جمال بنون
جمال بنون
إعلامي وكاتب اقتصادي

كيف تلقى الإماراتيون الخبر؟

الإثنين ١٠ أغسطس ٢٠١٥

خبر تحرير أسعار الوقود في الإمارات، لو أن هذا الخبر تم في إحدى الدول العربية غير الخليجية، لشاهدنا مسيرات ومظاهرات وارتفعت اللوحات وخرج علينا خطباء المساجد ومتنطعو القنوات الفضائية يحذِّرون الدولة من مغبة انعكاسات سلبية قد تظهر على المجتمع؛ بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغاز. وشاهدنا علــى مــر العقود الماضية، كيف يستغل بعضهم الإصلاحات الاقتصادية؛ لتأجيج الشارع وتهييجه واستخدام البسطاء والشباب وقوداً لهذه المقاصد. وهذا ما جعل دولاً عربية ترزح تحت الديون لمصلحة البنك الدولي والدول التي تقدم القروض والمنح، وجعلها عرضة لأي قرارات تفرضها منظمات مانحة وفرض المزيد من الضرائب أو تعاني من عجز في موازنتها ونقص في مواردها الاقتصادية. ولدينا في الدول العربية أمثلة كثيرة. وفي الجانب الآخر، دخلتُ مواقع التواصل الاجتماعي، من أهمها «تويتر»، أبحث إن كان صدر أي تذمر أو إزعاج من رفع أسعار الوقود، أو أي احتجاجات أو انتقادات، إلا أنني لم أرَ أياً من هذه المؤشرات التي تجعلك كمتابع لنهضة هذه الدولة أنها أزعجت مواطنيها، حتى المقيمين فيها. نعود إلى الإمارات التي أعلنت أنها ستطبق قرار تحرير الوقود تدريجياً، وبدأت بالفعل، ومهما ارتفعت هذه الأسعار إلا أنها لا تزال البداية لتحرير الوقود، فالمواطنون في الخليج ينعمون بأسعار منخفضة وتتحمل بلدانهم فرق الكلفة، إلا أنه مع مرور السنوات، أصبحت تشكل عبئاً على خزانة الدولة وأيضا على…

بعض الدول العربية.. تشبه اليونان

الإثنين ١٣ يوليو ٢٠١٥

< ربما تتحسن أحوال اليونان المادية؛ حينما تتوصل إلى اتفاقٍ مع الدائنين، إضافة إلى ضغط الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي سيساعد هذا البلد في أن يخرج قوياً من أزمته، التي بدأت منذ سبعة أعوام، متجاوزاً الديون والعجز الاقتصادي، وتعود إليه صحته من جديد ويتمكن من تقليص ديونه البالغة 360 بليون دولار، ووصلت إلى 180 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. إذا كانت أزمة اقتصادية لبلد عضو في الاتحاد الأوروبي جعلته يتخذ كل هذه الخطوات الاحترازية، من وقف صرف العملات وإغلاق المصارف وإعادة النظر في الإنفاق الحكومي وغيرها من التدابير الأخرى، إذاً يجب أن تكون حال اليونان عبرة ودرساً اقتصادياً لمعظم الدول العربية والإسلامية، التي تعيش فوضى وسوء تخطيط في إدارة بلادها وفق النظريات الاقتصادية، إذا كانت اليونان افتتحت ربيع الاقتصاد العالمي باكراً عام 2009، فالعالم العربي دفع الأغلى حينما انطلقت فوضى الربيع العربي مطلع العام 2011. بالنسبة لدول مثل البرازيل واليونان وإسبانيا والأرجنتين فرصة لتصحيح اقتصادها ومعالجة الخلل الحكومي وهاهي الآن تتحسن أوضاعها، فالبرازيل تتعافى وتتجه إلى أن تكون رابع قوة اقتصادية في العالم، بعد أزمات سياسية واقتصادية، والحال كذلك بالنسبة للأرجنتين، التي اتخذت خطوات يصفها المراقبون أنها الأنموذج الأمثل للصعود من الهاوية، عكس إسبانيا التي ينتظر أن تلحق بقطار اليونان إذا لم تحلق بالمزيد من الإصلاحات المالية والاقتصادية. في…

