برميل علاء الدين..

الإثنين ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤

جاء انخفاض أسعار النفط ليثير كثيرًا من الأسئلة حول المستقبل الاقتصادي والمعيشي في الوطن، الذي كان يعتمد على المادة الخام في أكثر من 90 في المئة من إيراداته المالية، والحديث داخل الوطن عن بدائل للنفط يختلف عن خارجها، فالنفط تنظر إليه الدول المتقدمة على أنه مصدر رئيس للطاقة في مختلف مجالات الحياة، بينما نراه مصدرًا للحياة ومنبعًا سهلاً للثروة المالية، وهي رؤية تختلف تمامًا، وتجعل من انحسار أسعار النفط أشبه بالكارثة الاقتصادية على هذه البلاد.. وإذا كانت مصر هبة النيل حسب هيرودت، فإن النقلة السياسية والمعيشية والاجتماعية في الوطن كانت هبة النفط، الذي تم اكتشافه في مراحل شديدة الفقر الاقتصادي، وكان قرار التنقيب عنه، ثم اكتشافه أعظم إنجاز بعد التوحيد، وقد ساهم في إحداث أهم نقلة تاريخية في مرحلة في غاية الشراسة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. لم يكن النفط نقمة، بل كان نعمة ساهمت في إضفاء بعضًا من اللين على القسوة والتحجر العقلي، وفي تخفيف القيود والأغلال الاجتماعية، وفي الوصول إلى حالة السلم الاجتماعي، وقد كانت وجهة نظر الذين يرونه نقمة أنه ساهم في تباطؤ ثقافة العمل وزيادة معدلات الاتكال والكسل، لكن التاريخ علمنا أن ثقافة العمل في الجزيرة كانت محدودة وغائبة عن كثير من الفئات، وكان التناحر والغزو أحد سبل البحث عن لقمة العيش. لم يكن النفط نقمة، بل كان…

لماذا تحضر ثقافة الموت وتغيب ثقافة الإنجاز؟

الخميس ١١ ديسمبر ٢٠١٤

لفتت نظري نصيحة قيادي جهادي للمستجدين الجدد في الجهاد بأن لا يبحثوا عن ذواتهم أو عن الحقيقة، وإن فعلوا سيقودهم ذلك إلى الليبرالية، ولعل تاريخ الصحوة ورموزها يحكي تلك القصة، فالصحويون الذين بحثوا عن النجومية في الدعوة والإعلام انتهى بهم الأمر ليصبحوا أقل تشدداً وأكثر تسامحاً، والساحة الإعلامية تزخر بنجوم دعاة فاقت شهرتهم نجوم الرياضة والفن، وقد يكون تحقيق الإنجاز والعمل من أجل الحفاظ عليه هو العامل الأهم في عملية التغيير. لذلك كانت المقدمة الحضارية في المجتمعات المتقدمة تتلخص في عبارة «دعه يعمل.. دعه يمر»، وكانت الأجواء الاقتصادية والاجتماعية تهيئ الشباب للعمل بقيود أقل، وبحقوق أكثر، وذلك من أجل تحقيق الإنجاز ثم المحافظة عليه، ويتطلب ذلك مزيداً من الحريات الاقتصادية، ومزيداً من الحقوق للانطلاق في سماء الإبداع، وقد استغل بعض الدعاة المنجزات الغربية في التواصل والنشر الحر في مهمة الوصول إلى النجومية. لذلك يظهر خلاف كبير بين الاتجاهات الدعوية والجهادية، والتي تنهى عن التعامل مع نجوم الصحوة، لسبب أنهم سياسيون، ويتعاملون مع الناس من خلال الكلمة والحوار، ويرفض بعضهم خيارات العنف والإقصاء للتغيير، ويتمتعون بقبول مشروط للآخر، وقد كان لبعض النجوم الدعاة حضور لامع في الإعلام الليبرالي. بينما يقوم المجتمع الجهادي المعاصر على مبادئ الطاعة المطلقة والانقياد والثقة، ويبني في عقل المجاهد المستجد أنه لا يملك قراره، فحياته يجب أن…

ألف عام من العزلة

الإثنين ٢١ أبريل ٢٠١٤

أتساءل لماذا تسيطر تلك النبرة التنكرية والدفاعية عن أي محاولة للكشف عن خلل ما أو حالة اضطراب في المجتمع، ولماذا تستمر حالة الصمت المغلف بابتسامة رقيقة، تكسرها أحياناً كلمات مختصرة وموجزة «كل شي تمام وتحت السيطرة»، برغم من أن الأزمة في بعض الأحيان تصل إلى حجم الكارثة. أتساءل لماذا يصر بعضهم أن الناس غير مؤهلين للتعامل مع المعلومات الحديثة، وبالتالي يجب حجبها عنهم، لأنهم لا يحسنون التصرف في الأزمات، وقد يخرجون عن طورهم في حالات القلق، وهو ما حوّل المعلومة إلى القنوات السرية والإشاعة والهمس وثم جعلها حبيسة للقفلة الشهيرة «الكلام ليس للنشر»، وهو ما يؤدي إلى التأخير أحياناً في إيجاد الحلول السريعة للأزمات الطارئة مثلما حدث في وباء الكورونا، وما يصاحبه من إنكار وتعتيم غير مبرر. أتساءل لماذا يظهر التناقض في محتوى حديث البعض عندما يتحدث باللغة الإنجليزية مع الخارج، وحين يتحدث باللغة العربية مع الداخل، معبرة عن حجم الهوة المعرفية بين لغة الماضي ولغة العلم الحديث، وعن ازدواجية غير مطمئنة للمجتمع، ولماذا نقدم اللغة العربية كوعاء للتخلف والشعر الشعبي والوعظ في شؤون الماضي، بينما نجحت الأمم الأخرى في إثراء لغاتها المحكية بالمفردات المعرفية. أتساءل لماذا يعود الناس في أغلب الأحيان إلى الماضي من أجل إيجاد حلول لأزماتهم وأمراضهم ومشكلاتهم برغم من أن أنساق المعرفة الحديثة قدمت ولازالت تقدم…

الدور الرقابي ومبدأ إبراء الذمة..

الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤

يطالب بعض أعضاء مجلس الشورى بتفعيل الدور الرقابي على الأداء الحكومي، وتأتي هذه المطالبة بسبب ضعف الأداء الرقابي بشكل عام في المجلس، وذلك لتقرير مبدأ إبراء الذمة الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، على أنهم سيكونون مسئولين عن الإخفاق الحكومي وتعثر المشاريع، في ظل الصرف الحكومي الهائل في التنمية، ويكمن في مبدأ إبراء الذمة أهم خطوات الإصلاح في العمل السياسي، لكنه ينتظر الخطوة الأهم في تفعيل ذلك الدور الرقابي. تنطوي فلسفة الرقابة على التحقق عمَّا إذا كان كل شيء يَحدث طبقاً للخطة الموضوعة من قبل الجهات التشريعية، وتطبيقاً للتعليمات الصادرة من الجهات العليا، وانسجاماً مع المبادئ المحددة، والتي من أهم أغراضها ومهامها الإشارة إلى نقاط الضعف والأخطاء التي تقع فيها الجهات التنفيذية، بغرض معالجتها، ومنع تكرار حدوثها، وفي نفس الوقت تكون بمثابة المرآة لمبدأ المحاسبة للمخالفين للتعليمات، وهو مبدأ سام، وتأخرت كثيراً تطبيقاته في التاريخ الاجتماعي السياسي عند المسلمين. تعود فلسفة الرقابة في الغرب إلى إرث قديم في التاريخ الأوروبي، وبالتحديد إلى الحقبة الرومانية قبل الميلاد فيما يُعرف بمجلس الشيوخ، وقد كانت السلطة التشريعية والرقابية العليا في الجمهورية الرومانية التي نشأت عام 509 ق.م واستمرت حتى عند تحول روما إلى إمبراطورية علم 27 ق.م، بينما لم يعرف العرب قبل الإسلام نظام الدولة التي تحكم الأرض والبشر، وكانوا يتصرفون في…

بعض من ملامح الشخصية المتطرفة..

الخميس ٠٦ مارس ٢٠١٤

كم تساءلت عن أسباب التطرف في بلادي، وهل له علاقة بالدين، أم أن التاريخ والجغرافيا والأنثروبولوجيا تلعب الدور الرئيسي في تكوين الشخصية المتطرفة، فالصحراء لا تنتج إلا الجفاف، والجفاف يرسم على وجه الإنسان قسمات قاسية، ويترك ملامح تفتقر إلى الابتسامة، وبرغم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام حثّ على الابتسامة، (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، يفتقر المجتمع إلى ثقافة الابتسام في الشوارع والملاعب والأسواق وفي طوابير المطار، وهو ما يعني أن التطرف في هذا المجتمع ليس له علاقة بالدين بشكل مباشر، بل بثقافة المجتمع وتقاليده وتضاريسه وتاريخه الاجتماعي، وبإرث الحرمان الذي لم يولد عبر تاريخه القديم إلا سلوك قطّاع الطرق في أزمنة مضت. الشخصية المتطرفة التي تظهر في سلوك بعض رجال الدين في شوارع المدينة لها علاقة بذلك الإرث، وليس لها علاقة بأصول الدين، لذلك تحرص تلك الشخصية أن تبدو في أغلب الأحيان في هيئة عبوسة، إلا من رحم ربك، وقد يتعمد بعضهم في أن يخرج في مظهر رث، وبملابس قديمة، وأن يتعامل مع الناس بلغة قاسية وجافة، خالية تماماً من المفهوم السامي ( الدين المعاملة)، قد تصل في بعض الأحيان إلى الضرب بالعصا، ولا ينسى الكثير زمن انتهاك أبسط حقوق الإنسان في صور خارجة عن التحضر، من قبل بعض رجال الهيئة، وعند إعادة بعض من تلك المشاهد في الذاكرة…