الزياني: متطلبات سوق العمل «بريئة» من تدني مشاريع ريادة الأعمال في الوطن العربي

منوعات

أكدت الدكتورة منى الزياني، رئيس مجلس إدارة الجامعة الخليجية بالبحرين، أن إلقاء اللائمة على متطلبات سوق العمل هو الطاغي في هذه المرحلة، مشيرة إلى أن تردي مشاريع رياديي الأعمال في الخليج هو مشكلة تبدأ من المدارس، وتحديدا من المرحلة الابتدائية ولا دخل لسوق العمل بها.

وأشارت الزياني إلى أن من الواجب أن تنمى لدى الطالب منذ نعومة أظفاره مهارات التعلم واكتساب الخبرات من محيطه التعليمي ومن المناهج التي يدرسها بالمدرسة، فالمهارات الأساسية المطلوبة في سوق العمل يجب أن يتعلمها النشء في المدارس.

وأعطت الدكتورة الزياني مثالا حيا لتجربة مدرسة الحكمة في البحرين والتي تبدأ من الصف السابع بإعطاء طلابها مهارات ريادة الأعمال. وعليه فالمدرسة تتكفل بمصاريف بدء مشاريعهم الصغيرة، من خطة العمل، ودراسة المشروع إلى أن يبدأ به الطالب فعليا ويكتسب منه أرباحه حتى يتخرج، وتقول الدكتورة منى الزياني: «بعض الطلاب أكملوا مشاريعهم إلى أن سجلوا شركاتهم بغرفة التجارة البحرينية بعد تخرجهم».

إلى جانب آخر، أبانت الأستاذة الدكتورة رفيعة غباش المختصة بالطب النفسي بجامعة الإمارات، أن الخريجين في الإمارات العربية المتحدة لم تعد تمثل لهم إتاحة فرص الوظيفة الحكومية هاجسا، فأصبح هناك خيارات العمل في القطاع الخاص الذي يمثل تحديا مع الأجانب الملتحقين به. وفي رأيها فإن التعليم حق سواء أراد الخريج الالتحاق بسوق العمل أو يبدأ عمله الخاص.

يشار إلى أن مؤسسة قطر المهتمة بمجال التربية والتعليم، والعلوم، وتنمية المجتمع، والتي بحسب تصريح سابق من الشيخ الدكتور عبد الله آل ثاني نائب رئيس مؤسسة قطر، تحتضن مشاريع وبرامج متخصصة عدة، لتشجيع الطلاب على بيئة الاختراع والعلوم في المدارس. وعلى أثرها أقامت المؤسسة مبادرات خاصة لتشجيع المناظرات على مستوى المدارس القطرية وخارجها، إضافة لبرامج تشجيعية من جامعة حمد بن خليفة بقطر، موجهة لطلاب المدارس لتحفيزهم للالتحاق بتخصصات علمية في المرحلة الجامعية.

وعلى النطاق المحلي، تشهد السعودية في الوقت الراهن مبادرات خجولة بمجال ريادة الأعمال للصغار، يتبناها أفراد وبعض المؤسسات غير الربحية لتشجيع النشء على بناء مشاريعهم الخاصة، والتي منها انطلقت فعالية «تيد إكس الصغار» الأسبوع الماضي بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض والتي جعلت شعارها «لدي حلم».

وظهر المتحدثون الصغار على مسرح الفعالية، ليحكوا بثقة عن تجاربهم الشخصية وأحلامهم، منهم عمر العويد الذي يعمل حاليا بدوام جزئي في أحد المقاهي الشبابية في الرياض وعمره لا يتجاوز الخامسة عشرة، حفزه عمله أن يفكر بفتح مقهى بعد بلوغه الثامنة عشرة كمشروع خاص يحقق به أحلامه. وحول المبادرات الفردية للرياديين الصغار، تحدث راكان العيدي أثناء وقوفه على مسرح «تيد إكس الصغار» عن دعمه لابنه في بدء مشروعه الريادي «مشاري توي ستور» والذي بدأه إبان ابتعاثه في أستراليا، والذي هدف منه لتحفيز ابنه مشاري في استغلال مواهبه ومهاراته لبيع ألعابه المستعملة ودعمه كريادي صغير.

جهاد الحميد، المنظمة الرئيسية للحدث، ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن فكرة الفعالية نبعت من سلسلة مؤتمرات «تيد» العالمية والتي تقام في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، كمؤتمر يهتم بالأفكار التي تستحق الانتشار، وقالت «نؤمن بأن الطفل يحتاج التنويع في مصادر تعلمه وملاحظته من خلال مثل هذه الفعاليات القليلة جدا في الرياض، خصوصا للفئة العمرية من عمر الخامسة وحتى الخامسة عشرة، وبطبيعة مخيلة الأطفال الواسعة فإنهم يبحرون كثيرا في خيالاتهم ودائما ما يرددون أحلامهم، فأردنا بهذه الفعالية أن نرتقي بأحلام الأطفال من مجرد كونها عابرة إلى أحلام يمكننا أن نحققها بالسعي والاجتهاد».

وأضافت الحميد: «تركيز الحدث على مسألة تحفيز النشء على ريادة الأعمال يرجع إلى أن هذه المرحلة من حياتهم هي مرحلة تنمية المسؤولية كذلك نمو الشعور بالإنجاز ورغبتهم المستمرة في الاجتهاد ومحاولة تحقيق إنجازات مختلفة ومحاولاتهم بالابتكار، وكل هذه السمات إذا حرصنا على تنميتها فسنساهم بذلك في إعداد طفل ريادي في جميع المجالات في الأعمال وفي المجتمع».

فكرة ريادي الأعمال الصغير، أصبحت منتشرة على نطاق واسع في مبادرات التعليم حول العالم، ولعلها أرخت بظلالها على مبادرات إقليمية بدول مجلس التعاون الخليجي، حيث انطلقت فكرة ريادة الأعمال في المدارس بشكل إيجابي في دول الخليج العربي، بمبادرات حكومية وخاصة وكذلك فردية لتنمية مهارات ريادة الأعمال لدى النشء بتشجيع الطلاب في المدارس على أن يؤسسوا مشاريعهم الخاصة والتي تدر عليهم الربحية.

وتعتبر هذه المبادرات جزءا من محاولة ترسيخ ثقافة ريادة الأعمال والبدء بالمشاريع الخاصة، وتعميمها على الصغار في المدارس باعتبارهم اللبنة الأساسية لبناء الاقتصاد في المستقبل، من خلال تبني أفكار مشاريعهم الصغيرة، وخصوصا أن ذلك يأتي مواكبا لارتفاع معدلات البطالة في الخليج بشكل هائل.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط