د.منصور أنور حبيب
د.منصور أنور حبيب
اختصاصي طب الاسرة والصحة المهنية

حركة وطن

الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠١٤

هل سألت نفسك كم دقيقة تتحرك في اليوم؟ وهل المقصود من الحركة البدنية منها فقط؟ وما علاقتها بحراك الوطن؟ الحركة عند الطبيب هي الرياضة وعند الموظف الانتقال من طابق إلى آخر، وعند ربة البيت غسل الأواني. فالتعريف يختلف من بيئة لأخرى ومن منظور لآخر، لكن العامل المشترك هو تحريك الجسم. الكون في حركة دائمة وكذلك خلايا أجسامنا في دوران مستمر. إذاً الحركة جزء لا يتجزاء من تفاصيل حياتنا اليومية ومن دونه تتوقف الحياة. من الناحية العلمية بينت الدراسات المستفيضة أن ممارسة الحركة والنشاط البدني بجميع أنواعه يحفز الجسم لإفراز هرمونات ومواد تساعد على إعادة بناء الجسم بطريقة صحية وتجدد الخلايا التالفة، وهذا بدوره يقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة والخبيثة. أما من الناحية النفسية فإن الحركة تحسن من المزاج وتقي من الإصابة بالاكتئاب والتوتر. ولا ننسى دور النشاط البدني في زيادة التركيز خلال اليوم، وهذا يزيد من إنتاجية الموظف في عمله وربة الأسرة في بيتها والطالب في مدرسته. لكن ما هي الحركة الصحية؟ تأتي الرياضة والنشاط البدني كالجري والسباحة وركوب الخيل على قمة الهرم. وفي هذا لا نحتاج إلى إثبات الدراسات العلمية، فديننا الإسلامي حث على الرياضات المذكورة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة مارسوها. ومن ثم تأتي الحركة اليومية من المشي وممارسة الأعمال المنزلية والمهنية كشريحة مهمة في…

دولة الابتكار

الأحد ١٤ سبتمبر ٢٠١٤

منذ الأزل والإنسان يعمل، سواء للقمة العيش أو لحياة أفضل. وبمرور الأيام والسنين تطورت الأمور، وظهرت منظومة المؤسسات والشركات بشكلها الحالي، وأصبح الفرد يعمل مع آخرين في مجموعات بعد أن كان يعمل وحيدا. هذه المنظومة أوجدت تحديات جديدة في طريقة تعامل الافراد في بيئة العمل، وخصوصا بعد ظهور السلم الوظيفي والمسميات الرنانة؛ من مدير ومسؤول ومرؤوس، فظهرت النظريات الإدارية والأساليب المختلفة، لتحفيز الفرد العامل واستخراج ما أودعه الله فيه من أفكار وقدرات تعود بالنفع على البشرية جمعاء. من هذا المنطلق تعتبر نظرية التناغم الوظيفي (Employee Engagement) التي رأت النور عام 1993، من الوسائل المهمة التي ساعدت في دفع بيئات العمل المختلفة للتحليق إلى عالم الإبداع والابتكار، وجعلت الموظف هو العميل الأول والأهم. لكن ما هو التناغم الوظيفي؟ هو درجة الالتزام المهني والأخلاقي والعاطفي للموظف تجاه بيئة عمله، بغض النظر عن موقعه في السلم الوظيفي.. بمعنى آخر؛ مدى عشق الفرد لعمله! وقد يقول قائل؛ أليس الرضى الوظيفي هو نفس التناغم؟ هناك فرق. فلنأخذ المثال التالي: موظف (أ) يقوم بعمله اليومي على أكمل وج. ويلتزم بساعات الحضور والانصراف فقط، أما الموظف (ب) فيعشق وظيفته وينجز معاملات العملاء بأسرع وقت بابتسامة كبيرة، ويبتكر أساليب جديدة في إنجاز المهام. فالموظف (أ) قد يكون راضيا، لكن ليس بالضرورة متناغما ومندمجا، بينما الموظف (ب) يحقق أعمق…

