ماذا حصل للذهب؟ – عبدالناصر الشعالي

أخبار

ما الذي يحصل للذهب؟ أو بالأحرى، ماذا حدث للذهب كاستثمار؟ لماذا انخفض سعرهُ من 2000 دولار للأونصة إلى 1400 دولار للأونصة؟ بدايةً، هل كان الذهب استثمارًا جيِّدًا؟ بما أنكم تستلمون الآن عوائد الأسهم لشركاتٍ مُختلفة، سأقوم بمقارنةٍ بسيطة بين الذهب والأسهم وبعض الاستثمارات الأخرى بهدف شرح وجهة نظري. ما هو وجه الشبه بين الذهب والأسهم وما هي أوجه الاختلاف؟ للعلم؛ الاستثمار في الذهب ليس له عوائد سنوية بسبب تحسن المردود السنوي كما هو الحال مع الشركات كما أن الذهب ليس له طرح أولي للاكتتاب وهو بلا شك أقل في مستوى السيولة من الأسهم. أيضًا، توفر الذهب مرهونٌ بمناجم الذهب واستخراجه بعكس الأسهم التي يتم إصدارها حسب أداء الشركة المالية ومصداقيتها لتكون مؤهلة لطرح أسهمها للاكتتاب.

إذًا مرةً أخرى، ما هو الشيء المُشترك بين الذهب والأسهم؟ حقق الأفراد الذين قاموا بالاستثمار في شركات Apple وIBM وDell عالميًّا وإعمار ومصرف أبوظبي الإسلامي وبنك أبوظبي الوطني محليًّا مكاسب على رؤوس الأموال المُستثمرة في الأسهم ويمكننا هُنا أن نجزم بأن ذلك كان بفعل التضخم إلا أنها مكاسب على أي حال. الشركات المذكورة بعضًا من الأمثلة للشركات التي أتاحت للمستثمرين فيها جني الأرباح من ارتفاع سعر السهم وليس من الأرباح المدفوعة بشكل سنوي فقط. ما يميز الذهب عن الشركات هو أنه لا يمكن حصول احتيالات أو تلاعب في المحاسبة مقارنةً بفضائح الشركات في الأزمة المالية لينخفض سعر شرائه نتيجةً لذلك كما أنه لن يقوم بتصنيع منتجٍ فريدٍ من نوعه كالآيفون ليرتفع سعره. ويعد الذهب الملاذ الآمن للمستثمرين القلقين إزاء الوضع الاقتصادي السيء للدول والوضع المالي المتدهور للشركات ويعتقدون خطأً أن الذهب استثمارٌ جيد. حين يقوم الكثير من الأشخاص بشراء سلعةٍ معينة، يرتفع سعرها والعكس صحيحٌ كذلك، وفي حالة الذهب، كان يجب على المستثمرين فيه بيع ما يمتلكونه من ذهب حين تجاوز سعره 2000 دولار للأونصة.

حين حدثت الأزمة وصارت تبعاتها واقعًا ملموسًا، بدأ الناس بسحب أموالهم من استثمارات مختلفة لشراء الذهب الذي كان سعره آخذًا بالصعود آنذاك، ولم يقتصر الشراء على الذهب بحد ذاته ولكن بكل ما كان له علاقة بالذهب كشهادات الاستثمار فيه والصكوك والعقود التي تعتمد البيع والشراء على الهامش دون الحاجة لتملك الكمية كاملة. بسبب كل ما ذُكر، ارتفع سعر الذهب لمستوياتٍ غير مسبوقة وبما أن المستثمرين الآن أقل قلقًا بعد أن بدأت بعض الاقتصادات بالتعافي فإنه من الطبيعي أن يقوم مالكو الذهب ببيعه مما أدى بدوره إلى انخافض سعر الشراء. المشكلة الحقيقية تكمن في بيع الدول لممتلكاتها من الذهب والدولارات الأمريكية وليس المستثمرين بسبب ضخامة الكميات المملوكة من قبل الحكومات التي تواجه كثيرٌ منها متاعبًا نظرًا للوضع الاقتصادي العالمي أو بسبب فرض عقوبات اقتصادية عليها. بما أن الصين تمتلك الحصة الأكبر من الدولارات الأمريكية ووضعها الاقتصادي يعد مستقرًّا نسبيًّا، فإن العم سام يستطيع أن ينعم بنومٍ هانئ لأن الدولار الأمريكي في مأمنٍ مما يهدد الذهب الآن نتيجة بيع الحكومات له. إن لم تقم الحكومات والمستثمرين بتدمير قيمة الذهب، سيتكفل فزع عامة الشعب بذلك.

لنفترض هُنا أنه لا يوجد ذهب ولا توجد شهادات استثمار فيه أو غير ذلك من المنتجات المربوطة بالذهب، هل توفر البنوك والمصارف بدائل جيدة للاستثمار بعوائد مقبولة؟ وهل تأخذ نسبة العوائد أو الأرباح نسبة التضخم السنوية بعين الاعتبار؟ لا، وفي المُقابل، يوفر الذهب للمستثمرين فيه عوائد على رأس المال المُستثمر تتجاوز في كثيرٍ من الأحيان نسبة التضخم، إنَّ توقيت الشراء والبيع هو ما يُمكِّنُ المُستثمر من صنع الفارق بين الربح والخسارة إلا أن فرص الاستثمار الجيدة في الذهب قد انتهت ببدء انتهاء تبعات الأزمة وتعافي بعض الاقتصادات العالمية. بالنظر إلى أسهم الشركات، يدرك المستثمر أن الشركات تقوم بتوزيع العوائد السنوية بنسبةٍ مُعينة متى ما كان أداؤها المالي جيدًا حتى وإن انخفض سعر السهم الواحد عما كان عليهِ في السابق، كما أن الشركات تواصل دفع العوائد ولكن بنسبٍ مختلفة بحسب ما تفرضه عليها التغييرات في الوضع الاقتصادي العالمي. في ختام المقال، أود منكم أن تفكروا بما سيحصل لسعر الذهب إذا ما قامت حكومات أكثر ببيع احتياطاتها منه حين تجد نفسها مهددةً بالإفلاس.

أترك الجواب لكم.

نقلاً عن القلف نيوز (النسخة العربية خاصة لـــ الهتلان بوست)