لا عمرة.. إلا بتصريح

الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥

من غير المعقول أن تقفز أسعار الغرف المطلة على الحرم المكي الشريف أو المسجد النبوي من 70 ألفاً إلى 120 ألف ريال في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ويبقى المعتمرون والزوار تائهين يبحثون عن غرفة بسعر مناسب أو أنهم سيسكنون في منازل شعبية لا تتوفر فيها وسائل السلامة وصحة البيئة. وكل هذا يحدث لعدم تنظيم سوق العمرة في السعودية، مع حركة التوسعات التي يشهدها الحرمان الشريفان، وتدفق عشوائي من معتمري الداخل، مع كثافة زوار الخارج، ما يخلق إرباكاً مرورياً وأزمة في الشوارع والطرقات وما ينتج منها من حوادث مرورية، وضغط شديد على رجال المرور في تنظيم الحركة، نضيف إليها الضيوف الرسميين وإفساح الطريق لهم، ما يزيد في الازدحام. هذه الفوضى الخلابة في عدم تنظيم نشاط العمرة في الداخل، سواء للمواطنين أم للإخوة المقيمين الوافدين، أسهم في ارتفاع كلفة العمرة في السعودية، وبالتالي تأثر قطاع الخدمات الأخرى، فتسبب في مضايقة شديدة لكبار السن والنساء والعجزة داخل الحرمين من عدم توفير عربات لهم من شدة الزحام، إذ لا تكفي الكميات الموجودة في تغطية الطلب، وقس على ذلك انعكاسها على الفنادق والغرف والشقق السكنية وسيارات النقل، وضغط على شركات النقل الجوية المحلية، وأيضاً يؤدي إلى تدني الخدمة المقدمة للمعتمرين ومضاعفة الأعباء على المؤسسات الحكومية الخدمية من نظافة ونقل مخلفات وزيادة مراقبين ومشرفين.…

بنك «صيني» في السعودية

الإثنين ٠٨ يونيو ٢٠١٥

لم يلتفت الصينيون إلى جملة الأحداث السياسية المضطربة، التي تعيشها دول الخليج وما جاورها من التمدد الإرهابي في العراق وفي وسورية، ومحاربة الحوثيين في اليمن، وانشغال دول الخليج مع عدد من الأزمات السياسية، فأعلنوا الأسبوع الماضي افتتاح أول فرع لواحد من أكبر البنوك الصينية، وهو البنك الصناعي والتجاري، واتخذ من الرياض مقراً له؛ ليكون بذلك الفرع الخامس له في منطقة الشرق الأوسط بعد دبي وأبوظبي والدوحة والكويت. ويلاحظ أن البنك الأكبر عالمياً اختار دول الخليج؛ ليكون مقراً لعملياتها في الشرق الأوسط، وهذا لا يأتي من فراغ، فهذه الدول تختار مواقعها الاستثمارية بعناية فائقة وبعد دراسة مستفيضة لأوضاع السوق، تضع في الحسبان كل الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية. السعودية اليوم تعد أحد أكبر الأسواق العربية في منطقة الشرق الأوسط، وتمتلك ملاءةً مالية وقدرة عالية على التحكم في الأسواق العالمية والتأثير فيها، ووفق التصنيف الائتماني للسعودية الذي أصدرته وكالة موديز للتصنيف الائتماني، منحتها نظرة مستقبلية مستقرة، على رغم تراجع أسعار النفط دون 60 دولاراً للبرميل، وحصلت بموجبه على AA3، وفي تقريرها الأخير أشارت إلى أن الوفورات المالية التي حققتها خلال الأعوام القليلة الماضية والمديونية المنخفضة لعبتا دوراً كبيراً في بقاء السعودية في هذا التصنيف المرتفع، وأن القوة المالية ستستمر خلال الأعوام المقبلة بما يفوق الأثر السلبي. إن دخول بنوك ومصارف أجنبية إلى السوق…

