تجربتي في سوق الأسهم!

آراء

استثمرت في أسواق الأسهم الإماراتية للمرة الأولى حين كان عمري 17 عاماً، وفي ذلك الوقت، لم تكن لدي دراية عن كيفية الاستثمار ولم أكن مقتنعاً وقتها أن أسواق الأسهم المحلية بلغت مرحلة النضوج في القوانين والإجراءات ومستوى التوعية العامة لكيفية الاستثمار. استثمرت مبلغاً بسيطًاً في شركيتن: “مصرف أبوظبي الإسلامي” و”أمان”، وكان تفسيري لذلك بأن المصرف لا يمكن أن يُفلس أو بالأحرى لن تسمح الحكومة له بأن يفلس كما حصل مع بنكٍ آخر سأقوم بذكره في آخر المقال، بينما “أمان” شركة يمكنها تحقيق عائدٍ ماديٍ مجزٍ إذا ما تم استثمار مبالغ التأمين بالشكل الصحيح. كان سعر سهم المصرف آنذاك 50 درهم وسعر سهم “أمان” 35 درهم ، وارتفع سعرهما بعدها إلى 100 درهم و70 درهم إلا أنني لم أبع ما كان بحوزتي طمعاً بتحقيق ربحٍ أكبر. وحين بدأت أسعار الأسهم بالهبوط، سارعت إلى بيع الأسهم لتحقيق أرباح اقل مما كنت سأحققه لو قمت ببيعها سابقاً، اشتريت بعدها أسهمًا في شركة “طاقة” وتوقفت عن التداول بشكلٍ يومي.

هناك ثلاث قواعد رئيسية يُمكن اتباعها للاستثمار في الأسهم، وذلك استناداً إلى الأخطاء التي ارتكبتها وإلى بعض النصائح من كتاب “المستثمر الذكي”.

القاعدة الأولى: لا تقم بالتداول يومياً – إن الهامش الضئيل للربح من التداول اليومي مقارنة بالوقت المبذول لمراقبة الحركة اليومية للأسهم تجعل هذا النوع من التداول غير مربح إلا إذا كان بإمكانك التلاعب بأسعار الأسهم دون مُحاسبة أو إذا كان مبلغ التداول كبيراً بما فيه الكفاية ليصبح هامش الربح الضئيل مجزيا ً. ولا ننسى هُنا أنه في حالة التركيز على سهمٍ بعينه من حيث التداول، كما تفعل العديد من المحافظ، فإنه سيكشف نوايا هذه المحافظ مما يعرضها للمحاكمة في أسواق الأسهم الناضجة من حيث القوانين.

القاعدة الثانية: لا تطمع ولا تجزع – لا يمكن لأي سهم أن يستمر في الصعود أو النزول. إن كنت واثقًا من الشركات التي استثمرت فيها ومن إمكانيتها في خلق النمو والحفاظ عليه، فَلِمَ تقوم بالاطمئنان على قيمة المحفظة الخاصة بك بشكلٍ يومي؟ إذا كان ارتفاع قيمة السهم نتيجة للتضخم، قُم ببيعه وإنتظر انخفاض الأسعار مجدداً كما يحصل عادةً في الأزمات المالية إذا كان السهم سيشكل قيمةً إضافية لمحفظتك المالية. في حال انخفاض أسعار الأسهم، كن واثقاً من أن السهم الجيد سيرتد إلى قيمة تعادل أو تمثل الوضع المالي الجيد للشركة وقدرتها على النمو كما حصل مؤخراً مع سهم شركة العربية للطيران.

القاعدة الثالثة: لابد من التنويع – قم بوضع لائحة تشمل: 1. قطاعات تجني المال بشكلٍ منتظم كقطاعي البنوك والتطوير العقاري، 2. قطاعات لا يمكنها الفشل نظرياً كقطاعات الاتصالات والأغذية والصحة (يشمل قطاع إنتاج الأدوية)، 3. قطاعات تمتلك مؤهلات النمو كقطاعي الطاقة المتجددة والأمن الإلكتروني. التنويع يتطلب أن يكون مقياس “beta” الخاص بالمحفظة مع حركة السوق 1 أو أقل.

لا داع لأن يقوم أحدكم بحساب العائد المتوقع ومحاولة معرفة تقييم السوق وما يمنحه المستثمرون من علاوةٍ لمخاطر الاستثمار في السوق نفسه. من باب التبسيط؛ يمكن للتنويع أن يكون بشراء أسهم تتحرك مع السوق نفسه وأسهم تتحرك بعكس حركة السوق حتى تكون قيمة المحفظة المالية شبه مستقرة مقارنةً بحركة السوق في الارتفاع والانخفاض. كما على البعض التوجه إلى الاستثمار في الأسواق العالمية إن لم توفر أسواق الأسهم المحلية خياراتٍ عدة للاستثمار.

قبل بضعة أسابيع، قام بنك دبي الإسلامي بالاستحواذ على شركة تمويل على أساس مبادلة ثمانية عشر سهماً من تمويل بعشرة أسهم من بنك دبي الإسلامي إلا أن هذا العرض لا يمنح للمستثمر أي أفضلية من حيث قيمة سهم شركة تمويل. لذلك، لِمَ قد يقبل أي شخص بهذا العرض إن لم يجنِ المستثمر أي فائدة من ذلك سواء ببيع أسهم تمويل في السوق أو من بيع أسهم دبي الإسلامي بعد المبادلة؟ لم أُشارك في عملية المبادلة هذه وقمت بعدها ببيع أسهم شركة تمويل بسعرٍ أفضل من السعر الناتج عن المبادلة، وللعلم؛ عدم السماح لشركة بالاستحواذ على أخرى قد يُمكنك من بيع السهم بسعرٍ أعلى وجني ربحٍ أكبر. قد لا تنجح هذه الاستراتيجية إن قامت الشركة المستحوذة ببيع ما استحوذت عليه من كمياتٍ كبيرة من أسهم الشركة الأخرى مؤدية بذلك إلى انخفاض قيمة السهم بشكلٍ ملحوظ مما يتسبب في جزع بقية المستثمرين وبيعهم للأسهم لتقوم بعدها الشركة المستحوذة بشراء كل الأسهم بسعرٍ أقل من سعر المبادلة. مُلاحظة: تستخدم الشركات هذه الاستراتيجية بالإضافة إلى نشر الشائعات لتتمكن من تحطيم قيمة أسهم الشركات، ومن ثم القيام بشراء أسهم تلك الشركات للاستحواذ عليها وإصلاح الوضع المالي لهذه الشركات، ومن ثَمَّ إدارتها. في ختام المقال، أود منكم أن تفكروا فيما إن كانت هذه الاستراتيجيات تستخدم في التحطيم والاستحواذ على الشركات فقط.

أترك الجواب لكم.

المصدر: ترجمة عن Gulf News