عبدالله بن ربيعان
عبدالله بن ربيعان
أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية

التنمية المستدامة تبدأ من الفصل!

الجمعة ٠٢ سبتمبر ٢٠١٦

انخفاض في أسعار السيارات الجديدة، انخفاض في مبيعات السيارات المستعملة، انخفاض في أسعار الفلل والأراضي، هبوط كبير في أسعار الحديد، انخفاض في أسعار المواشي يُقدّر بـ45 في المئة، ركود في سوق الإيجار، شركات الأسمنت تشتكي الركود بسبب الإغراق، انخفاض وتقلص في مبيعات سوق الأثاث... وهلم جراً. هذه بعض عناوين الأخبار في الملاحق الاقتصادية بالصحف السعودية على مدار الشهرين الماضيين، وما زال يُنتظر مثلها الكثير. وعلى رغم أن الإعلام لم يكن بشكله التفاعلي والسريع الحالي إلا أنني أجزم بأننا لو عدنا إلى أرشيف الصحف في بدايات 1982 لوجدنا العناوين و«الترويسات» نفسها، فالتاريخ يعيد نفسه، ونهايات الطفرات تتشابه، على رغم تغيّر الجيل والوجوه والناس وأرقام روزنامة التاريخ. في السعودية نحتفل هذا العام بذكرى التأسيس الـ86 في أواخر أيلول (سبتمبر) الجاري، إلا أن التاريخ الاقتصادي للبلد يقول إن ما تحقق من تنمية وبناء تم في حوالى 23 عاماً فقط، هي عمر الطفرتين - الأولى (1973-1982) والثانية (2002-2015) -، وهو بلا شك إنجاز كبير ومهول بأن تبني اقتصاداً من الصفر، ليتصدر منطقته وعالمه العربي وشرق الأوسطي في سنوات قليلة جداً. ولكن هل يمكن وصف التنمية في السعودية بالتنمية المستدامة؟ للأسف لا، ولا حاجة إلى أرقام وإحصاءات، فالفترات التي لا تشهد ارتفاعاً للنفط يكون الاقتصاد والتنمية في حال توقف شبه اضطراري، فلا مشاريع تبنى ولا…

إلا التدريب والابتعاث

الجمعة ١١ سبتمبر ٢٠١٥

تُبنى الأوطان بالمال والرجال الحاصلين على العلم والتدريب، ولو عدت إلى تنمية اليابان أو كوريا الجنوبية أو الصين أو غيرها من البلدان لوجدت أنها لم تجاوز هذين العاملين. بل إن تعليم الشباب وتدريبهم وتسليحهم بالمهارة كان هو السبب الأول والمباشر قبل المال في تنمية هذه المجتمعات التي لم تكن تملك إلا القليل من الأموال أصلاً. ولعل الجميع يعرف مقولة «إن هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي»، التي تنسب إلى إمبراطور اليابان حينما سمع صوت أول موتور صنعته أيدي الشاب الياباني العائد من البعثة آنذاك «تاكو أوساهيرا». في السعودية نملك -بحمد الله- الكثير من الأموال، ولكننا -للأسف، ولأسباب منها ضعف التعليم، وغياب الرؤية العامة لوجهة الاقتصاد، وعدم إشراك الشباب في صياغة وصناعة السياسات العامة، وغيرها من العوامل- لم نتقدم كثيراً في مجال التنمية الاقتصادية. فما زدنا مع الأيام إلا مزيداً من الاعتماد على النفط الذي راكم البلايين في خزانتنا، ولكن مرت أعوام طفرته سراعاً، من دون أن ننتبه إلى نوعية وكيفية بناء العنصر الإنتاجي الثاني والأهم، وهو العنصر البشري المؤهل. ولا يعني ذلك أننا لا نملك حالياً شباباً مؤهلاً، ولكن بالنسبة والتناسب ليس عددهم بالكبير، وليسوا بالغالبية المطلوبة والمؤثرة والقادرة على إحداث تغيير وتطوير في ثقافة وطريقة العمل، ولاسيما في القطاع الحكومي. ولذا فإن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله-…