تماسك البيت السعودي.. هل فاجأ العالم؟

الإثنين ٢٦ يناير ٢٠١٥

الدقائق الأولى بعد خبر وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإعلان مبايعة شقيقه الأمير سلمان بن عبدالعزيز ملكاً على البلاد، وبقية طاقم سدة الحكم في المرحلة المستقبلية، كانت كافية لإيصال رسائل إلى العالم أجمع، أن البيت السعودي -كالعادة- متماسك ومتوحد؛ ابتداءً من الأسرة المالكة إلى الشعب، كشفت كل الضبابية التي كان يرسمها المرجفون، ويحاولون البحث عن ثقب إبرة، فنزل الخبر عليهم كالصاعقة. المتربصون بزعزعة أمن السعودية، هذه المرة كانت توقعاتهم عالية، فالدول التي شهدت بلدانها ربيعاً عربياً مزعوماً بالوهم، والدول التي لم تستقر لا أمنياً ولا اقتصادياً مزقتها الطائفية والمذهبية، وها هي الآن تحصد الدمار والقتل والتشرد لشعوبها، وهجرت الأموال وخلقت البطالة؛ فانتشرت الجريمة بشكل مخيف، وحاولت دولاً عدة التي يهمها أن لا ترى أمن هذه البلاد واستقراره، أن تبث روح الإحباط، إلا أنها فشلت. استطاعت السعودية أن تتجاوز أزمة «الربيع العربي» وتبعاته منذ أعوام، كما أنها تعدت مرحلة الخوف من الإرهاب، وجلست له بالمرصاد، حتى قضت عليه على أرض الواقع، ولم يتبقَّ إلا فلول تلفظ أنفاسها الأخيرة مع تكاتف الجبهة الداخلية، واستطاع الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز أن يبعد آثار هذه الأزمة المفتعلة؛ بضخ المزيد من الإصلاحات في الداخل تارة، وتارة أخرى بمساعيه وحنكته في معالجة القضايا التي تسهم في استقرار الدول المتأزمة. في الشأن المحلي، كانت أكبر إنجازاته التي…

وزير البترول.. لهذا السبب لست قلقاً

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

كان للتو عائداً من اجتماع عاصف في النمسا لأعضاء «أوبك»، الاجتماع الذي حول أنظار العالم إلى تصريحات وزير النفط السعودي علي النعيمي، بعد تداول معلومات عدة عن اتفاق على عدم خفض الإنتاج. فيما كانت وسائل الإعلام الغربية والعالمية تتناقل أخبار الصراع في سوق النفط بين مؤيد ومعارض، وما بين ادعاء أن دول الخليج تخوض حرباً خفية ضد النفط الصخري، وأيضاً لإضعاف الروبل الروسي. كان الوزير السعودي على النعيمي يخوض حرباً أخرى في مدينة ليما عاصمة بيرو، التي شهدت انعقاد قمة المناخ في دورتها الـ20، وحضرها رؤساء بعض الدول ووزراء طاقة وبيئة، إذ يمثل العرب في مفاوضات مع الدول الأوروبية، التي تسعى إلى تمرير ضريبة الكربون على الدول المنتجة للنفط. التقيت الوزير النعيمي خلال المؤتمر في جناح السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي مع فريق عمله، كان أكثر من هادئ، يقف ويستمع إلى ورش العمل والمحاضرات التي نظمها الجناح السعودي بالتعاون مع شركة أرامكو والجامعات السعودية، يتناقش مع معاونيه. جل وقته كان منشغلاً في اجتماعاته الجانبية في مفاوضاته مع الفرق الأخرى، التقى في مكتبه في مقر المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كان معظم وقته في الجناح اجتماعات مغلقة ولقاءات. سألتُ الوزير النعيمي بعد أن أتم زيارته للجناح الخليجي، وحضر جانباً من ورشة العمل عن دور السعودية في مكافحة التلوث،…