من المهد إلى اللحد

الجمعة ٠٦ يونيو ٢٠١٤

"مبروك المولود الجديد!"، مقولة يتمنى سماعها كل حديث عهد بالزواج، ومن اشتاقت نفسه للثاني والثالث، ومن حرم سنوات من هذه النعمة الإلهية العظيمة. لكن في خضم الاحتفالات والهدايا والتبريكات، هل وضعنا في حسابنا كيفية التعامل مع هذا القادم الجديد حتى قبل ولادته؟ لنبحر في محطات سريعة لنرى كيف نستطيع إضافة فرد جديد صحي من الناحية الجسدية والنفسية والاجتماعية. المرحلة الأولى هي عندما يكون الفرد جنينا في بطن أمه، وحتى قبل ذلك (عند انعقاد النطفة). فالعلاقة الحميمة بين الزوج والزوجة المبنية على التفاهم والثقة والمحبة، تنعكس إيجابا في روح الجنين. وأيضا التأكد من عدم وجود القابلية لإنجاب فرد يحمل أمراضا وراثية (فحوصات ما قبل الزواج)، أو تشوهات خلقية (تجنب التدخين من أحد الزوجين أو كليهما، الكحول، بعض الأدوية). وفي هذا الخصوص وجدت دراسات عديدة أن إكثار المرأة الحامل من ذكر الله وقراة القرآن والابتعاد عن الأجواء المشحونة، ينتج مواليد بدون اللجوء للعملية القيصرية، وبأوزان جيدة وفي صحة وعافية. تسمية الفرد والرضاعة الطبيعية، هي المرحلة الثانية. قد يستغرب البعض في ماهية العلاقة بين الاسم والصحة. التسمية المقبولة عرفا تنعكس إيجابا في شخصية الفرد وثقته بنفسه، وبالتالي في صحته. أمّا الرضاعة الطبيعية فالقرآن الكريم وقبل جميع الدراسات الحديثة، أنهى الموضوع في الإيجابيات اللامتناهية لحليب الأم. وهنا يأتي دور الأسرة مرة أخرى، فنوعية أكل…

الضغوط النفسية المرتبطة بالعمل

الأحد ٠١ يونيو ٢٠١٤

يتعرض الكثير من العاملين إن لم يكن جميعهم في شتى الوظائف إلى الضغط النفسي أثناء إنجازهم للأعمال المطلوبة منهم. وقد بينت الدراسات العلمية فائدة وجود قدر من هذا الضغط لدفع العامل إلى الإبداع والجد وتنفيذ المهام الموكلة إليه. ولكن ماذا عن ضغط العمل الزائد عن الحاجة؟ وهل هو مفيد أم أنه قد يعرض الشخص إلى مضاعفات غير مرغوب فيها؟ وما هي أسباب هذا الضغط الزائد؟ في عام 1979، توصل العالم كاراساك إلى نظرية أثبتتها الكثير من الدراسات العلمية، وهي أن من أكثر الوظائف التي يتعرض العاملون فيها إلى الضغط النفسي العالي، هي الوظائف ذات السيطرة القليلة والطلب الكثيرمثل العاملين في خدمة العملاء، ومحاسبي الكاشير في الجمعيات والمحلات، وغيرهم ممن يطلب منهم الكثير، ولكنهم لا يمتلكون القدرة على اتخاذ القرار في حينه والسيطرة على الموقف. هذه الفئة معرضة أكثر من غيرها للضغط النفسي العالي أثناء العمل، وما يتبعه من ترجمة هذا الضغط إلى أعراض وأمراض جسدية ونفسية واجتماعية، من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب والإدمان، ومحاولات الانتحار وزيادة الخلافات العائلية وزيادة الإصابات نتيجة قلة التركيز. إضافة إلى ذلك،  ذكرت بعض الدراسات قابلية المعرضين للضغط النفسي العالي المرتبط بالعمل، الى الإصابة ببعض انواع السرطانات. وهناك فئة اخرى تتزايد لديهم الضغوط من دون أن يشعروا بذلك، وهم مدمنو العمل وبالأخص المدراء والرؤساء…