بدر الراشد
بدر الراشد
كاتب سعودي

عن «البداوة والجهل» في جزيرة العرب

السبت ٠١ أغسطس ٢٠١٥

الدين كجزء من المجال الثقافي، خاضع للتأثير والتأثر بصورة دائمة. بمعنى أن الأفكار الدينية وأنماط التدين ليست صلبة وثابتة، بل تتشكل وفق ظروف مختلفة. في هذا السياق نفسه، يمكن التأكيد على أن مراكز التأثير الثقافي تتغير أيضاً. فعلى سبيل المثال، كانت اليابان إمبراطورية مهيمنة في منطقتها، وثقافتها سائدة بقوة وسطوة السلاح. اليوم تجد أن الثقافة اليابانية مهددة بسطوة العولمة، حتى إن الثقافة الكورية لم تكتفِ بالتمدد في تلك المنطقة عبر الأفلام والمسلسلات والأغاني وألعاب الفيديو..الخ بل امتدَّ تأثيرها إلى مناطق قصية من العالم، شملت العالم العربي. تبدو هذه الفكرة بدهية، أعني مسألة التأثر والتأثير المتبادل، وتغير المراكز الثقافية، لكن تحت وقع ظروف معينة تاريخية يتم تجاهلها لمصلحة سرديات بائسة. لنأخذ في هذا السياق النظرة إلى جزيرة العرب. لأسباب تاريخية تتعلق بعدم تعمق الدولة في وسط جزيرة العرب، تم تعميم هذا على كل الجزيرة، المساواة بين فكرتين مختلفتين: غياب السلطة المركزية وغياب التحضر. فغياب الدولة في نجد لا يساوي أن المنطقة كانت بادية يؤمها رعاة الإبل. فالقبائل العربية استوطنت تلك المنطقة قبل الإسلام بقرون. كما أن جزيرة العرب لم تخلُ من وجود سلطات مركزية في الحجاز والأحساء وجنوب جزيرة العرب، ومن هنا اعتبار أن الدولة كانت غائبة تماماً في المنطقة لا يعدو عن كونه مغالطة تاريخية. الأمر الآخر، إن تحضر البشر،…

تل أبيب في «سنابشات»!

السبت ١١ يوليو ٢٠١٥

قبل أيام، نشر تطبيق «سنابشات» صوراً وفيديوهات من عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب. وكما يحدث كل مرة، تكرر حديث خجول حول مقارنة فلسطين المحتلة تحت حكم الصهاينة ببقية العالم العربي، باعتبار «عواصم العرب» تحترق؛ بسبب حروبهم وصراعاتهم الأهلية وثوراتهم واستبدادهم، في مقابل التقدم والتحضر الذي يُشاهد في تل أبيب. عوضاً عن أن المعطيات غير دقيقة، ومعايير التقويم غائبة، وتختصر الحاضر والتاريخ ببضع ثوانٍ بثت عبر تطبيق في هاتف ذكي، ويتعامى عن الجرائم اليومية لهذا الكيان الغاصب، إلا أن الحديث عن هذه الآراء مهم، وإن لم تكن ظاهرة، بقدر ما هي وسيلة للفت انتباه والحصول على شهرة لحظية. الأمر هنا يشبه تماماً، لو انتصر تنظيم مجرم كتنظيم داعش، وبدأ بالاحتفال بعد عقود بانتصاره، وربما مدنيته وتسامحه، وربما أسس مدينة سماها «البغدادية» تيمناً بخليفته، هل هذا سيمحو ماضيه الأسود آنذاك؟ بالتأكيد لن يحدث هذا. لم ينس أحد أن تنظيم داعش عبارة عن خليط من أمم وجماعات مختلفة متباينة تجمعت من أصقاع الأرض؛ لتبني تنظيمها وتمارس إجرامها. لن ينسى أن هذا التنظيم يبني سطوته بالدم، يهجر ويقتل كل من يقف في طريقه، بغض النظر عن عرقه أو دينه، فيقتل العرب والأكراد والتركمان ويبطش بالمسيحيين والمسلمين، الشيعة والسنة، وكل من يخالفه. يطمس كل فكر لا يتفق معه، وكل تراث لا يروق له. يثور ضد…