الطريق الذي اختارته دبي

الإثنين ١٧ نوفمبر ٢٠١٤

إذا كنت تسير في شارع الشيخ زايد في إمارة دبي بعد السابعة مساء، ستضيء لك الأبراج السكنية العالية بالأضواء الملونة، التي تعلو هذه المباني، واللوحات الدعائية والإعلانية التي تملأ جوانب الطريق، وأسماء كبرى الشركات العالمية التي تتخذ من هذه الإمارة مقراً إقليمياً لها في المنطقة، فيما البعض من هذه اللوحات تحمل صور المشاهير من الممثلين والشخصيات التجارية، الذين يزورون دبي لإقامة فعاليات، أو المشاركة في إحدى المناسبات المقامة، وفي مسافة قصيرة من جسر القرهود المتجه إلى منطقة جبل علي تنتشر المئات من الأبراج الفندقية والتجارية، في مقدمها برج خليفة أعلى مبنى في العالم، ستستمع بهذا المنظر في الليل وكأنها قصة رومانسية يتناوب في سردها كل برج شاهق، وتتذكر شوارع عالمية مثل أورشا رود في سنغافورة وبرود واي في نيويورك، من حيث انضباط حركة السير والنظام والترتيب، لا يمر عام من دون أن تعلن حكومة دبي منجزاً حضارياً جديداً يضاف إلى سكان هذه الإمارة، وحينما تحتفل الإمارات العربية المتحدة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل بمرور 43 عاماً على تأسيسها، إذ بدأت معظم المحال التجارية والمباني تعلق أعلام الدولة على أسطح المنازل أو في واجهتها وداخل المحال، فهي تحتفل بمسيرة إنجازات تحققت خلال أعوام قليلة، واستطاعت أن تضع لنفسها مكانة على خريطة العالم. الأسبوع الماضي أطلقت هيئة الطرق والمواصلات في دبي خدمة…

«سرقونا.. يا طويل العمر» !

الإثنين ٠٦ أكتوبر ٢٠١٤

كان هذا في يوم الاحتفال باليوم الوطني للسعودية ومرور 84 عاماً على تأسيسه على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، كنت في أحد المقاهي المطلة على كورنيش جدة برفقة بعض الزملاء والأصدقاء، حيث كان أحد البرامج التلفزيونية تقدم لقاءات وأناشيد وأغنيات بهذه المناسبة السعيدة، ويصاحب هذه المشاهد واللقطات صور لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصور أخرى لولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز وولي ولي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ومشاهد لمشاريع وشوارع وأطفال فرحين، في الطرف الآخر كنا نسمع أصوات فرح وسيارات ترفع من صوت المذياع لأغاني وطنية وشباب يعبِّرون عن فرحتهم برقصات ولباس ملون، وأطفال يطيِّرون بالونات عليها ابتسامات وذات ألوان بيضاء وخضراء. في المقعد المجاور لنا كانت تجلس مجموعة من الأشخاص أعمارهم متفاوتة من 30 و60، كانوا سبعة، هكذا لمحتهم حينما جلسنا بجوارهم، لم ألتفت إليهم في بادئ الأمر، فالمقهى مليء ومزدحم بالناس، وجميعهم من الذكور، تركوا عائلاتهم بالقرب من البحر وجاءوا إلى المقهى ليمضوا بعض الوقت، وسط هذا الضجيج في المقهى كان صوت المتحدثين في المقعد المجاور الأعلى والأكثر وضوحاً، أحدهم رفع صوته وهو يشاهد صورة الملك عبدالله مرافقة لأحد الأناشيد الوطنية، فقال ليُسمع أصدقاءه الجالسين معه: «سرقونا يا طويل العمر»، فقال له صديقه بجواره: «يا أخي اخفض صوتك.. خلينا نفرح بلاش نكد، تجينا الحكومة…

الابتعاث.. قلب طاولة «القاعدة»

