محمد العصيمي
محمد العصيمي
كاتب سعودي

صحوة محمد بن سلمان

الأحد ١٦ ديسمبر ٢٠١٨

معلوم لدى الجميع ماذا تعني مرحلة ما سمي (الصحوة) في أذهان السعوديين، ومعلوم أيضا، أن تلك المرحلة أخرت البلاد والعباد على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي وقت ما سيتم جرد الخسائر، عبر ما لا يقل عن أربعة عقود، لنعرف حجم هذه الخسائر ولكي لا ننسى أو نغفل. ما يهمنا الآن هو أننا بإزاء صحوة حقيقية يصدق عليها الاسم والمعنى والعمق، باعتبار أن من يصحو هو من يبث طاقة هائلة في محيطه للبناء والتقدم ونقل الواقع الساكن المعاش إلى حالة إيجابية متحركة، يشعر بها ويتفاعل معها الجميع. وهذه هي صحوة السعوديين الجديدة، أو صحوتهم الحقيقية. ويمكن، بطبيعة الحال، أن نسميها صحوة محمد بن سلمان، لأن ولي العهد هو من يشعل أنوارها ويدير ملفاتها ويراقب حركتها تحت إشراف ومباركة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أطال الله في عمره وعافيته. كل السعوديين، ما عدا من بقي في فمه شيء من ماء التطرف، يتجاوبون الآن مع ما يحدث في بلادهم من منطلق واحد وهو أنهم مدعوون، في ظل هذا العهد، ليستفيدوا من إمكانات وطنهم الهائلة ويشاركوا في البناء، باعتبارهم صناعا للحياة ومنفتحين على كل الدول والمجتمعات التي تتشارك معهم المصالح والثقافات المُلهمة. وهذه هي الركيزة الثانية لعهدنا الجديد، وهي أن المواطن (الفرد) يفهم يقينا الفرق بين الصحوتين، صحوة…

وصية ستيف جوبز الأخيرة

الأحد ١٢ أغسطس ٢٠١٨

على فراش المرض حيث أصيب بسرطان البنكرياس لم يشأ عبقري (أبل) ستيف جوبز أن يغادر دنيانا ببساطة كما لم يشأ أن يعيشها ببساطة. وما زالت كلماته الأخيرة، تحت وطأة المرض واحتمالات الموت، تتردد بين الناس باعتبار ألا أحد منهم بلغ مجده وقليلون أولئك الذين بلغوا حكمته. إليكم، بتصرف، كلماته أو وصيته الأخيرة: «لقد وصلتُ إلى القمة في عالم الأعمال، فقد كانت وجهة نظر جميع الناس أن حياتي بمثابة نموذج للنجاح. ومع ذلك، وبصرف النظر عن هذا النجاح، فإني لم أحظَ إلا بالقليل من السعادة. في هذه اللحظة، وأنا مستلقٍ على سرير المرض، مستدعيًا شريط حياتي كلها، أدركتُ أنَّ شبكة معارفي، وثروتي التي طالما افتخرتُ بها، تراجعَت الآن، وأصبحَت بلا قيمة في وجه الموت الوشيك.! أنت تستطيع أن توظف شخصًا ما لقيادة السيارة نيابة عنك، وكسب المال لك، ولكن لا يمكن أن يكون هناك شخص يتحمل بالنيابة عنك آلام المرض. كل الأشياء المادية المفقودة أو الناقصة في حياتك يمكن العثور عليها، ولكن هناك شيئًا واحدًا لا يمكن العثور عليه عند فقده ألا وهو «الحياة». عندما يذهب شخص إلى غرفة العمليات، سيدرك أنَّ هناك كتابًا واحدًا لم ينتهِ بعد من قراءته هو «كتاب: كيف تعيش حياة صحية؟». مع تقدمنا في العمر، وتَحلّينا بالحكمة، ندرك ببطء أننا سواء اقتنينا ساعة يدٍ بقيمة 300…

زوجتك.. ساقت والا ما ساقت؟!