عجز الموازنة بين السندات والاحتياطي

الجمعة ١٤ أغسطس ٢٠١٥

طرحت وزارة المالية هذا الأسبوع سندات اقتراض حكومية بمقدار 20 بليون ريال، والغريب أن وكالة «رويترز» هي أول من نقل الخبر، وليس قناة أو وسيلة إعلام سعودية. وكان محافظ مؤسسة النقد الدكتور فهد المبارك أعلن في أوائل تموز (يوليو) الماضي اقتراض الحكومة 15 بليون ريال من مؤسسات مالية محلية، إضافة إلى سحبها 244 بليون ريال من الاحتياطي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي. بدورها، نشرت صحيفة «مال» الإلكترونية أيضاً قبل أيام خبراً عن عزم الحكومة طرح سندات مديونية بـ100 بليون ريال خلال العام الحالي، وهو خبر لم تنفه الأجهزة المعنية ولم تؤكده، وإن كان مبرراً ومحتملاً بشكل كبير في ظل تدني أسعار النفط حالياً. وللتذكير والمقارنة، كانت وزارة المالية قدرت الإيرادات المتوقعة في موازنة العام الحالي بـ715 بليون ريال، في مقابل نفقات تبلغ 860 بليون ريال، أي بعجز متوقع بحدود 145 بليون ريال، إلا أنه فعلياً فإن ما تم سحبه من الاحتياطي إلى اليوم، بحسب حديث محافظ «ساما»، مضافاً إليه مقدار دين السندات المطروحة، يبلغ حوالى 279 بليون ريال (244 بليون سحب من الاحتياطي + 15 بليون إصدار السندات الأول + 20 بليون إصدار السندات المعلن هذا الأسبوع)، أي أن العجز بحسب البيانات الحالية زاد إلى اليوم بالضعف تقريباً عن الرقم المقدر في الموازنة بداية العام. بالطبع، ما زلنا…

أين نصيبنا من انخفاض الأسعار؟

الجمعة ٠٧ أغسطس ٢٠١٥

يتداول الذهب هذه الأيام عند أقل مستوى سعري يشهده المعدن النفيس منذ خمسة أعوام ونصف العام، وللتذكير فإن الأونصة تتداول حالياً عند أقل من 1100 دولار، فاقدة ما يزيد على 800 دولار من أعلى قيمة سجلتها في السادس من أيلول (سبتمبر) 2011 عند 1920 دولاراً للأونصة. كما يتداول البلاتين عند أقل مستوى سعري يصل إليه في ستة أعوام، وكذلك وصل النحاس إلى 5142 دولار للطن في سابقة لم يصلها منذ 2009. وكذلك هو وضع أسعار الألمنيوم والزنك والرصاص والنيكل، فكلها تتسابق لتسجيل مستويات سعرية دنيا لم تصلها منذ زمن طويل. الانخفاض لم يقتصر على المعادن، بل تعدى إلى السلع الغذائية، ومنها الذرة وفول الصويا، وبشكل عام وبحسب «الفايننشال تايمز» فإن 23 سلعة زراعية ومعادن مسجلة في مؤشر بلومبيرغ للسلع تشهد انخفاضات كبيرة لم تشهدها منذ أعوام طويلة. وبحسب مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ قال خبير المعادن الثمينة في لندن جونثان باتلر إنه «إذا ما استمر الانخفاض في النصف الثاني من العام بوتيرة النصف الأول نفسها فإن الأسعار ستكون تحت ضغط كبير». وبالتأكيد فإن انخفاض النفط إلى مستوى 50 دولاراً لمزيج برنت هذا الأسبوع ما هو إلا مؤشر آخر على الضغط والانخفاض السعري المتسارع الذي تشهده أسواق العالم منذ أوائل العام الجاري. وبدوره، سيؤدي الانخفاض الكبير في أسعار النفط والمعادن وغيرهما إلى…

