليس…

السعودية في المرحلة التي أحلم بها

الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥

من الواضح أن الملك سلمان بن عبدالعزيز يعمل بحزم وعزم لافتين على نقل المملكة العربية السعودية من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الرابعة في الدولة السعودية الثالثة. بدأت المرحلة الأولى بدخول الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله ورفقاء التأسيس والتوحيد مدينة الرياض عام 1902 واستمرت قرابة الثلاثين عاماً. وكانت فترة عسكرية بامتياز، إذ كان المطلوب من كل سعودي حينها، مدنياً كان أم مجنداً، أن يشارك بما يستطيعه في المجهود الحربي الرامي إلى استعادة الأمن في الجزيرة العربية وتوحيد أقاليمها وأطرافها ومكوناتها البشرية تحت علم واحد. شُدت الأحزمة على البطون في تلك الفترة، ووضع الناس آمالهم وأمنياتهم في «مؤجلات الغيب» لحين تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في استعادة الدولة من يد الفوضى والانفلات الأمني. ثم جاءت المرحلة الثانية بعد اكتمال التوحيد في قلب الملك المؤسس وإعلان اسم المملكة العربية السعودية عام 1932، وتميزت بوضع الأسس المتينة للدولة، وبناء الكيانات السياسية والاقتصادية والخدمية الرئيسة التي ضمنت آنذاك الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لمواطني المملكة. وفي العام 1953 بدأ عهد جديد بتسلم الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله مقاليد الحكم بعد وفــــاة أبيه. انتــــــــقل الحكم في هذه المرحلة في شكل رأسي من الأب المؤســـس إلى الابن، وخلال أكثر من ستين عاماً سار الحكم في خط أفقي بين الإخوة أبناء الملك عبدالعزيز في سلام…

هل تأخر الوقت في اليمن؟

الإثنين ٢٣ مارس ٢٠١٥

لو عاد الزمن بالخليجيين إلى عام 2011، هل سيسلكون المسلك نفسه في علاج الأزمة اليمنية؟ هل كانوا ليتخلون عن الرئيس القوي علي عبدالله صالح الذي كان يستطيع بمساعدتهم حكم اليمن وبسط سيطرة الدولة على التراب اليمني كافة أم سيعملون مع القوى الثائرة على ضمان وحدة اليمن من خلال إبقاء الرئيس السابق في سجن المنفى وعزله تماماً عن مصادر قوته في الداخل؟ هل كانوا سيراجعون المبادرة الخليجية بحيث تجرّم صالح وتضعه وجهاً لوجه أمام العدالة الدولية أم سيعيدون ما فعلوه نفسه طمعاً في سيناريوات جديدة ومختلفة؟ مشكلة دول المنطقة، واليمن ودول الخليج ليست استثناءً، أنها تعتقد بأن الاستقرار السياسي والديموقراطية يأتيان بالنيات الطيبة والأماني المخلصة. يعتقد المسؤولون في هذا الجزء من العالم أن الأمور تسير دائماً وفق ما هو مخطط لها على الورق. يظنون أن النظرية تؤدي دائماً إلى التطبيق من غير الحاجة إلى توفير البيئات المناسبة والشروط اللازمة للانتقال من الأمنية إلى الواقع. هذا ما حدث مع الأزمة اليمنية بالضبط في عام 2011. اجتمع الخليجيون مع القوى اليمنية ومن بينها كتلة علي عبدالله صالح، واتفقوا على أن يخرج الرئيس من دائرة الحكم معززاً مكرماً محصناً ضد الملاحقة القانونية، ويُسلم اليمن إلى رئيس توافقي على أن يختار اليمنيون بعد ذلك رئيسهم في انتخابات عامة. جرت الأمور ببساطة شديدة، واختلط لمعان الأسنان…