المقاومة.. ليست «صك غفران»

السبت ٠٤ يوليو ٢٠١٥

دائماً ما يُنظر إلى فكرتي المقاومة والثورة بشكل رومانسي، يكاد يقارب صورة سينمائية. فالثوري يظهر مدافعاً عن المضطهدين والمحرومين، ويقف في وجه الطغيان، وربما كان يدخن السيجار الكوبي كما في صور تشي جيفارا، هذا ما يتبقى من الثوري في الروايات والأفلام السينمائية، وغالباً ما يتم تجاهل الدماء التي تسيل، والأبرياء الذين يقتلون، والعذابات التي يعانيها الشعوب؛ من أجل تحررهم. من هنا ترسَّخت صورة جيفارا كمقاوم للهيمنة الأميركية، من دون الخوض في تفاصيل مقاومته. الصورة السينمائية للمقاوم ليست ساخرة كلية، فهناك من يعتقد بعصمة «ما» للثوريين والمقاومين. هناك من يرى أي مقاومة لقوى مهيمنة هي بالضرورة نزيهة وعظيمة، ويجب أن يُنَاضَلَ من أجل الدفاع عنها وتلميع صورتها، حتى لو تلبست بكل أوصاف الرداءة، لكن الأحداث دائماً ما تخذل مثل تلك التصورات التي تحاول أن ترى الكون بشكل مبسط. كما أن هناك ثواراً ضد الاستبداد؛ يسعون لترسيخ استبدادهم وطغيانهم الخاص، هناك من يقاوم قوى الهيمنة لمصلحة هيمنة أخرى، أو مشاريع تقسيمية طائفية. هنا يكون الترجيح بين مشروعين سيئين لا بين مشروع جيد وآخر رديء. ففعل المقاومة لن يكون مرجحاً. كان أبو مصعب الزرقاوي في العراق مشروع مقاومة للمحتل الأميركي، لكن هذا المشروع – بعكس مقاومين آخرين – استثمر في الحرب الطائفية الأهلية العراقية. بالتأكيد لا يتحمل الزرقاوي وزر الحرب الأهلية في العراق…

«هُزِمَ» الكونفيديراليون.. وبقي علمهم

السبت ٢٧ يونيو ٢٠١٥

بعد تراجيديا مقتل تسعة أشخاص داخل كنيسة للسود في ساوث كارولينا على يد شاب أبيض، ثار الجدل حول «علم الكونفيديرالية» من جديد في بعض الولايات الجنوبية في أميركا، ولاسيما تلك التي مازالت ترفع علم المهزومين. عاد النقاش في شأن العلم لأسباب مختلفة، منها تبني القاتل للعلم، والاستفزاز الذي حصل بعد تنكيس علم الولايات المتحدة وعلم الولاية في ساوث كارولينا وبقاء علم الكونفيديرالية غير منكس، ما جعل الرئيس أوباما يتحدث عن الموضوع ويصرح بأن علم الكونفيديرالية يجب ألا يبقى إلا في المتحف. بينما يرفع العلم اليوم في مؤسسات عدة في الولايات الجنوبية لأسباب مختلفة. علم الكونفيديرالية يرمز إلى الطرف المهزوم في الحرب الأهلية الأميركية التي خاضها الأميركيون بين 1861 و1865. أعلنت الولايات الجنوبية رغبتها في الانفصال عن الاتحاد؛ لأسباب مختلفة، منها الخلاف على مسألة العبودية. ليقود أبراهام لنكولن حرباً مدمرة على الولايات الجنوبية؛ من أجل منع انفصالها. وتمت إبادة معظم قوات الولايات الجنوبية، ليتم وصف أبراهام لنكولن من بعض المؤرخين باعتباره أكثر شخص قتل أميركيين، على رغم أمجاده بالحفاظ على الاتحاد، التي تجعل لنكولن أبرز «الآباء المؤسسين». كانت التباينات كبيرة بين الشمال والجنوب، فالشمال يعتمد على الصناعة عصباً للاقتصاد، بينما يعتمد الجنوب آنذاك على زراعة القطن. وبينما كانت العبودية عصب الاقتصاد الزراعي كانت تتناقض مع الاقتصاد الصناعي الذي يحتاج إلى تقسيم…

