جعفر الشايب
جعفر الشايب
كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف

السفارة السعودية وتكريم الاعتدال

الإثنين ١٧ أبريل ٢٠١٧

أقامت السفارة السعودية في بيروت مؤخرا حفلًا تكريميًا للإمام موسى الصدر دعت له مجموعة من شخصيات المجتمع اللبناني بكل فئاته وأطيافه، احتفاء بدور الصدر وموقعه في المجتمع اللبناني وعلاقاته الإيجابية مع مختلف قواه وكذلك مع الوسط العربي بشكل عام. الإمام الصدر تمكن من تجسير علاقة إيجابية بناءة مع الداخل اللبناني بكل تعقيداته وتفاصيله ونسج شبكة علاقات حسنة مع الجميع، كما تمكن بانفتاحه وإيجابيته من الانفتاح والتفاعل مع المحيط العربي بكل أريحية ومودة. وهنا في المملكة كانت له علاقات وصلات ولقاءات مع كبار المسئولين كالملك فيصل والملك عبدالله - رحمهما الله- وغيرهما من رجالات الدولة. هذا الحفل يحمل في طياته رسائل إيجابية عديدة منها أن المملكة منفتحة على جميع الأطياف، وأنها مهتمة بتعزيز مشاريع الحوار ومبادرات اللقاء بين جميع الفرقاء، وأنها كذلك تدعم اتجاهات الاعتدال في المجتمعات العربية. في لبنان كما في غيره من البلاد العربية هناك اتجاهات معتدلة تقف على رأسها شخصيات تسعى وتعمل جاهدة على نزع فتيل التوتر في مجتمعاتها، وتجتهد لإبراز المشتركات وتأكيد التعددية والتنوع في محيطها. لكن مع الأسف فإن جهود اتجاهات الاعتدال هذه تضيع وسط صخب جماعات التطرف والتشدد والعداوات المنفلتة. الأطر الحاضنة لمثل هذه الاتجاهات والمبادرات لا تزال محدودة وغير فاعلة، ووسائطها الإعلامية قليلة وسط الضجيج الطائفي المتوتر. ولو يتم العمل على جمع ما يكتبه…

مواجهة الكراهية

السبت ١١ يوليو ٢٠١٥

لا شك أن هناك كرها دفينا وظاهرا بين بعضنا بعضا تراكم على مدى عقود بسبب انحسار مساحة التسامح بمعناه الحقوقي وليس اللفظي، وهيمنة الرؤية الأحادية عبر احتكار قنوات ومصادر المعرفة والتوجيه العام، وبث خطاب التحريض ضد المختلف. ما الذي يفرق في العلاقة المجتمعية الحاضرة وبين ما كانت عليه في “الزمن الجميل”؟ فالمذاهب من أفكار ومعتقدات وشعائر لم تتغير أو تزد عما كانت عليه سابقا. ما تغير هو أن هامش التسامح كان سائدا بشكل أوسع، وكان ينظر للآخر باعتبار أنه يمارس حقا مشروعا له. بل إن جيل الآباء من أتباع المذاهب المختلفة كانوا يتندرون ببعض الآراء المذهبية المختلفة بينهم، باعتبارها جزءا من عادات وأفكار قد تتحول إلى نقاش يمتزج بالهزل والتندر، دون أن يعتبره الآخر إهانة أو استهزاء. وهكذا كانت مثل هذه العلاقات الاجتماعية هي السائدة بين المختلفين مناطقيا أو قبليا. غاب التسامح بين الناس من مجتمعنا، وسادت تيارات التشدد التي امتزجت بالعنصرية المناطقية، وانتشرت التصنيفات بين مكونات المجتمع، وحدثت مفاصلات بين “نحن وأنتم”، وأبرزت عناصر الاختلاف وغيبت المشتركات. أصبح هم الخطيب المنبري هو تأكيد الهوية الغالبة المختلفة عن الآخر والعمل على الحط من مكانته، والجامعات تحولت إلى مراكز بحثية في تأكيد وتوثيق الاختلاف، والإعلام غيب التنوع القائم في المجتمع بصوره المختلفة. للعودة إلى الوضع الصحيح، لا بد لنا من إعادة…