الخميس ٠٥ يوليو ٢٠١٨

منذ بدأ تطبيق قرار قيادة المرأة للسيارة وأنا استقبل هذا السؤال عشرات المرات: زوجتك ساقت والا ما ساقت.؟! ومنشأ هذا السؤال، الذي يظن بعض من يطرحه أنه محرج لي، هو أنني كنت وما أزال من المتحمسين لقيادة المرأة وإعطائها هذا الحق الطبيعي الذي مكنتها القيادة الحكيمة منه الآن. طبعا من يطرح السؤال ينطلق من مبدأ أن زوجتي خاضعة لي ولأوامري باعتباري أنا الديك وهي الدجاجة، وبالتالي يُفترض أن أجرها من أذنها وأُركبها السيارة لتقود رغمًا عنها؛ تطبيقًا لقاعدة كثير من الذكور الذين لا يرون المرأة أكثر من طفل يُقاد و(يسمع الكلام) وإلا عوقب بمنع المصروف والخروج مع الأصدقاء. زوجتي، بالمناسبة، قادت السيارة في أمريكا لقرابة ثلاث سنوات ولديها رخصة سياقة أمريكية، وهي بشيء بسيط من تنشيط الذاكرة واستعادة مهاراتها السابقة تستطيع أن تقود السيارة فورًا. وأنا اطالبها بذلك على الأقل لقضاء (المشاوير) القريبة من البيت. لكن قرارها هي، وهي حرة، ألا تقود الآن مثل كثير من النساء وبالتالي لا سلطان لي على هذا القرار مثلما أن لا سلطان لها على قراراتي، فالبيوت والعلاقات السوية تُبنى على التفاهم والتشاور وليس على العسف والإجبار، سواءً تمثل هذا العسف وهذا الإجبار في منعها من قيادة السيارة أو إرغامها على قيادتها على غير رغبتها. لذلك، لمن يبحثون الآن عن أضواء خفتت أو شهرة غضت،…

سعود بن نايف في العوامية

الخميس ١٥ فبراير ٢٠١٨

الفرق بين يد تهدم ويد تبني لا تخطئه سوى عين الأعمى أو المتعامي. حين كانت بلدة العوامية ترزح تحت وطأة الإرهابيين كان أهلها والمقيمون فيها يلوذون من سلاحهم وشرورهم وغلوائهم خلف كل جدار وحجر. وحين ذهب سمو الأمير سعود بن نايف ليدشن تطوير منطقة وسط البلدة خرج جميع أهلها ليشهدوا، بفرح عارم، هذه الاحتفالية الوطنية الكبرى. وتباشروا، عبر كل الوسائل والمجالس، بالخلاص من افتراءات واعتداءات الإرهابيين ودخول بلدتهم طريقا جديدا للتنمية والعمل والأمان الذي يؤمن عيشة مرتاحة كريمة. بعد سنة من الآن، بحسب خطة المشروع، سوف يزور أهل المنطقة الشرقية، وسكان المملكة بأجمعها، منطقة وسط العوامية التي ستباهي بتطورها ورونقها وقيمتها الترفيهية والسياحية. مئات من فرص العمل لشباب وبنات البلدة والمنطقة ستتاح على مساحة وطنية بيضاء قدرها 180 ألف متر مربع، تتوافر فيها كل المقومات الضامنة لخدمات تجارية وثقافية وسياحية على مستوى رفيع، مثلها مثل كل المشروعات والمعالم الجذابة التي دشتنها المملكة مؤخرا بعد انطلاقة رؤية 2030. يتغير وجه العوامية كما تتغير وجوه مناطق ومدن وبلدات عديدة وُضعت على خط السعودية الجديدة، المعنية، بالدرجة الأولى والأخيرة، بأمان المواطن وإنتاجيته وراحته ورفاهه. لقد كان البِشر واضحا وطافحا على كل الوجوه التي حضرت أو تابعت استقبال المسؤولين والأهالي لأمير المنطقة وإطلاق المشروع الكبير المنتظر. ومرد هذا البشر، تكرارا، هو ما أحاق بالإرهاب…