فتح السوق للأجانب… ماذا بعد؟

السبت ٠٢ مايو ٢٠١٥

أعلنت هيئة السوق المالية منتصف حزيران (يونيو) المقبل موعداً لبدء تداول المؤسسات الأجنبية مباشرة في سوق الأسهم السعودية، على أن تصدر الهيئة اللائحة النهائية المنظمة لدخول الاستثمار الأجنبي في الرابع من أيار (مايو)، الذي يبدأ اليوم، وتكون نافذة ويعمل بها اعتباراً من الأول من يونيو 2015. بالتأكيد فتح السوق المالية للاستثمار الأجنبي خطوة مهمة في الطريق الصحيح لتحولها للتداول المؤسساتي وتقليل سيطرة التداول الفردي، الذي يشكل ما يزيد على 90 في المئة من حجم تعاملاتها اليوم، وما يتبعه وينشأ عنه من سلوك مضاربي غير مبرر، وظاهرة «سلوك القطيع» Herd behavior، وسيطرة عديمي الخبرة Noise Traders على مفاصل السوق بما يجعل «تطايرية» Volatility السوق مرتفعة، واستقرار أسعارها أمراً غير وارد. وسيطرة الاستثمار الفردي في المملكة ظاهرة سلبية، ومتجاوزة لحدود المنطق، ولا يمكن مقارنتها بأية سوق أخرى (في الهند يمثل التداول الفردي 34 في المئة، وفي أميركا اثنين في المئة فقط، تقرير جدوى - أبريل 2015). أيضاً فتح السوق للاستثمار الأجنبي سيرفع تصنيف السوق من «مبتدئ» إلى «ناشئ»، وسيجعلها مسجلة في المؤشرات الدولية المعروفة، كمؤشر «مورغان ستانلي للأسواق الناشئة» بعد عامين تقريباً من دخول الأجانب، ومن المتوقع أن تحصل السوق السعودية على وزن يعادل ما حصلت عليه السوق الروسية في المؤشر (حوالى أربعة في المئة). التخوف الآني حالياً وفي المستقبل القريب هو…

الأبعاد الاقتصادية في كلمة الملك سلمان

الخميس ١٢ مارس ٢٠١٥

جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مساء أول من أمس ضافية وشاملة ومتضمنة لكل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهم المواطن السعودي في الوقت الحالي. ولا شك في أن توقيت الكلمة جاء في آوانه الصحيح، وفي وقت كان الجميع ينتظر تدخل الملك، ورؤية الملك، ورأي الملك في الشأن المحلي، والشأن الإقليمي والدولي. اقتصادياً، يمكن الإشارة إلى خمس نقاط رئيسة في كلمة خادم الحرمين الشريفين كما يأتي: أولاً: تحدث حفظه الله عن «السعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة»، ولا شك في أن هذا المحور الذي يعنى بالاقتصاد الكلي السعودي، يعتبر حجر الزاوية في الطفرة الحالية. فإعادة توزيع المشاريع على خريطة الوطن أمر حيوي مهم للتنمية ولخلق فرص العمل والمتاجرة والنمو لكل منطقة سعودية. كما سيؤدي توزيع التنمية إلى التوازن بين مناطق المملكة، ووقف الهجرة الكبيرة للمناطق الثلاث الكبيرة (مكة المكرمة، الرياض، الدمام)، التي يقطنها حالياً ما يزيد على 66 في المئة من إجمالي سكان المملكة، في حين يتوزع الثلث الباقي من السكان على عشر مناطق أخرى. كما تحدث عن سعي الحكومة لتقليل آثار انخفاض النفط على التنمية، وحصرها في حدها الأدنى، وهو حديث تطمين يبعد التخوف الذي يبديه البعض من توقف المشاريع نتيجة لانخفاض أسعار النفط، بل أعلن أن «ما تمر به سوق…