أيتها الأميركا: لكل حلف ثمنه

الإثنين ٢٣ فبراير ٢٠١٥

من يتابع مجريات العلاقة الأميركية - الروسية في السنوات القليلة الماضية، سيلحظ أن مواقف البلدين من أية قضية دولية لا تخضع لحسابات القضية نفسها، إنما هي رهن بطبيعة العلاقة بين واشنطن وموسكو وتحولاتها المختلفة. في كل شبر من الكرة الأرضية هناك دائماً وجهتا نظر مختلفتان، وهناك موقفان رئيسيان متضادان، وهناك محاولتا استقطاب على طرفي نقيض. في كل شبر من الأرض هناك دائماً أميركا وروسيا. من أميركا الجنوبية، مروراً بأفريقيا وحتى أقصى الشرق الآسيوي، يوجد بلدان يضعان العصي في العجلات بالتناوب في كل الاشتباكات السياسية، وهو ما خلق مناطق، ذات مشكلات مزمنة وعصية على الحل، في أماكن كثيرة من العالم، تذكرنا في شكل الخريطة العالمية وطبيعة العلاقات الدولية في حقبة الحرب الباردة. الدب الروسي جاء إلى منطقة الشرق الأوسط مدفوعاً برغبة جامحة في تكريس مفهوم العالم الثنائي القطب، والحفاظ على توازن الوجود في مقابل الحمار الديموقراطي الأميركي، الذي يرد بالشكل والقوة عينهما، لإبقاء الأوضاع كما هي. أما أميركا فأنهكها التعامل مع أزمات العالم وحدها، وخسرت خلال السنوات التي تلت انتهاء الحرب الباردة الكثير من رصيدها على المستويين الداخلي والدولي، بسبب وجودها منفردة في أماكن الصراعات في العالم، فقررت أن تسمح للروس بالعودة من جديد، ولكن بمقدار محسوب بدقة، إلى ساحة المنافسة، لتتخلص من تبعات كونها القطب الأوحد في العالم، وما يترتب…

حرب البترول!

الإثنين ٢٩ ديسمبر ٢٠١٤

قبل سنوات طويلة، استخدمت السعودية سلاح النفط في حربها ضد الدول التي «لا تملك النفط». واليوم يُقال انها عادت لاستخدام السلاح ذاته في حرب موجهة ضد الدول التي «تملك النفط». قبل عقود جففت المنابع للتأثير في جهات المصب. قطعت الإمدادات البترولية للتعبير عن خيبة الأمل في الحلفاء الغربيين الذين يستهلكون النفط العربي بشراهة من غير أن يقدموا مقابلاً استراتيجياً لذلك. واليوم أغرقت السوق النفطية بحصة «أوبك» الثابتة للتعبير عن غضبها من النفطيين الذين يتآمرون ضدها وضد الاستقرار في محيطها الإقليمي. الحرب الأولى نعرفها جميعاً ونؤكدها جميعاً، أما الحرب الثانية فنشاهدها ولا نستطيع تأكيد حقيقتها أو رفضها! في هذه المقالة سأفترض صدقية الحد الثاني من هذه الثنائية، وأقارن ما بين الوضعين النفطيين المتعاكسين، وأرصد الخسائر والأرباح لكل منهما. في السبعينات، قرر الملك فيصل وضع مستقبل الاقتصاد السعودي في دائرة المجهول، وقرر قطع البترول عن أميركا بسبب وقوفها مع إسرائيل ضد الحقوق العربية التي لم تكن كلها وطنية خالصة بالكامل، بل كان يشوب الكثير منها الأماني والآمال «القومجية». الملك فيصل كان يعلم أن قرار وقف البترول عن أميركا سيضر بالاقتصاد السعودي، وكان يعلم في الوقت نفسه أن دعم الجانب المصري والسوري سيزيد من تطلعاتهما القومية ويضر بالمشروع السعودي القائم على تعويم «العروبية» في المحيط الإسلامي من أجل الحد من النفوذ السوري والمصري…

مستقبل دول الخليج العربي

الإثنين ١٥ ديسمبر ٢٠١٤

من الجنون جداً أن يستمر الإماراتي والقطري والكويتي والبحريني والعُماني في تحديث دولهم وتمدينها ورص جبال الثروة بعضها فوق بعض، من غير أن يبنوا جيوشاً عظيمة تحمي هذه المكتسبات الوطنية وتذود عنها. من غير المعقول أن تنمو شجرة الاقتصاد وتتعاظم بشكل سنوي في هذه الدول من غير أن يكون لها معادل عسكري يوفر لها أسباب البقاء والحياة. لكن في المقابل من غير المنطقي أن تبني دولة مثل الإمارات جيشاً قوياً من مئات الآلاف من الرجال ومئات الطائرات المقاتلة وآلاف القطع العسكرية، لهذه الغاية. ومن المستحيل أن توازن قطر، بشعبها قليل العدد، بين ثورتها الاقتصادية والقدرة على حماية هذه الثورة! الكويت والبحرين غير قادرتين كذلك على فعل ذلك. السعودية وحدها من بين دول الخليج التي تستطيع أن تبني قوة عسكرية تعادل بنية ثرواتها. لهذا، وبناء على السبب البدهي أعلاه، والسبب الاستراتيجي اللاحق، فإن بناء جيش خليجي كبير تابع لدول الخليج الست أضحى أمراً ملحاً وضرورة كبرى وليس خياراً خاضعاً لحسابات «الصفاء» بين الإخوة قادة دول مجلس التعاون الخليجي. بدهياً، فإن وجود جيش خليجي أول في قطر، وثانٍ في الإمارات، وثالث في الكويت، ورابع في السعودية، وقاعدة بحرية ضخمة في عُمان، وقاعدة جوية كبيرة في البحرين، سيؤمِّن جداراً عالياً يحمي المكتسبات الخليجية الحالية، ويضمن مستقبلاً آمناً للتطلعات الاقتصادية وأماني البناء والتحديث والتمدين.…