الحريري في باريس

الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠١٧

وصل رئيس وزراء لبنان المستقيل سعد الحريري أمس إلى باريس مكذبًا قبل مغادرته كل الشائعات عن احتجازه في المملكة، سواءً صدرت هذه الشائعات من موظف حزب الله ميشال عون، أو من أبواق الحزب وأبواق النظامين السوري والقطري. وطبعا هو في باريس، مهما طالت إقامته، لن يكون محتجزًا لأن عين الرضا عن فرنسا، كما هي عين الرضا عن إيران، واسعة. تضيق هذه العين فقط وتصاب بالرمد حين يكون في بلد عربي مثل المملكة. لا أظن أن زمنًا عربيًا سابقًا شهد مثل هذه الخيانات و(الانبطاحات) العربية التي نشهدها الآن، إذ يسر كثير من العرب من المحيط إلى الخليج، أن يروا إيران تبرطع وتحتل عواصم عربية وتطلق صواريخ على الرياض وهم يتحدثون عن الحوار والجوار، أو يمتنعون عن التصويت على انتهاكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان كما حدث مؤخرًا. الأدهى والأمر أن عون، مثل جاره بشار، يصر على جر لبنان إلى المحرقة وإلى الحرب الأهلية من جديد ليبقى في كرسي الرئاسة، الذي منّ به الحزب عليه. المجد الذاتي لدى الجنرال مقدم على مصلحة لبنان واللبنانيين ومصلحة العرب أجمعين. وحتى لو غير الدستور اللبناني واعتبر لبنان جزءًا من الأمة الإيرانية فليس لديه مانع من ذلك. بعد أيام سيعود الحريري إلى بيروت وسوف نكتشف كم هي المسافة شاسعة بين رجل لا يريد سوى خير لبنان واللبنانيين…

كيف نسقط أسوار المتطرفين؟!

الإثنين ٠٢ يناير ٢٠١٧

مما ابتدعناه واكتفينا به، عطفاً على نشوء وانتشار الفكر المتزمت والإرهابي، أن الفكر يحارب بالفكر. وهذه خدعة يُكذبها واقعنا المأساوي الذي لم يفت الفكر المعتدل في عضده شروى نقير. أعني أن النقاش الفكري، عبر كتاب أو مقالة أو نص أدبي أو تغريدة، لا يؤدي إلى نتيجة، أو على أكثر تقدير، قد يؤدي إلى نتائج صغيرة أو نتائج خجولة وملتبسة لا تحدث التأثير المطلوب على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمع ككل. المتزمتون والتنويريون يعلمون أن كل ما يتداولونه على مستوى الأفكار هو (غزوات) خاطفة يحاول فيها كل طرف أن يأخذ الآخر إلى تياره. وأحيانا تكون هذه الغزوات حادة ومؤذية لما استقر عليه الناس من قناعات ومشاعر؛ ليس فقط فيما يقع تحت مظلة المتزمتين، بل أيضا ما يقع تحت مظلة التنويريين من هذه القناعات وهذه المشاعر التي يؤذيها المحافظون المتزمتون بردود أفعالهم وتوصيفاتهم الخارجة عن الدين والعرف والذوق العام. إذا اتفقتم معي على ذلك فإنني أدعوكم، مع بداية السنة الجديدة، إلى مناقشة مسألة محاربة الفكر بالفكر وإعادة النظر فيها، لنتخلص أولاً من فكرة (الحرب) الواردة في المقولة ذاتها، ولنتجه ثانياً للتفكير في الحلول الصحيحة والأكثر نجاعة للتخلص من الأفكار المتزمتة والإرهابية وتحقيق سلامة الشباب منها ومن عواقبها على الوطن والمجتمع. من هذه الحلول أن نعمل على مقاومة فكر التزمت والإرهاب على أساس…

الاستقواء على الضعفاء!

الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١٦

الاستقواء على الضعفاء ليس شجاعة بقدر ما هو خور ودناءة وممارسة جبانة لسلطتك وجبروتك على من لا يملك حيلة للدفاع عن نفسه أو جسده. يتساوى في ذلك من يستقوي على امرأة أو طفل ويمارس عليهما العنف اللفظي والجسدي والجنسي، ومن يغضب ويعتدي لأن عاملاً مغترباً بسيطاً طرق عليه زجاج سيارته ليدفع ثمن البنزين. ولذلك لا أكون أكثر سرورا من اللحظة التي أسمع فيها أن (معتديا) على أي من أفراد أسرته قد جُر للمحكمة وحكم عليه بما يستحق ليتأدب ويكون عبرة لغيره. وقد كنت في غاية السعادة، الوطنية والمجتمعية، حين نشرت شرطة حائل خبر القبض على ذلك الشاب العشريني الذي أوسع عامل محطة البنزين ضربا وركلا مستقويا بجنسيته وعضلاته ضد مغترب فقير بائس. من المهم، بل من دواعي الاغتباط، أن تشعر بأن وطنك يطبق النظام والعدل على المخطئين والمتجاوزين والمجرمين من أبنائه كما يطبق ذلك على المقيمين واللاجئين إلى أرزاقهم الشحيحة التي تتيحها فرص العمل فيه. ومن المهم، أيضا، أن يعرف كل مغترب مقيم على أرضنا أنها تسع الإنصاف والعدل كما تسعه. وأننا لا نسمح، لا دولة ولا مجتمع، بأن يضار لأن جاهلا مستقويا ظن أنه فوق القانون لأنه سعودي أو لأنه ابن فلان أو علان. سعوديتك أو وطنيتك تتمثل في أخلاقك ونخوتك وسلوكك وحنوك على الضعفاء الذين سلموا أقدارهم ووجودهم…

(الحرمه) هيلاري!!

السبت ١٢ نوفمبر ٢٠١٦

الأمريكي، في الأغلب الأعم، ليس مثل الأوروبي، وبالذات ليس مثل البريطاني في نظرته إلى المرأة وإيمانه بدرجة مساواتها معه. لذلك كان كثيرون يرجحون عدم فوز هيلاري كلينتون بانتخابات الرئاسة الأمريكية، ليس لأنها تحمل تاريخا سياسيا سلبيا ومشوشا فقط، بل لأنها (أنثى) ولأن المحافظين الأمريكيين من الرجال والنساء، الذين غازل ترامب عنصريتهم وإرثهم، ما زالوا يضعون المرأة في موقع متأخر عن الرجل الأجدر بالحكم والسيطرة والقوة. أي أن قشرة الحريات الطافحة على الأرض الأمريكية لا تدل أبداً على أن الأمريكي، الأبيض بالذات، قد غير ثقافته أو بدل مواقفه لينتخب أول رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية. وأظن أنه سيمر وقت طويل آخر، بعد فشل هيلاري، قبل أن يقرر الرجل الأمريكي المحافظ تسليم كرسي البيت الأبيض لمن لا يزال يعتبرها ناقصة العقل وناقصة الأهلية. كلينتون نفسها كانت تشعر بصعوبة فوزها كامرأة برئاسة أمريكا. ولذلك رددت في أدبيات حملتها كثيرا أقوالا من قبيل «أنها ستشعر بالفخر لو أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة» و«أن البعض لا يزال لديهم تساؤلات حول تولي امرأة هذا المنصب». و«أن غالبية الأمريكيين يرحبون بتولي امرأة المنصب، لكن بعضهم يريدون معرفة ما ستفسر عنه تلك التجربة». يعني أنها لم تكن واثقة تماما من أن الأمريكي ألقى بنظرته، المتحفظة حيال المرأة كجنس، خلف ظهره. وربما أيضا لم تفاجأ حين لم تفلح…

رباعي التنظير!

