اغتيال وطن

آراء

أربعون سنة سيطر فيها القذافي على ليبيا دون أن يبني مستشفى أو جامعة أو طريقاً. من زار ليبيا أيام حكمه يقسم أن أصغر مستوصف في أي دولة خليجية يفوق أي “مستشفى” في ليبيا. وحينما ثار التونسيون ضد الرئيس السابق، خطب فيهم القذافي، عبر التليفزيون، معنفاً إياهم على الثورة ضد بن علي قائلاً: ماذا تريدون؟ لديكم كل شيء. ثم شهد بنفسه كاشفاً خيبته وفشله حينما اعترف بحماقة: الليبيون يذهبون للعلاج في تونس! لماذا اضطر الليبيون للعلاج في تونس؟ وكل هذه الثروات النفطية المهولة في ليبيا لم تبن مستشفى لائقاً لليبيين في ليبيا؟

الاستبداد يعمي الأبصار. والمستبد عادة تسوقه حماقته إلى نهايته، هذا ما حدث بالضبط مع القذافي، وهذا غالباً ما سيحدث لبشار الأسد. الأسد في رهانه على الروس والإيرانيين وأتباع نصر الله يظن أنه في مأمن من تلك النهاية التي قد لا تختلف كثيراً عن نهاية القذافي. الاستبداد واحد حتى وإن تنوعت أشكاله وممارساته، فسوريا بثرواتها وطاقاتها البشرية المبهرة سُخرت من أجل سيطرة آل الأسد ومن في دائرتهم من أولاد العم وأولاد الخال والخالة.

حينما تجد بلداً طاردة لخيرة عقولها، من أطباء وتجار ومهندسين وأصحاب رأي، فتأكد أن شكلاً ما من أشكال الاستبداد يحكمها، لا شيء أسوأ من الاستبداد يقود الأوطان إلى الفقر والخوف والتراجع. إن وطناً تهرب منه خيرة عقوله ليس سوى سجن كبير يبحث قاطنوه عن فرصة للهرب. وما الفقر والفوضى وضياع الحقوق وغياب الأمن إلا نتائج لـ”سوء الإدارة” التي لو بحثت في أسبابها لوجدت فيها وجهاً أو أكثر للطغيان والاستبداد.

كم أنت مسكين يا وطن: استعمروك ثم اغتالوك علناً باسم الوطنية والقومية ومواجهة الاستعمار!

المصدر: صحيفة الشرق