لم يهزموا.. لكن أرواحهم نفرت

السبت ٢٠ يونيو ٢٠١٥

قبل أيام، تداول ناشطون مصريون خبر انتحار عازفة الناي والناشطة المصرية ندى سلامة. بعد ساعات نشرت ندى تعليقاً في حسابها بموقع «فيسبوك» تنفي خبر موتها، لكنها تحدثت عن محاولتها الانتحار مرات عدة خلال الأيام السابقة. كان التعليق طويلاً، ومحبطاً، ويائساً. لم يحمل ملامح واضحة شخصية أو سياسية. وقد كانت ندى قد ودعت صديقةً لها قبل عام، منتحرة. هي زينب المهدي، ولزينب قصة أقسى. زينب المهدي انتحرت في نوفمبر 2014. ولانتحارها قصة محبطة أشار إليها فهمي هويدي في مقالة نشرت في صحيفة الشروق في ذلك الوقت بعنوان: (أجراس انتحار زينب المهدي). فزينب – كما يسرد هويدي – كانت من نشطاء يناير، التي بعد فشل الثورة، قامت بتتبع ظاهرة مرعبة وجديدة في مصر تتلخص في اختطاف الناشطات المصريات واختفائهن لأيام في ظروف غامضة، ثم الإفراج عنهن في حال يرثى لها. سرد هويدي أسماء ناشطات تم اختطافهن، ثم تم إطلاق سراحهن، من دون أن يبالي بحالهن أحد. اختطاف الناشطين لم يكن حادثة معزولة بطبيعة الحال، فنشطاء ثورة يناير تفرقت بهم السبل إما خارج مصر، أو في سجونها، أو بالعمل داخل مصر في ظروف صعبة للغاية. كانت زينب تحاول تتبع ملف الفتيات المختطفات. لكنها انهارت، وقررت إنهاء كل شيء، وأرسلت لأحد زملائها رسالة تعبر عن إحباطها وثقل الملف الذي تحمل، كتبت زينب «تعبت.. استهلكت..…

«العبادي» التائه.. في حضرة أوباما

السبت ١٣ يونيو ٢٠١٥

تناقلت وسائل إعلامية عالمية مختلفة؛ صوراً ومقاطع فيديو لتجاهل الرئيس الأميركي باراك أوباما لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال اجتماعات مجموعة الدول السبع الكبرى في ألمانيا. وقد تراوحت التعليقات بين اعتباره سلوكاً عفوياً من الرئيس الأميركي وغير مقصود، إلى اعتباره تجاهلاً متعمداً لرئيس الوزراء العراقي في ظرف تعاني فيه بلاده من اضطرابات وتهديدات هائلة. لاحقاً، صرح المتحدث باسم البيت الأبيض بأن الرئيس أوباما لم يتجاهل العبادي، وبأن من يعتقدون أن أوباما «بسبب تعاليه» تجاهل العبادي؛ يعانون من «نقص في الثقة يعود لأيام المدرسة». هذا التعليق أقل ما يقال عنه بأنه مختل وبلا معنى، فالفيديو الذي بثته قنوات إخبارية ويشمل محاولات العبادي لفت انتباه أوباما لأكثر من دقيقة أكثر وضوحاً وصراحةً من تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض، والذي جاء متعالياً ويمكن أن يوصف بالوقاحة. يبدو تجاهل الرئيس الأميركي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمراً طبيعياً جداً، في كل السياق السياسي العراقي وعلاقة أميركا بالعملية السياسية بالمنطقة الخضراء. ووصول العبادي إلى السلطة، والفشل السياسي والعسكري لنخب ما بعد الاحتلال في العراق. ماذا يمثل حيدر العبادي ومن يمثل؟ أولاً: رئيس الوزراء العراقي، أحد وجوه حزب الدعوة، قضى عمره لاجئاً في لندن معارضاً لنظام الحكم المستبد الذي ترأسه صدام حسين. لكن ظروف سقوط هذا النظام لم تكن بفعل مقاومة وثورة هؤلاء المعارضين، ولا لكفاءتهم…

التحريض والإرهاب.. حول نظريات التأثير الإعلامي

السبت ٠٦ يونيو ٢٠١٥

مرت نظريات التأثير الإعلامي بتغيرات كبيرة خلال النصف الثاني من القرن الماضي، إذ من التقليدي الحديث عن بداية نظريات التأثير الإعلامي بنظريات «الحقنة والرصاصة» والتي كانت تعطي للإعلام تأثيراً كبيراً وحاسماً في الجمهور، قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها؛ وهو ما عزز ظهور الدعاية السياسية «البروبوغندا»، ولاسيما في ألمانيا والولايات المتحدة؛ باعتبار تأثير الإعلام في المتلقي مطلقاً ولا يمكن أن يرد كتأثير الرصاصة أو الحقنة. تلك الحقبة البحثية تأثرت بانتشار الصحف الصفراء في الولايات المتحدة في القرن الـ18. إذ تم اعتبار الصحف الصفراء، والروايات الرخيصة (سعراً ومضموناً) خطراً يهدد القيم الاجتماعية، ظهرت تأثيراته لاحقاً. فتم شن حملات شديدة على الإعلام باعتباره يغير المجتمع إلى الأسوأ، ويحمل تأثيراً لا محدود في الأفراد. بعد الحرب العالمية الثانية، ومع تطور أدوات البحث الأكاديمية، ظهر جيل جديد من الدراسات الإعلامية، صيرت حقبة الخمسينات والستينات حقبة نظريات التأثير الإعلامي المحدود بامتياز. فتمت الاستفادة في حقل الإعلام من المناهج الحديثة في العلوم الاجتماعية، والتي تعتمد على المناهج العلمية التجريبية؛ من أجل دراسة تأثير الإعلام على الفرد. ويعتبر النمسوي بول أزارزفلد أبرز المؤثرين في هذا المجال في أميركا خلال تلك الفترة. النتائج التي أظهرتها تجارب أزارزفلد أكدت دحض نظريات التأثير الكلي للإعلام على الفرد (مثل نظريات الحقنة والرصاصة)، وأكدت أن الإنسان يمتلك عناصر أخرى تحبط أي تأثير كلي…

«داعش» والإنترنت.. الحرب المستحيلة

السبت ١٤ مارس ٢٠١٥

استخدام الإنترنت؛ لنشر الدعاية واستقطاب أعضاء جدد والحصول على تمويل مالي، من بدهيات الحديث عن تنظيمات العنف واستخدامها للفضاء الإلكتروني منذ أعوام. فقد طورت شبكة الإنترنت مجالاً تفاعلياً بلا قيود رقابية، مكن الجماعات المعادية للدول والنظام العالمي من استغلاله لمصلحتها. فقد كان تنظيم القاعدة -مثالاً- ينشط عبر المنتديات الإلكترونية في بداية الألفية؛ لنشر أدبياته، إضافة إلى استخدامه الإنترنت لبث الفيديوهات التي تنتجها مؤسسات التنظيم. لاحقاً، تمت مواجهة حضور تنظيم القاعدة من خلال إستراتيجيتين، الأولى: إغراق المنتديات التي ينشط فيها تنظيم القاعدة بحسابات تواجهه فكرياً، وهو ما أفقد خطاب «القاعدة» بريقه واستفراده بالساحة. الإستراتيجية الثانية: كانت تأسيس أجهزة المخابرات الدولية منتديات إلكترونية جهادية من أجل الإيقاع بأعضاء تنظيم القاعدة والمتعاطفين معهم. انتشرت هذه المنتديات، حتى قيل إن المخابرات الأميركية وحدها «سي آي إيه» أسست آلاف المواقع الجهادية. خلال الأيام القليلة الماضية، تعرض مؤسس «تويتر» جاك دورسي لتهديدات بالقتل من أشخاص يدَّعون صلتهم بتنظيم «داعش»، بعد إغلاق «تويتر» حسابات تابعة لأفراد التنظيم. هذه التهديدات ليست سوى نتيجة لحملة للموقع واستهدف خلالها آلاف الحسابات التابعة للتنظيم، تروج لفيديوهات القتل التي ينشرها، وتمجد بعملياته وتبررها. دائماً ما كانت النقاشات حول تنظيم القاعدة سابقاً، أو «داعش» الآن، تركز على مضمون الرسائل الإعلامية التي ينشرونها، ولم تحظَ أساليبهم في إرسال هذه الرسائل بجهد بحثي يذكر. لكن…