الأربعاء ٢٦ أكتوبر ٢٠١٦

اسمحوا لي أن أكون الوحيد الذي يختلف معكم في ردود الفعل حيال حديث وزراء الثامنة الشهير. واسمحوا لي أن أعتبر الوزيرين ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط ثلاثي الإفصاح، وأن أعتبر الاقتصاديين الذين عقبوا على حديثهم في حلقة الثامنة يوم الأحد الماضي رباعي التنظير. وبالمناسبة لست مع كل ما قاله الوزراء ولست ضد كل ما قاله الاقتصاديون. المسألة بالنسبة لي هي أننا كمواطنين واقعون في هذه المرحلة بين مطبين كبيرين: التنفيذي الذي نتحفظ على أدائه والمنظر الذي لم نجربه.. وكلاهما لا يأخذاننا إلى طريق تنموية واقتصادية صحيحة تخلصنا من رمادية المرحلة. شيء آخر وهو أن المواطن السعودي لا يحب الحقيقة بعد أن طال به الأمد مع التطمينات والمبشرات التي لا تستند إلى حقائق ودراسات علمية محكمة تقول له ما هو وضع بلاده وما هو موقعه من هذا الوضع. ولذلك يهجم على التنفيذيين الذين غيروا لغتهم التطمينية إلى لغة عملية، ويصفق للمنظرين الذين بالغوا في توصيف الوضع الاقتصادي وبأنه على خير ما يرام وليس هناك ما يستدعي القلق أو يثير الشبهات حول حالة اقتصادنا بعد بضع سنوات. وإذا سلمنا بلغة المنظرين التطمينية فكيف، في ظل مصدات اقتصادنا القوية كما يقولون، كيف نفسر إلغاء مشاريع بمليارات الريالات لأن وضعنا الاقتصادي صعب.؟! وكيف نفهم اقتراضنا لأول مرة في عمر المملكة من الخارج بعد الاقتراض الكبير…

تعليقاً على حديث وزراء الثامنة

السبت ٢٢ أكتوبر ٢٠١٦

لكي أصارحكم القول فقد فكرت بعدم تضييع وقتي في مشاهدة ثامنة الوزراء الشهيرة على اعتبار أن ما سيقولونه كلام (حكومي) مردد لن يسمن ولن يغني من جوع، لكنني قررت أن أجازف وأجلس مع المواطنين لأستمع لهم، خاصة أنني ممن طالب بأن تُحدث الحكومة الناس وتشركهم في قراراتها ونتائج هذه القرارات لأن من يفهم يكون أفضل في مواقفه ممن يقاد على عماه. والحق أنني لم أندم على حضور هذه الحلقة التي تسجل في تاريخ (الثامنة) كما سُجلت من قبل حلقات مفصلية أخرى في قضايا وطنية مهمة. الوزيران إبراهيم العساف وخالد العرج ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري كانوا، مع شيء من التفاوت في الشفافية، مقنعين في حديثهم وصريحين إلى حد كبير. شرحوا وحللوا وقدموا حقائق اقتصادنا الوطني ووضعنا المالي على ما هو عليه دون تذويق أو تغليف. وكان التويجري بالذات سيد الشفافية في هذا الحديث إلى درجة الاعتراف بأنه كان من الممكن أن نفلس خلال ثلاث أو أربع سنوات لو لم نتخذ الإجراءات الأخيرة ولم نتحرك بسرعة واحترافية لتعويض سنوات أو عقود الاستهتار والهدر والترهل والاعتماد المطلق على براميل النفط. ما تحفظت عليه فقط من مجمل الحديث هو محاولة التبرؤ من عملية الهدر والفوضى في الصرف وإلقائها، ضمنا، على رأس فترة سابقة وربما وزراء سابقين. وهذا إن كان صحيحا إلا أنه…

الصحوة تصطاد في مياه «جاستا»!