صوت العقل في زمن الفتنة

الخميس ٢٣ أبريل ٢٠١٥

قليلة هي الأصوات الحكيمة التي نسمعها هذه الأيام بل تصل لحد الندرة، وخاصة عندما تتناول الأوضاع الجارية في المنطقة. الأغلب يلهث نحو التعبئة والتحشيد والتهييج عبر ترديد العبارات التحريضية دون وعي أو دراية أو فهم، على الرغم من خطورة الأوضاع على مجتمعات المنطقة. قرأت لبعض من كتب بصورة متزنة وموضوعية تدعو إلى الـتأمل والتفكير حول ما يجري في المنطقة أو حول آلية التعاطي السياسي والإعلامي مع الأحداث بصورة أكثر مهنية ومن بينهم الدكتور إبراهيم المطرودي والبروفوسور متروك الفالح والأستاذة أمل زاهد. كما شاهدت جزءا من لقاء أجرته محطة الجزيرة مع المفكر السياسي الدكتور شفيق ناظم الغبرا وهو أستاذ معروف في العلوم السياسية في جامعة الكويت وخبير متميز سبق لي أن التقيته تكرارا منذ عدة سنوات في المؤتمرات العلمية التي تنظمها جمعية دراسات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية. تميز اللقاء بتجاذب حاد بين مذيع يحاول أن يدفع الضيف لتكرار الأفكار والمواقف التي يتبناها، وإعادة نفس السيمفونيات المتداولة من فكرة المؤامرة والتمدد الإقليمي، وتوزيع الولاءات للخارج، وبين مفكر شامخ يحلل الأمور بعقلانية وموضوعية واتزان. الغبرا يؤكد أن ما يجري في المنطقة حاليا هو نتاج سياسات خاطئة في النظام السياسي العربي خلال العقود المنصرمة قامت على أساس التهميش دون أن تؤسس لدولة وطنية حقيقية، ونتج عن ذلك تحول هذه الفئات التي كانت…

شباب السعودية والوعي السياسي

الأحد ٣١ أغسطس ٢٠١٤

ضمن إصداراته تحت عنوان «رسائل جامعية»، قام مركز آفاق للدراسات والبحوث بنشر خلاصة دراسة جامعية تحت عنوان «الوعي السياسي لدى الشباب ودوره في تنمية المجتمع السعودي» من إعداد الطالب عمار علي الحمود في قسم الدراسات الاجتماعية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود في الرياض. إن مثل هذه الدراسات المسحية مهم للغاية في مجتمع تغيب فيه المعلومة الدقيقة والأبحاث والدراسات المستقلة، خاصة حول قضايا الشباب وتوجهاتهم لما له من أثر بالغ في معرفة تطلعاتهم ومسارات التفكير لديهم، ومعوقات مشاركتهم. وعلى الرغم من اقتصار عينة الدراسة على 100 شخص من الطلبة الجامعيين الذكور ومن بيئة ثقافية متقاربة، إلا أنها تمثل مدخلاً مهماً لمزيد من الدراسات والأبحاث العلمية الممنهجة حول قضايا الشباب. يتألف البحث من 7 فصول شملت الإطار العام للدراسة كطرح المشكلة والتساؤلات والمفاهيم، وأدبيات الدراسة ومن بينها الدراسات السابقة، والفصل الثالث خصصه الباحث لشرح مفاهيم الوعي والمواطنة والتنمية، وبعده تناول الإجراءات المنهجية للدراسة، وأخيراً نتائج الدراسة الميدانية والتوصيات المتعلقة بها. أظهرت نتائج الدراسة أن النسبة الأكبر من الشباب ترى أن من واجباتها الاهتمام بالقضايا التي تدور من حولها على المستوى المحلي أولاً (54%) ثم العربي (43%) فالدولي (31%). وتعتمد أغلبية عينة الدراسة على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر أساس للمعرفة السياسية (50%)، تليها التليفزيون والصحافة ثم الأهل والأصدقاء. أما من ناحية الثقة في…

داعشيون بيننا

الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤

تناول عديد من الكتاب المحليين التفاعلات المحلية مع بروز الحالة الداعشية وتداعياتها، وأسهب بعضهم في تحليل ودراسة أسباب قيام هذه الحركة المتطرفة كلٌّ حسب رؤيته وتوجهاته، ولكن قليلاً منهم من تناول حجم التأييد الضمني والعلني الذي تلقاه توجهات هذه الحركة محلياً. مع كل أسف لا توجد لدينا مراكز أبحاث ودراسات متخصصة تتناول دراسة التوجهات الفكرية والسياسية في المملكة، وتستقصي مدى التأثيرات التفاعلية مع القضايا والتطورات الإقليمية، كي يمكن تشكيل رؤية علمية دقيقة للتعاطي معها. لذا فإن كثيراً منا يعطي تصورات وانطباعات عامة، بعضها ليس دقيقاً حول هذا الموضوع، ولكنه قد يشكل مقاربة مبدئية حول هذه الظاهرة وغيرها. ما لفت انتباهي هو حجم التأييد الذي تلقاه حركة داعش في الأوساط المحلية، خاصة في أوساط الشباب وعديد من المثقفين والعلماء، بصورة لم أكن أتوقعها، وذلك من خلال النقاشات والحوارات والتعليقات التي أقرأها وأشارك فيها. الجماعات الجهادية المتطرفة كطالبان والقاعدة وداعش وحركة جهيمان التي سبقتها كلها جماعات أصولية متطرفة لها روابطها المحلية وتداخلاتها مع الوضع الداخلي إما بصورة مباشرة أو غير ذلك. ولعل هناك كثيرين في وطننا ممن يحملون نفس التوجهات والأفكار لهذه الجماعات، ويؤيدون ما تقوم به هذه الجماعات من أعمال إرهابية ضد مخالفيهم من أنظمة سياسية أو وجود اجتماعي. بعضهم هنا يرى توافقاً ذهنياً بين ممارسات هذه الجماعات وبين المنظومة الفكرية…

الشورى وقانون الوحدة الوطنية

الإثنين ٠٢ يونيو ٢٠١٤

بدا لي أن مجلس الشورى لم يحرك ساكنا تجاه مطالبات بعض أعضائه طوال السنوات الماضية، بسن قانون يعزز الوحدة الوطنية ويجرم الأفعال التي تهددها وتضعفها، كالعنصرية بمختلف أشكالها. وهو أمر دعا إليه أيضا عديد من المثقفين الغيورين على وحدة الوطن وأبنائه، خاصة بعد تفاقم حالة العنصرية في أوساط اجتماعية متعددة وبصور مختلفة. وحسب متابعتي، فقد طالب عضو المجلس الدكتور زهير الحارثي منذ عام 2010م الجهات المختصة كمجلس الشورى وهيئة حقوق الإنسان، بوضع تصور لمشروع يحافظ على الوحدة الوطنية، ويجرم الأفعال التي تمس الوحدة الوطنية. كما دعاها إلى المبادرة لسن تشريعات وأنظمة وقوانين تجرم العنصرية، بحيث يستطيع المتضرر رفع دعوى قضائية ضد من تسبب في إيذائهم معنويا، معتبرا المساس بالوحدة الوطنية خطا أحمر. كما طالب أيضا «بتفعيل دور المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية، التي لها الدور الأكبر في التوعية والتثقيف، وإشاعة مفهوم الوطنية حيث المساواة فالوطن للجميع، والقيادة طالما استهجنت مصطلحات التصنيفات والتقسيمات والتمييز والتهميش». وتوقعنا في ذلك الوقت -أي قبل 4 سنوات- أن يتخذ مجلس الشورى وهو المعني بتشريع الأنظمة وسن القوانين، خطوات عاجلة تهدف إلى حماية الوطن من نمو حالات العنصرية والتطرف والتشدد. بعد هذه السنوات الأربع تبين أن الوضع ازداد سوءا وخطورة، وأصبحت لغة التحريض والعنصرية بارزة في مختلف وسائل الإعلام، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح لجمها والحد منها…