الإثنين ١١ أغسطس ٢٠١٤

قبل 30 عاماً أو أكثر، كانت بعض البيوت السعودية إن لم تكن جميعها تشتكي من انضمام أحد أفرادها إلى الجهاديين والمقاتلين ضد القوات الروسية أو الاتحاد السوفيتي حينذاك التي احتلت أفغانستان واستمرت الحرب 10 أعوام، وعلى رغم أن الكثير من السعوديين آثروا وقتها للحديث عن أبنائهم الذين فجأة تركوا أعمالهم ووظائفهم واندفعوا إلى ساحات القتال بعد أن ساعدت في تأجيج واشتعال حب الجهاد المنابر والمساجد وفصول الدراسة وحلقات القرآن الكريم، بل إن إعلان الجهاد كان يصدر جهاراً من بعض العلماء والمشايخ، وقتها لم تكن الجهات الحكومية متيقظة ومدركة لأبعاد هذا التوجه. هذا الأمر حينها مزق المجتمع السعودي وفكك وشائجه وتباينت الآراء ما بين حقيقة المشاركة في الحرب والانضمام مع المقاتلين. هذا الاندفاع الكبير من الشباب السعودي نحو القتال في المواقع الساخنة والانضمام إلى جماعات مقاتلة، وضع السعودية في موقف محرج، خصوصاً وأنها جاءت مع طفرة التنمية وفورة الانتعاش الاقتصادي الذي تعيشه والذي كان من المفترض أن يعكس صورة إيجابية عن التنمية في البلاد من صحة وتعليم ومهن وخلق فرص عمل، فسواعد الشباب التي التحقت بالتعليم في مجالاته كافة وجدت نفسها في نهاية المطاف تستسلم لأفكار مضللة، الهدف منها ضرب التنمية السعودية وخلق فجوة كبيرة بين التنمية والشباب. وجدت السعودية أن كل ما تبذله من أجل الشباب ومستقبله يذهب هدراً مع…

مصارفنا تنام على وسادة محشوّة بـ«الفلوس»

الإثنين ٠٧ يوليو ٢٠١٤

من حسن حظ المصارف السعودية أنها تنام وتستيقظ على أنغام النقود التي تتساقط عليها من كل حدب وصوب، ومعظمها حسابات مصرفية جارية وودائع لا يستثمرها الأفراد، فهي تجني من هذه الودائع مبالغ طائلة وتحقق أرباحاً خيالية من دون أي جهد أو تعب أو مشقة، ولهذا دائماً تأتي أرباحها الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا لا تستغرب، أن يبقى رئيس مجلس إدارة أو مدير عام في منصبه داخل هذه المصارف لأعوام طويلة من دون تغيير، والسبب أنه طالما تحقق هذه المصارف عوائد جيدة وأرباحاً مرتفعة ومخاطر قليلة، فلماذا تصدع رأسها وتستبدل مديريها؟ تشير التقارير المصرفية، إلى أن المصارف حققت أرباحاً وصفت بالتاريخية والاستثنائية والأعلى في تاريخها، إذ بلغت 38 بليون ريال العام الماضي، في مقابل 35 بليوناً في 2012، ولا نريد أن نحسدها على دخلها المرتفع، ولا نريد أن نوقظ مؤسسة النقد المعنية بمراقبتها من سباتها، فعلى رغم هذه الأرباح العالية فمساهمة المصارف تجاه المسؤولية الاجتماعية لا تذكر إطلاقاً، وإن حصل أن ساهمت فهي تكاد «تذلك» وتفضحك في كل مكان، وتريد أن تتكرم وتتصور وتنشر في كل مكان على مساهمتها البسيطة في مشروع أو عمل اجتماعي، فيذهب جل المساهمة في موازنة الإعلان عن تبرع المصرف وتكريمه، فيما يذهب مبلغ بسيط في المساهمة الاجتماعية التي من أجلها، وفي الدول المتقدمة تخصص المصارف…