أين الطريق إلى النجاة في اليمن؟

الإثنين ١٥ سبتمبر ٢٠١٤

الأزمة اليمنية تتصاعد، وكل المؤشرات تشير إلى أن الحلول المطروحة الآن على طاولة المتفاوضين ليست سوى مسكنات ومهدئات ليس بمقدورها إنهاء الأزمة من جذورها، وإنما - وهنا يكمن الخطر - إطالة أمدها وتأجيل انفجارها بالكامل أو حلها بالكامل! اليمنيون المؤملون بالحلول الجذرية يضعون عيناً على التجاذبات الداخلية التي يشتبك فيها الحكومي بالديني والقبلي، وأخرى على القوى الدولية التي تتجاذب هي أيضاً في ما بينها سعياً وراء المصالح الخاصة لكل دولة معنية بالملف اليمني. اليمنيون في الداخل اليمني والمعنيون بقضيتهم في الخارج، ارتكبوا وما زالوا يرتكبون أخطاء كارثية - تاريخاً وحاضراً - جعلت من هذه الأرض «السعيدة» موئلاً للحزن والشقاء والفقر والتخلف الاقتصادي! فبالنسبة لأخطاء الحكومة اليمنية الحالية فتتركز بتقديري في منطقتين رئيستين. الأولى عدم التعامل مع مخلفات الرئيس السابق علي عبدالله صالح - ومنها جماعة أنصار الله - بشكل يضمن إدخال الصالح منها في العملية السياسية وإقصاء المعطوب منها من المشاهد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كافة. كان على دولة الرئيس عبدربه منصور هادي جر الحوثيين إلى الدخول في العملية السياسية من خلال تعويمهم في التشابك السياسي كحزب مدني يعمل من خلال نظام سياسي محمي بثلاث لاءات: لا للأحزاب الدينية ولا للأحزاب القبلية ولا للأحزاب الجهوية. مشكلة حكومة عبدربه منصور هادي أنه سار على خطى سلفه السابق في ما يتعلق بالتعامل مع…

بانتظار ربيع غزة

الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤

تقول الأخبار إن الرأي العام الإسرائيلي يضغط على حكومة بنيامين نتنياهو باتجاه إنهاء الحرب، حفاظاً على أرواح الجنود الإسرائيليين الذين مات منهم العشرات حتى كتابة هذه المقالة! هـــل سمعنا في المقابل عن ضغط مماثل من الشعب الغزّاوي على حكومة «حماس» المقالة لإنقاذ حياة فلسطينيي غزة الذين فقدوا حتى الساعة عشرات المئات من أبنائهم وبناتهم المدنيين؟! أمر آخر... الحكومة الإسرائيلية تتحدث بين الحين والآخر عن شروط وقف الحرب على غزة، وعن متطلباتها وأجندتها في التفاوض، فهل سمعنا كلاماً واحداً لا يتغير لقادة «حماس» حول ماذا يريدون بالضبط قوله وسماعه في جولات التفاوض؟! من الواضح أنه ليس هناك رأي عام في غزة الآن مع استمرار الحرب أو ضدها. الفلسطينيون في غزة الذين يتنقلون ما بين المدارس والمساجد والملاجئ غير قادرين على التعبير عن رأيهم في هذه الحرب المفروضة عليهم، لأنهم يعيشون تحت سلطة قمعية لا تختلف كثيراً عن «الهوى العربي» في إدارة الدول. هم هناك يسمعون عبر الأخبار ويقرأون عبر وسائل التواصل الاجتماعي جولات الكر والفر التي يقوم بها الآخرون نيابة عنهم، ويعايشون يومياً الشيزوفرينيا العربية التي تتحدث مرة عن الانتصارات العربية والهزيمة اليهودية وتدعوهم إلى مواصلة المواجهة، وتتحدث مرة إلى المجتمع الدولي، طالبةً منه التدخل الفوري لإنقاذ الفلسطينيين من آلة البطش الإسرائيلية. في السعودية ومصر والمغرب والكويت والإمارات والعراق والجزائر تنقسم…