جمعية وطنية للشفافية

الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠١٤

فرضت الشفافية نفسها بصورة كبيرة في العقود الماضية كمنهج شامل لمتابعة ومراقبة أداء مختلف الأجهزة الرسمية والمسؤولين ومحاسبتهم، من خلال إطلاع الجماهير والرأي العام عبر مختلف الوسائل على تفاصيل ما يجري في الحكومة على مختلف مستوياتها. لعل من أهم ما يميز الشفافية أنها تهيئ لكل فرد من المواطنين القدرة على الحصول على المعلومات العامة للمؤسسات وعملها، وآلية اتخاذ القرارات فيها، وبالتالي يتمكن من تقييم أداء هذه المؤسسة وعملها. وتعمل المؤسسات المعنية بالشفافية في عدة مجالات أبرزها حرية تداول المعلومات ومكافحة مختلف أشكال الفساد، كالمراجعة الداخلية والمحاسبة والكسب غير المشروع والذمم المالية، ومراقبة الانتخابات على مختلف مستوياتها، ومقارنة التشريعات مع الممارسات، ودراسة التجاوزات الإدارية والمالية. ولذلك فإن غياب هذه الممارسة – أي الشفافية – يجعل دور المواطن محدودا ومقيدا وغير فعال. المواطن عندما يكون شريكا في الرقابة والتدقيق والمتابعة يمكن أن يشكل إضافة حقيقية لمختلف المؤسسات القائمة، فهو المصدر الأساس والأول للمعلومات التي يمكن أن تقود للمعالجة، ويمكنه معرفة مكامن الخلل في موقع عمله أو في محيطه. من هنا اتجهت كثير من الدول إلى تمكين عديد من المؤسسات الأهلية التي تعنى بالشفافية للقيام بدور رقابي في مختلف هذه المجالات، وكذلك فهي تحفز عموم المواطنين على تحمل مسؤولياتهم الرقابية من خلال توعيتهم وإبراز المعلومات العامة لهم. في المشروع المقدم لمجلس الشورى الشهر…

زيارات التواصل والحوار

الإثنين ٠٧ أبريل ٢٠١٤

ما أجمل الوطن عندما يلتقي أبناؤه بمحبة واحترام بعيدا عن حالة التوتر والتطرف والتشدد، هادفين إلى تجسير العلاقة وتعزيز التواصل بينهم، ويتحاورون بكل أريحية في همومهم الوطنية المشتركة. هذا ما لمسناه خلال زيارتنا ومجموعة من الزملاء من المنطقة الشرقية إلى محافظة عنيزة الأسبوع الماضي، حيث التقينا بعدد كبير من رجالاتها ومسؤوليها ومثقفيها، ووجدنا لديهم كل ترحيب وحسن استقبال وضيافة. (التماهي اللطيف بين عنيزة والقطيف) مقال كتبه الإعلامي البارز عبد الله الكعيد قبل سنوات أكد فيه على أوجه التشابه والتقارب بين المحافظتين اجتماعيا وثقافيا وفكريا من ناحية الانفتاح والتسامح وحب المعرفة والتعايش. شملت الزيارة التعرف على أبرز المؤسسات الخيرية والإنسانية التي تزخر بها محافظة عنيزة، التي تعمل في مجالات اجتماعية وثقافية متعددة ولقاء سعادة المحافظ الذي شدد على أهمية الزيارات المتبادلة للتعارف والتواصل. بدا أن هناك تناسقا في أعمال وجهود هذه المؤسسات الأهلية ومختلف الأجهزة الرسمية كالبلدية التي تحتضن 14 برنامجا اجتماعيا، ومديرية المرور والصحة والسياحة حيث يقام مهرجان شعبي كل شهر تقريبا في عنيزة. لعل من أسباب ذلك أن جل المسؤولين في مختلف الأجهزة الرسمية هم من أهالي عنيزة ذاتها، مما يخلق تفاعلا طبيعيا بينهم وبين بيئتهم ومحيطهم ويتفانون في تقديم أفضل ما لديهم لمجتمعهم بكل حماس وإخلاص كما رأينا. المشاركة في ثلوثية رجل الأعمال الأستاذ فهد العوهلي -الذي أكرمنا…