جدة التاريخية.. حصالة نقود كيف نستثمرها؟

الإثنين ٣٠ يونيو ٢٠١٤

احتفل أهالي مدينة جدة الساحلية قبل أسبوعين بانضمام المنطقة التاريخية إلى قائمة التراث العالمي، وبذلك يرتفع عدد المناطق التي انضمت إلى القائمة العالمية إلى ثلاث مناطق تراثية، وهي الدرعية ومدائن صالح وأخيراً جدة التاريخية. أن تحصل على اعتراف عالمي ومن منظمات عالمية، ليس بالأمر السهل. ملف جدة دخل إلى منظمة «يونيسكو» قبل أعوام، إلا أنه تم سحب الملف لاستكمال الإجراءات المطلوبة. وقدمت مرة أخرى بعد أن أضيف عليها جدة التاريخية بوابة مكة، فالانضمام إلى القائمة العالمية ليس سهلاً.. وليس أيضاً ترفاً. بل هو مشروع إنساني واجتماعي بالدرجة الأولى، ومشروع اقتصادي استثماري يخلق فرص عمل ومجالات متعددة من الحرف اليدوية والصناعات الخفيفة، كما أنه جزء مهم من التاريخ القديم الذي يرسخ الماضي بالحاضر للأجيال المقبلة. بالطبع لم يكن الأمر سهلاً في الانضمام إلى التراث العالمي، فالمنظمات العالمية لها شروط ومطالبات وحاجات، وأيضاً يتطلب الالتزام بها، لكونها أصبحت جزءاً مهماً من التراث العالمي، فلا بد من الحفاظ عليها وتطوير مكوناتها، بحيث تكون مقصداً للزوار والسياح، وبما يحافظ على هذا الإرث التاريخي، ولا ننسى أن ننسب الفضل إلى صاحب الجهد الكبير واللافت رئيس الهيئة العامة للسياحة الأمير سلطان بن سلمان، فهو صاحب النقلة الكبيرة في مفهوم السياحة السعودية. كيف حصلت جدة على هذا الاعتراف العالمي؟ اكتسبت أهمية واسعة على الصعيد الدولي بعد ظهور…

حان الوقت..

الأربعاء ١٤ مايو ٢٠١٤

ما هو الفارق بين رجل دين يحرّم السفر إلى الغرب، معتقداً أن من يموت في بلادهم ربما يدخل النار، وبين من يحرّم التعليم الغربي ويخطف النساء ويقتل ويكفّر ويفجّر كما تفعل جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا؟ الداعي إلى عدم السفر لبلاد الغرب «الكافر» يعمل بإذن الدولة إماماً وخطيباً لأحد جوامع الرياض الكبيرة! الأول، إمام يلبس ساعة سويسرية و«مشلحاً» مطرزاً بألوان ذهبية، وثوباً قماشه مستورد من اليابان و«شماغاً» إنكليزياً، ويركب سيارة مصنوعة في أميركا أو ألمانيا أو اليابان، وينام تحت جهاز تكييف صناعته أجنبية، ويتابع الأخبار عبر شاشة بلازمية كورية، ويستخدم هاتفاً من صناعة غربية أو آسيوية. وفي المقابل، تمارس جماعة «بوكو حرام» كل التناقضات والخطف والنهب والقتل، ويركب عناصرها دراجات بخارية من صناعة غربية، ويستخدمون هواتف جوالة صنعت في الغرب، وهم يحرّمون كل غربي باسم الإسلام. ما هو الفارق بين من يكفّر الآخرين لمجرد اختلافه مع أفكارهم وأطروحاتهم التي لا تتجاوز على ثوابت الدين الإسلامي، ثم يرى أن الحل هو جزّ رؤوس المخالفين، وبين من يفجّر المستشفيات في اليمن ويقطع رؤوس المسلمين في سورية، لكونهم يختلفون معه في طريقة العبادة والتدين؟ ما هو الفارق بين رجل دين يرفض ذهاب أبنائه إلى «الجهاد» في أي بلاد، ثم «يغرّد» من هاتفه وهو مستلقٍ بين زوجاته وعشيرته، داعياً الشباب إلى الجهاد، ولو علم…