«البتروكيماويات» تخسِر السعودية مرتين

السبت ٢٨ فبراير ٢٠١٥

«النمو البائس» immiserizing growth، ويترجم في بعض الكتب العربية بـ«النمو المفقر»، مصطلح اقتصادي ظهر للمرة الأولى في ورقة لبروفيسور الاقتصاد جاديش باغواتي Jagdish Bhagwati في أواخر الستينات من القرن الماضي. والمصطلح الذي لا يتداول ولا يدرس كثيراً في الغرب، يعني دول الخليج كثيراً، والسعودية خصوصاً، فهو يشرح تأثير انخفاض أسعار الصادرات في الدول التي تعتمد صادراتها على سلعة واحدة على النمو الاقتصادي، ومن ثم الرفاه الاجتماعي لتلك الدول. ومع فقد أسعار النفط لما يصل 45 في المئة من قيمتها قبل عام فإن الأثر المباشر سيكون على موازنة الحكومة وعوائدها، إذ ستنخفض بالنسبة نفسها تقريباً. وفي السعودية تشكل عوائد النفط ما يصل 90 في المئة من دخل الحكومة، ولا شك أن انخفاض العوائد سيتبعه تقليل الإنفاق الحكومي بالنسبة نفسها. وحتى وإن لم يتأثر معدل النمو الاقتصادي بشكل واضح خلال الأعوام القريبة المقبلة، إلا أنه سيتأثر دون شك على المدى المتوسط، فما زال إنفاق الحكومة هو اللاعب الرئيس المحرك لمعظم الأنشطة في الاقتصاد. ولاستمرار النمو والحفاظ على استقراره على الأقل، فلا بد تحريك قطاع الخدمات، فهو المؤهل حالياً للعب دور القائد لبقية الأنشطة الاقتصادية في المملكة. وهذه هي النقطة الأولى في المقالة. النقطة الثانية، في السعودية أيضاً قال البنك الدولي هذا الأسبوع إن الحكومة تعكف على خطة لزيادة أسعار الطاقة والوقود وتعزيز…

علاج الفقر أم ثقافة الفقر؟

السبت ١٧ يناير ٢٠١٥

نسمع عادة ونقرأ، القبض على متسول وبعد البحث والتقصي وجد أنه يملك ملايين الريالات، أو وجد عند فلان «الفقير» شكلاً ومظهراً عمارات وأموال وفيرة بعد موته. وفي قصة أخرى، يقول أحد العاملين في المجال الخيري: «جددنا منزل إحدى العوائل الفقيرة، وأعدنا فرشه وترتيبه، وصرفنا لهم راتباً جيداً، ومع ذلك فرب العائلة إذا ما أراد شيئاً فإنه يتصل بنغمة واحدة ثم يغلق الجوال لأتصل به من هاتفي». مما سبق، ومما نعرف من القصص المشابهة، لا بد من التفريق بين الشخص الفقير، والشخص الذي يعيش ثقافة الفقر، فالشخص الذي يتسول على رغم امتلاكه أموالاً كثيرة، أو كبير السن الفقير شكلاً، والذي وجد ورثته العمائر والأموال بعد موته، ورب العائلة الذي يتصل بنغمة واحدة ثم يقفل طالباً من الآخر الاتصال به حتى لا يدفع هللات بسيطة على رغم ما قدمه له الطرف الذي يتصل به من مساعدات وأموال نقلته من طبقة الفقراء إلى متوسطي الحال، كلهم ليسوا فقراء، ولكنهم يعيشون ثقافة الفقر، ويتصرفون بما تمليه هذه الثقافة. ومصطلح ثقافة الفقر Culture of Poverty، ينسب إلى عالم إنثربولوجيا الأميركي أوسكار لويس Oscar Lewis في دراسته على بعض الأحياء المتخلفة في مدينة مكسيكوسيتي في المكسيك، وعلى بعض أبناء جالية «بورتريكو» المهاجرين للعيش في مدينة نيويورك الأميركية في أواخر خمسينات القرن الماضي. وبالتأكيد، فارقٌ كبير بين علاج الفقر وعلاج…