قنوات الفتنة والكراهية

الإثنين ٢٤ مارس ٢٠١٤

تناول التقرير الذي أعدته قناة «بي بي سي» الأسبوع الماضي تحت عنوان «أثير الكراهية»، خفايا القنوات الطائفية التي تبث برامجها المثيرة في المنطقة العربية بمختلف اللغات، وتؤثر على قطاعات واسعة من المشاهدين، حيث تثير بينهم البغضاء والتباعد. البرنامج الذي استغرق إعداده عدة أشهر أبرز مدى المهنية في تناول مواضيع شائكة بالمنطقة، والجرأة في طرحها والتعاطي معها بصورة تعجز وسائل الإعلام العربية عن عمل برامج شبيهة بها بسبب غياب الرؤية والاستقلالية لديها. يتناول البرنامج تأثير هذه القنوات على مختلف شرائح المجتمع كالشباب وغيرهم بدرجة بلغت حد التأثير في تفكيك الأسر المتوافقة مذهبياً، خاصة في العراق وسوريا. مع أن الشخصيات المثيرة للجدل صاحبة هذه القنوات تستأسد في إثارة الكراهية ضد الغير، وتبدو وأنها جريئة في المواجهة، إلا أن مقدم البرنامج تمكن من إبراز نقاط ضعف كبيرة لديها من بينها أنها تختفي خلف الكاميرات المعدة مسبقاً وتتهرب من الحوار الصحفي الجاد معها. إضافة إلى ذلك فإن المادة التي يقدمها هؤلاء المحرضون ليس لها أي أساس علمي، وإنما هي اجترار لقضايا تاريخية غير موثقة، وإعادة طرحها بصورة صارخة ومثيرة، فلا يمتلك هؤلاء حصيلة معرفية أو استعداداً لحوار موضوعي. التمويل وهو المهم هنا بات مرصوداً ومعروفاً -كما أبرزه البرنامج-، فهم إما عبر تبرعات تصل من البسطاء من الناس الذين يرون في ذلك واجباً دينياً، أو…

الشبكات الدينية الشيعية في الخليج

الإثنين ١٠ مارس ٢٠١٤

على الرغم من مرور خمسة أعوام على صدوره في عام 2008م، إلا أن كتاب الباحثة الفرنسية الدكتورة لورنس لوير المعنون (السياسات الشيعية العابرة للأوطان: الشبكات الدينية والسياسية الشيعية في الخليج) يعتبر من أفضل ما كُتب بعناية حول هذا الموضوع؛ حيث إنه جاء نتيجة بحث متواصل ولقاءات ميدانية متكررة في منطقة الخليج مع قيادات شيعية متعددة. الكتاب الذي يقع في أكثر من 300 صفحة، ويضم عدة أجزاء مهمة حول تاريخ منطقة الخليج وتداخل الثقافة والدين والبنية المجتمعية والاقتصاد في التشكلات السياسية فيها، والعلاقة بين السكان الأصليين فيها والقبائل الوافدة من أواسط الجزيرة العربية وغيرها، يشكل بحثاً معمقاً حول تطور العلاقات بين القوى المختلفة في كل من الكويت والبحرين والسعودية ويؤسس لفهم شامل حول طبيعة هذه العلاقة وتطورها. وإضافة إلى الجوانب التاريخية للمنطقة، تتناول المؤلفة بصورة تفصيلية نشوء وتطور الجماعات السياسية الشيعية في المنطقة، وتشكلها، وأنماط عملها، وبرامجها، وتداخلاتها، وعلاقاتها مع المحيط، وتأثير التطورات السياسية الإقليمية على توجهاتها. تتجه الباحثة إلى القول إن نشوء الجماعات السياسية الشيعية في الخليج كان نتيجة تواصل مع الأحزاب السياسية العراقية منذ بداية السبعينيات الميلادية والمتمثلة أساساً في حزب الدعوة الإسلامية وحركة الطلائع الرساليين ورموزهما والتيارات التي تولدت عنهما. وتستعرض نمو هذه الجماعات السياسية في الكويت وتوسع أنشطتها لبقية دول الخليج طوال السبعينيات الميلادية ضمن برامج ثقافية…