إيران وإسرائيل.. هل عدو عدوي صديقي؟

السبت ٠٧ مارس ٢٠١٥

منذ فترة ليست بالقصيرة، وهناك فكرتان تتكرران باستمرار بخصوص التوازنات السياسية والعسكرية في الخليج العربي. هاتان الفكرتان ترتبطان بعضهما ببعض، وربما تكونان بمنزلة السبب والنتيجة، وإن لم تذكرا في السياق نفسه. الفكرة الأولى مفادها بأن إيران أخطر على العرب من الكيان الإسرائيلي. والفكرة الثانية أو النتيجة أن التحالف مع إسرائيل مهم في هذه المرحلة؛ لمواجهة الخطر الإيران. غالباً ما يتم تبرير فكرة التحالف بمبرر يفصل بين الأوضاع في المنطقة العربية والأوضاع بالخليج، باعتبار إسرائيل لم تهاجم دول الخليج بشكل مباشر، وبأن المصالح الوطنية لدول الخليج تتمثل في تطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ باعتبارها أمراً واقعاً لا مفر منه، ويلي التطبيع أو يواكبه بناء حلف؛ لمواجهة الأطماع الإيرانية في المنطقة. ولاسيما مع اتفاق أميركي-إيراني يبدو وكأنه حتمي بخصوص المفاعل النووي. هذه الرؤية تغفل الدول العربية لمناطق نفوذ أساسية لدول الخليج، بل امتداد لها. غالباً ما يُتهم من يرفض هذه الرؤية بأنه غير عقلاني وعاطفي، وبأن المصالح الوطنية اليوم تفرض خطوة بهذا الاتجاه، بغض النظر عن تاريخ الصراع العربي-الصهيوني. إن خيار بناء حلف مع إسرائيل بعيد عن أي واقعية أو عقلانية. وهو خيار مبني على مجموعة من التوهمات والأحكام اللحظية. فجميع الأسباب التي تجعل إيران مصدر خطر في المنطقة، تجعل الكيان الإسرائيلي أشد خطراً وفتكاً منها؛ فإيران مصدر خطر أساسي على المنطقة وعامل…

الإسلام «أخَّر» أوروبا

السبت ١٤ فبراير ٢٠١٥

الأوروبيون لا يرون أنفسهم أمة مهاجرين، بل دول قومية ذات هويات مغلقة. صحيح أن الدول التي ترى أنفسها «أمة مهاجرين» كدول العالم الجديد، مثل كندا، والولايات المتحدة، صنعت هوية عرقية/دينية صلبة، باعتبار المهاجرين المؤسسين للدولة مسيحيين، من المذهب البروتستنتي، وأنجلوسكسون، إلا أن سردية الهجرة أسهمت -أحياناً- في قبول أشخاص من أديان وأعراق مختلفة، ولو بشكل محدود. أو في تبني سياسات تعددية تتيح للمختلفين ثقافياً ممارسة اختلافهم بشكل علني في سياقات معينة. من دون أن يعني هذا عدم وجود إشكالات متعلقة بالهوية في هذه البلدان. لكن تجلي هذه المشكلات أقل حدة منه في أوروبا بالنسبة إلى العرب والمسلمين. إشكالات الهوية متضخمة في أوروبا؛ بسبب التناقض الشديد بين تدفق المهاجرين إلى أوروبا من ناحية، وبين الرغبة بالحفاظ على طابع ثابت لهوية وطنية فرنسية، ألمانية..الخ من ناحية أخرى. الهوية الأوروبية قائمة على الرغبة بإخضاع الآخر لشروطها، أكثر من التعايش معه. الرغبة بالحفاظ على هوية مغلقة مصمتة للدولة أصبح متضخماً في أوروبا، على رغم كون فرض هوية من الدولة سمة للدولة الحديثة عموماً. الإشكال في حالة أوروبا في أمرين، الأول: يطرحه المفكر محمد عابد الجابري في سياق تحليله للتصويت على منع المآذن في سويسرا، إذ يؤكد الجابري أن الفلسفة الأوروبية فلسفة هوية قائمة على «الأنا»، وأن الغيرية في الفكر الأوروبي قائمة على «السلب» و«النفي»…