الإثنين ٠٣ أكتوبر ٢٠١٦

مياه قانون «جاستا» عكرة جداً ويسهل الاصطياد فيها لكل من في نفسه غرض ضد العلاقات بين الدولتين، أو ضد المملكة وضد نظامها السياسي الذي يلتف حوله الشعب التفافاً واضحاً وقاطعاً. من المصطادين في هذه المياه العكرة الإيرانيون وأذنابهم من خونة العرب. ومنهم أولئك الذين تحينوا صدور هذا القانون لينفثوا أحقادههم التاريخية، مثل بعض القومجيين الذين انتقلوا، منذ زمن، من معسكر القومية إلى معسكر الغل ضد كل ما هو سعودي وخليجي. وهؤلاء بالذات لن يكون أبرد ولا ألذ على قلوبهم من أن يروا المملكة في وضع حرج، سواء أكان هذا الوضع سياسياً أم اقتصادياً أم عسكرياً، خصوصاً أنه لم يسرهم، كما لم يسر أعداء العرب أجمعين، أن يكون للمملكة مشروع واضح في المنطقة بدأ مع عاصفة الحزم في اليمن. من المصطادين، أيضاً، في مياه هذا القانون بعض الصحويين الذين أخرجوا طبولهم المغبرة وبدأوا يدقون عليها باعتبارهم الفئة الوطنية التي حذرت من هذا اليوم منذ 25 سنة. ولست أرى أسوأ من هذا الاصطياد ولا أقذر من هذا اللطم الصحوي في جنازة هذا القانون؛ فمرحلة ما يسمى الصحوة لم تنتج خيراً يذكر بقدر ما أنتجت وضعاً فكرياً ضاراً في مجمله على مستوى الوطن العربي ككل. ومن أضرارها، التي وقعت على المملكة وعلى كثير من البلدان العربية، أنها مكنت، عن قصد أو غير قصد،…

حديث العرب

الإثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١٦

ليس لدى الخليجيين برامج تلفزيونية تنويرية إلا فيما ندر مما هو موجود بنسبة ما على قناة العربية والجزيرة وبعض القنوات المحلية التي لا تجيد إلى الآن الصناعة المحترفة لهذه البرامج. من برامج التنوير التي أتابعها بحرص شديد برنامج (حديث العرب) الذي يقدمه الدكتور سليمان الهتلان على قناة سكاي نيوز؛ كونه ينقلنا في بعض حلقاته إلى كثير من (المسكوت عنه) ليس في الخليج فقط بل عبر العالم العربي كله، حيث يترصد المجتمع، قصدا وجهلا، بكل خروج عن الجادة المرسومة سلفا ليرسل أصحاب هذا الخروج إلى مغبات العقاب، سواء أكان هذا العقاب محاكمة علنية تديرها الدولة نفسها، أو محاكمة مجتمعية تنفي صاحب الرأي المختلف وتسيء إليه وربما وصل الحال إلى طرده تماما من المشهد العام.!! من حيث المبدأ لا أتفق، وربما كثير منكم أيضا لا يتفق مع كل أو بعض ما تطرحه حلقات برنامج حديث العرب، لكن المهم هو أن هذه الحلقات تلقي حتما حجارة في الآبار الراكدة. وهذا أمر مهم في عملية التنوير كونه يحرض على التساؤل وعلى التفكير فيما استقرت عليه الأوضاع لعقود بل ربما لقرون. على سبيل المثال كان المفكر العربي الدكتور محمد شحرور شبحا فكريا نندس لقراءة كتبه أو مقالاته إلى أن سمعناه في هذا البرنامج متحدثا إلى جمهور عريض من كل الطبقات والشرائح. في هذه الحالة، وهذا…