هل ساهمت الأزمة السورية في تفاقم المشكلة الطائفية في الخليج؟

الثلاثاء ١٨ فبراير ٢٠١٤

لم تكن الطائفية بأشكالها المختلفة وليداً جديداً أبداً في هذه المرحلة التي نمر بها، بل إنه يتم إعادة إنتاجها وقت الحاجة وبأنماط وأشكال مختلفة حسب الظروف السياسية والاجتماعية. وعندما نتحدث عن الطائفية المذهبية في منطقة الخليج تحديداً، فإنها بالتأكيد قد اختلفت ظهوراً وكموناً بناء على الظرف السياسي الذي تمرّ به المنطقة. يتولّد شعور عند البعض بأن المشكل الطائفي هو نتاج لصراع مذهبي بين مكوّنات المجتمع في الخليج، متناسين مراحل التعايش والانسجام بين هذه المكوّنات طوال فترات زمنية طويلة لم تكن الطائفية عنواناً لأي أزمة بينها، وهي مراحل في الغالب نتج عنها نشاط وطني واجتماعي مشترك أدى إلى بروز قوة أهلية ضاغطة ومتماسكة. لعلنا نتفق جميعاً على أن جذر الأزمة الطائفية المذهبية يكمن في استمرار العودة إلى مادة التراث الإسلامي التي بقيت من دون تمحيص أو إصلاح أو مراجعة، والتي لا تزال تشكل المادة الخام لتأجيج فتيل الصراع السني - الشيعي، وإعادة إنتاجه بصورة متجدّدة معتمدة على المفاهيم والإشكالات والتناقضات ذاتها، على الرغم من بروز مبادرات إصلاحية محدودة التأثير لم تتعمق في الوجدان الشعبي وتقدم معالجات جادة ونهائية. ولعل الكثير أيضا من أبناء هذا الجيل - بما في ذلك النُّخب السياسية والثقافية - بدأت متابعتها لبروز الأزمة الطائفية في المنطقة بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، التي يرى أكثرهم…

قضية عاشوراء بعيداً عن المذهبية

الإثنين ١١ نوفمبر ٢٠١٣

يحيي مئات الملايين من المسلمين الشيعة حول العالم هذه الأيام – كما هو متعارف عليه سنويا – ذكرى فاجعة كربلاء ومقتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته عليهم السلام، ويثار حول ذلك كثير من النقاشات والجدل داخل الوسط الشيعي وخارجه. لا شك أن من يقرأ التاريخ الإسلامي بموضوعية وتجرد، يرى أن نهضة الإمام الحسين كانت تهدف إلى إعادة بوصلة مسيرة الإصلاح والعدالة والمساواة في الأمة الإسلامية، والوقوف ضد الاستبداد والظلم والتسلط. هذه الحركة الإصلاحية دعمت قيما إنسانية عليا، وقدمت نماذج بارزة وشاخصة في التضحية والفداء والعطاء من أجل مبادئ كبيرة من شأنها أن تسهم في فضح وتصحيح التجاوزات الناتجة عن الاستبداد. لذا فليس من المستغرب أن تتحول هذه القضية إلى مصدر إلهام في الوجدان الإنساني بشكل عام، ومدرسة في النضال من أجل الحرية ومواجهة الاستعباد لكل من يدرسها بوعي وإنصاف. فقد كتب حولها كثيرون من المؤرخين والباحثين سواء من المسلمين أو غيرهم وتناولوا مختلف أبعادها وآثارها وانعكاساتها. في هذه المرحلة تحولت مراسم إحياء عاشوراء إلى سبب للتباعد بين أطياف الأمة الإسلامية، وانحصرت قضية الإمام الحسين بين أتباع المذهب الشيعي، ولم تتجاوزهم مع كونها قضية إسلامية وإنسانية. لعل السبب في ذلك أن الاختلاف المذهبي ساهم في تصنيف رموز كل مذهب وحصرهم…