العراق.. وقتال «البرابرة»

السبت ٠٧ فبراير ٢٠١٥

تقدمت القوات العراقية -أو ما تبقى منها- لتحرير عين العرب أو (كوباني)، وتطهير محافظة ديالى خلال الأسبوع الماضي. تمت العمليات العسكرية بالتعاون مع قوات البيشمركا الكردية، وبالاعتماد الكامل على ما يعرف بقوات «الحشد الشعبي»، وهي لافتة عامة وتسمية لطيفة لميلشيات طائفية عدة، أهمها فيلق بدر أو منظمة بدر بقيادة هادي العامري، وزير النقل العراقي السابق. هذا الخليط يقاتل تنظيم داعش، اعتماداً على دعم من الحرس الثوري الإيراني، وخبراء عسكريين من حزب الله. قيل إنهم غادروا العراق الأسبوع الماضي، بعد قصف الكيان الصهيوني للقنيطرة. هذا الخليط يقاتل تحت غطاء ضربات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش». هذا النسيج الغريب وغير المتجانس والمثير للاهتمام؛ أعطى غطاءً سياسياً وأخلاقياً لمليشيات طائفية، متهمة بارتكاب عمليات انتقامية من المدنيين في محافظة ديالى، تحت غطاء تحرير المنطقة من «داعش». بداية القصة كانت بتصريح النائبة في البرلمان العراقي عن محافظة ديالى ناهدة الدايني، التي أكدت أن الميلشيات الطائفية، وبعد طردها «داعش» من المنطقة، جمعت بين 70 و 80 عراقياً عزَّل، بينهم نساء وأطفال، وأعدمتهم بدم بارد، إضافة إلى الاعتداء على مساجد ومنازل مواطنين. جاء رد رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري بالدعوة إلى التحقيق في هذه الاتهامات، لكن كرة الثلج واصلت التدحرج، إذ ناشد نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي رئيس الوزراء حيدر العبادي بوقف انتهاكات…

مردوخ.. أفكار عقيمة لها 1000 قدم!

السبت ١٧ يناير ٢٠١٥

تعليقاً على اعتداء باريس قبل أيام، كتب إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ تعليقا اعتُبر مستفزاً وظالماً للمسلمين؛ إذ علق عبر حسابه في «تويتر» قائلاً ما معناه: «ربما كان معظم المسلمين مسالمين، لكنهم يتحملون المسؤولية (عن الاعتداءات الإرهابية) حتى يتعرفون على سرطان الجهاديين بينهم ويستأصلونه». تباينت التعليقات على كلام مردوخ، لكن الأهم في هذا السياق أنها ليست المرة الأولى التي يطلق فيها مردوخ تصريحات إعلامية تعتبر متطرفة وسطحية. فللرجل تاريخ من تبني آراء متحيزة ومتطرفة. سأشير في هذه المقالة إلى بعضها أبيِّن خطورتها. عندما اجتاح آرييل شارون بيروت سنة 1982، أظهر مردوخ إعجابه وغبطته بما فعله شارون وجيش الاحتلال الصهيوني، وعندما سأله أحد موظفيه إن كان هذا الأمر «أخلاقياً» أجاب مردوخ بأن هذا غير مهم. ثم علق بما معناه إن شارون قادر على الحسم، وهذا أهم. وحول المسلمين أيضاً، قال رجل الأعمال الأسترالي-الأميركي ذات مرة لأحد مرافقيه إن المسلمين يعانون من إصابة مفرطة بالتشوهات الخلقية عند الولادة بسبب ميلهم إلى زواج الأقارب. هنا، يخلط مردوخ نصف معلومة علمية بتعميم، من أجل إرضاء تحيزاته وانطباعاته المسبقة تجاه المسلمين؛ محاولاً استنقاصهم. تعليقات مردوخ وآراؤه المتطرفة لا تستهدف المسلمين فقط، فللرجل تعليقات أخرى شهيرة حول النساء، والسود، اتسمت بالعنصرية وعدم التسامح. منها على سبيل المثال تعليقه حول رئيس الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر، إذ قال مردوخ…