أنا أبحث عن وظيفة !

آراء

توظيف، معرض التوظيف الرائد في أبوظبي كما يقول الموقع الخاص به، يوفر 6000 وظيفة هذا العام. إذاً، ودون أخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار، فإن معرض توظيف يمكنه حل مشكلة البطالة في غضون السنوات القليلة القادمة. نكتة سيئة. المثير للاهتمام في معرض توظيف هذه السنة هو أن الشركة التي عرضت غالبية الوظائف هي نفس الشركة التي اضطررت بسبب سوء عملية التوظيف لديهم إلى استخدام “الواسطة” لتتم دراسة الطلب الخاص بي. وبعد أن تم البت في الطلب، اتصل بي أحد موظفي الموارد البشرية ليخبرني بأنه سيتصل بي بعد أسبوعين أو ثلاثة لتحديد موعد للمقابلة. لم يقم أياً منهم بالاتصال، ولم يجب أحد على اتصالاتي. شركة أخرى، موجودة أيضاً كعادتها في معرض توظيف، أرسلت منذ مدة أحد موظفيها لاستقطاب أشخاص متخصصين في مجالي المالية والاستثمار. وبعد شهر من إرسال السيرة الذاتية، أرسلت لي الشركة رسالة إلكترونية آلية لإخباري بوجود أشخاص آخرين بكفاءات تتناسب أكثر مع متطلبات الشركة. وللعلم، فإن الشركة بعدها قامت بتوظيف مهندسين ومن ثمَّ إرسالهم للتحضير لامتحان ال CFA.

بطء آلية التوظيف أو حتى عدم وجود آلية منظمة للتوظيف، بطء التطور أو النمو الوظيفي، العمل لسنوات طويلة قبل إمكانية الحصول على ترقية إن حصلت عليها، ونظام تقييم الموظفين من 1 إلى 4 في القطاع الحكومي وشبه الحكومي – هي كلها دلائل على نظام توظيف وتقييم عقيم كما أنه يؤدي إلى حالات يأس لدى الخريجين الجدد وحالات من الإحباط لدى الموظفين العاملين في المؤسسات المعنية. تشكو جميع الجهات الحكومية وشبه الحكومية من فائض في عدد الموظفين نتيجة لعدم قيام شركات القطاع الخاص بتطبيق نسب التوطين المطلوبة منها، فتقع مسؤولية خفض البطالة وتوظيف مواطني دولة الإمارات على الجهات الحكومية وشبه الحكومية لتوظيف أكبر عدد ممكن من هؤلاء والوصول إلى نسب التوطين المرجوة من هذه الجهات. وبالمناسبة، فإن 9 من أصل كل 10 موظفين في دبي وأبوظبي يعملون في الجهات الحكومية وشبه الحكومية (بلومبيرغ 2014). وفي تقدير جريدة الإمارات اليوم، الرقم المفروض على الجهات الحكومية وشبه الحكومية هو توظيف 2000 مواطناً إماراتياً بشكل سنوي، فتكون الجهة حينها بين خيارين: إما أن تقوم بتوظيف عدد أقل من الأشخاص من ذوي الكفاءات العالية وتقوم بتطوير مستوياتهم وترقيتهم بشكلٍ مستمر، أو أن تقوم بتوظيف أكبر عدد ممكن من الأشخاص بغض النظر عن المؤهلات والتخصصات وغيرها. وما يحصل في الواقع هو توظيف أكبر عدد ممكن لينعكس ذلك على بإيجابية غلى نسبة التوطين في الجهة الحكومية أو شبه الحكومية.

بتخصيص الجزء الأكبر من الميزانية لتوظيف أكبر عدد ممكن من المواطنين؛ لا يتبقى إلا مبلغ بسيط من الميزانية قد يكفي وقد لا يكفي لترقية كل أولئك الذين يستحقون الترقية. لذلك، تم طرح نظام تقييم الموظف على أساس معدل يترواح بين 1 إلى 4 حيثُ يتم منح معدل 4 لمن فاق التوقعات في تنفيذ المهام على أن تكون هذه المهام أثرت بشكل إيجابي على سير المؤسسة ككل، ويتم منح معدل 3 لمن فاق التوقعات في أداء المهام أيضاً إلا أن تأثير هذه المهام كان على الإدارة أو القسم المعني، ويتم منح معدل 2 لمن لبى التوقعات في تنفيذ المهام فقط. أما أولئك الحاصلين على معدل 1، فهم الذين لم يكن على الجهة توظيفهم من الأساس إلى أنها قامت بتوظيفهم للوصول إلى نسبة التوطين المطلوبة منها. جديرٌ بالذكر هُنا أن هنالك نسب مفروضة لكل معدل، فعلى سبيل المثال، يجب أن لا تتعدى نسبة الحاصلين على معدل 4 10% من إجمالي عدد موظفي الإدارة أو القسم إلخ، وبالتالي لا يمكن منح معدل 4 أو حتى 3 لكل موظف يستحق ذلك التقييم. يذكرني هذا النظام بالنظام المتبع في بعض الكليات أو الجامعات حيث يُطلب من محاضر المادة أن لا تتجاوز نسبة الحاصلين على امتياز 10% مثلاً، والجيد جداً 20%، وتقدير جيد 20%، إلخ. كما يتعين على محاضر الجامعة أن يقوم بترسيب نسبة معينة من الطلبة أيضاً.

سأسعد كثيراً إن قام معرض توظيف بتوفير 6000 وظيفة لمواطني دولة الإمارات، كما أنني آمل أن تكون هذه الوظائف في القطاع الخاص خاصةً لأن آلية التوظيف في القطاع الخاص أكثر فاعلية على أن لا يكون التوظيف في وظائف دُنيا أو أن يتم تعيين الخريجين الجدد فقط ليتم ضمهم إلى برامج تدريبية لا نهاية لها. كما أرجو أن لا تقوم الجهات الحكومية وشبه الحكومية بتوظيف الخريجين الجدد لزيادة نسبة التوطين دون توفير فرص حقيقية للتطور والنمو الوظيفي. لاأقصد هُنا انتقاد جهة بحد ذاتها أو طريقة تقييم متبعة أو غيره، ولكنني أتمنى أن يكون التوظيف في القطاع العام منافساً له في القطاع الخاص لاستقطاب من يمكنهم تشكيل فرق عمل نخبوية بدلاً من الاكتفاء بالتوظيف العشوائي لزيادة نسب التوطين. كما أرجو من شركات القطاع الخاص أن تكون أكثر مصداقية في خلق وظائف لمواطني دولة الإمارات وتدريبهم وتطوير مهاراتهم، إلى جانب توفير مسار واضح للارتقاء في درجات الوظيفة، مع استثناء من لا يمتلك الرغبة أو الشغف للتطور والنمو في الوظيفة. وأخيراً، هل من الأفضل أن يكون فريق العمل صغير لكن نخبوي ذو كفاءات عالية، أم أن يكون فريق عمل كبير دول الالتفات إلى المؤهلات والكفاءات؟

أترك الجواب لكم.


نشر المقال أولاً باللغة الإنجليزية في صحيفة “قولف نيوز” و خص الكاتب النسخة العربية لــ (الهتلان بوست)