رأيان في إدارة الفوائض السعودية

السبت ٠٣ يناير ٢٠١٥

برز أخيراً رأيان حول إدارة الفوائض المالية السعودية المحققة في سنوات الطفرة النفطية الماضية بعد التدهور الأخير لأسعار النفط. ويعود الرأيان إلى رجل الأعمال البليونير الأمير الوليد بن طلال ووزير المال إبراهيم العساف الذي أمضى في منصبه نحو عقدين. والرجلان أكثر من صديقين، فالولد الوحيد للأمير الوليد، الأمير خالد، تزوج قبل أعوام ابنة العساف، ما يعني أن رأييهما خلاف في وجهات نظر وليسا اختلافاً. يرى الأمير الوليد ضرورة وجود صندوق سيادي بأسرع وقت، وهو رأيه المعلن في المقابلات الأخيرة التي أجريت معه، وآخرها الخميس الماضي مع صحيفة «عكاظ» التي جعلت ما قاله عنواناً عريضاً كالتالي: «الأمير الوليد بن طلال لعكاظ: المملكة بحاجة إلى صندوق سيادي لا تقل عائداته عن 8 في المئة». وقال في المقابلة: «المملكة الآن في أمس الحاجة (إلى الصندوق) أكثر من أي وقت مضى في ظل تراجع أسعار النفط، ونحن نعلم بأن المملكة لديها الآن احتياطات تتعدى 2.6 تريليون ريال (693 بليون دولار)، كما أن رأس مال شركة سنابل الاستثمارية يبلغ 20 بليون ريال، ومهما زادت عائدات تلك الشركة فلن تسمن ولن تغني من جوع، كما أن حجم عائدات الأموال التي تستثمرها الدولة لا يتعدى 1 في المئة، وهذا ما أعلن خلال جلسات الشورى، لذلك لا بد من تفعيل تلك الأموال بطريقة تعود على الدولة بربحية أعلى،…

خصخصة الرياضة السعودية

الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠١٤

على رغم أن حديث الرياضة، خصوصاً كرة القدم، لا يكاد يغيب في السعودية، إلا أن هذا الشهر كان الأعلى صوتاً مقارنة ببقية القضايا الأخرى. السبب يعود إلى ثلاثة أمور تُقرأ على الوجهين، الوجه الأول الرياضة، والآخر هو المال والاقتصاد. فالأمر الأول: وهو اختيار الأمير عبدالله بن مساعد رئيساً لرعاية الشباب بدلاً من الأمير نواف بن فيصل. الثاني: أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإنشاء 11 ملعباً جديداً في مناطق المملكة المختلفة. الثالث: فوز تحالف تقوده قناة «إم بي سي» هذا الأسبوع بحقوق نقل الدوري السعودي حصرياً في مقابل عقد ضخم بلغت قيمته 4.1 بليون ريال لعشرة أعوام. ولنبدأ من الأخيرة، ففي صفقة هي الأكبر في تاريخ الرياضة السعودية، فاز تحالف مجموعة «إم بي سي» مع القنوات الرياضية السعودية بحقوق نقل الدوري السعودي حصرياً في مقابل دفعهما 4.1 بليون ريال لعشرة أعوام. إذ ستتخصص الأولى في نقل فعاليات دوري أندية الدرجة الممتازة، وستكتفي الثانية بنقل فعاليات دوري أندية الدرجة الأولى. وعلى رغم معارضة واحتجاج قنوات أخرى على عدم شفافية اتحاد الكرة، وعدم طرحه امتياز نقل الدوري في مناقصة عامة للجميع، وبغض النظر عن تذمّر التيار المحافظ الذي ينظر بريبة إلى ما تقدمه مجموعة «إم بي سي» من برامج، إلا أن حجم العقد وأرقامه يشيران اقتصادياً إلى تحول الفكر في…

منحنى اللا سعادة!

الجمعة ١١ يوليو ٢٠١٤

تحدثت هذه المقالة سابقاً عن الناتج الوطني للسعادة «Gross National Happiness»، الذي بدأ في «بوتان» في أوائل سبعينات القرن الماضي، وانتشر أخيراً في كثير من دول الغرب، بل وتفرغت معاهد ومراكز دراسات متخصصة لقياس مؤشر السعادة، وتصنيف الأمم بناء على هذا المعيار. ويقيس مؤشر السعادة أشياء غير نقدية مثل جودة البيئة، وثقافة المجتمع، ومستوى التعليم، وحتى كيفية استمتاع الناس بأوقات فراغهم، وهي مقاييس تتطلب قياساً غير نقدي، يقوم على المقابلة والتقصي، وسؤال الناس المعنيين بالقياس. وكان من أكبر المؤيدين لقياس هذا المؤشر مرشح الرئاسة الأميركي الشهير السيناتور روبرت كينيدي، الذي اغتيل في لوس آنجلوس في أوائل حزيران (يونيو) 1968، إذ اعترض على مؤشر الناتج المحلي الإجمالي GDP الذي يستخدمه الاقتصاديون، وفضل عليه ما يسمى بالناتج المحلي للسعادة. وقال كينيدي إن «الناتج المحلي لا يقيس صحة أطفالنا ولا جودة تعليمهم ولا أوقات فرحتهم حينما يلعبون، ولا جودة نظام القضاء، ولا متعة الشعر، ولا طول حياتنا الزوجية»، قبل أن يختم بقوله: «إنه يقيس كل شيء، ما عدا ما يجعل الحياة جميلة وتستحق أن تعيش من أجلها». بالطبع لو تجاوزنا وصف كينيدي الحالم للسعادة، وتوقفنا مع المؤشرات التي يبنى عليها مؤشر السعادة، وهي - كما ذكر - جودة البيئة وثقافة المجتمع ومستوى التعليم وكيفية استمتاع الناس بأوقات فراغهم وغيرها من الأمور، فالأكيد أن…

حليب الأطفال بين الدعم والاحتكار

الجمعة ٠٦ يونيو ٢٠١٤

10 ريالات سيوفرها مشترو حليب الأطفال بسبب قرار موفق من وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة. القرار الوزاري حدد السقف الأعلى لسعر عبوات حليب الأطفال زنة 400 غرام بما لا يتجاوز الـ 29 ريالاً، والحد الأعلى للعبوات أعلى من 400 غرام على أساس سعر الكيلوغرام بما لا يتجاوز الـ 70 ريالاً («الحياة» ٢٩ أيار/ مايو ٢٠١٤). التدخل وتحديد سعر سلعة هو الاستثناء، فالقاعدة الأساسية هي حرية السوق، وعدم التدخل، وترك قوى العرض والطلب تحدد السعر التوازني الذي يقبله المنتج والمستهلك، أو المستورد - بمعنى أصح - والمستهلك في حالة حليب الأطفال. ولكن، في حالة السلع الضرورية، يجب أن تتدخل الحكومة لضبط السوق في ما لو شذّت عن طبيعتها المقبولة، وهو ما حصل بالضبط في حالة حليب الأطفال. فالمؤشرات تؤكد أن حليب الأطفال رُفع عمداً إلى أسعار مبالغ فيها، وكان الارتفاع متسارعاً من دون سبب منطقي، مع العلم أنه لم يرتفع بالسرعة نفسها في الدول المجاورة. وعلى سبيل المثال، تحدد بعض الأرقام سعر عبوة الـ 400 غرام في الإمارات الشقيقة بما لا يتجاوز الـ 27 درهماً إماراتياً، في حين بلغ سعر العبوة نفسها عندنا 35 ريالاً وزيادة في بعض الصيدليات. وإذا ما عرفنا أن الدعم الحكومي لحليب الأطفال يبلغ 12 ريالاً للكيلوغرام. فهذا يعني أن سعر بيع عبوة الـ 400 غرام…