عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

هل يفعلها بشار ويخسر الانتخابات؟

آراء

ألا تظن أن بشار الأسد قرر تنظيم انتخابات رئاسية في سوريا، حتى يجد لنفسه مخرجا من الأزمة، فيخرج بأسلوب شرعي؟

وسط هذه الفوضى، سألني أحد المتفائلين دائما، أو ما نسميهم بالحالمين!

إنما من يعرف سيرة بشار الأسد لم تفاجئه الأحداث الماضية، ولن تقنعه الوعود. فالرجل ينوي البقاء رئيسا على سوريا غصبا، وبكل الوسائل، من قتل الناس بالبراميل المتفجرة إلى لعبة الصناديق الانتخابية.

أما، لماذا اختار تجشم العناء بإجراء انتخابات، يخير فيها مواطنيه من يكون رئيسا عليهم، وهو الذي رفض رغبتهم بالرحيل، وهدم البلد على رؤوسهم تأديبا، الأسباب لأنه يظنها تكسبه المزيد من الوقت، وتلهي الغرب، وترسل إشارة صريحة بأنه باق سنوات طويلة في الحكم. فقد كان بإمكانه تأجيل الانتخابات لعام أو اثنين بحجة أن البلاد في حالة حرب، ويستمر رئيسا. فهو يدرك أن الناس تسخر من مسرحية الانتخابات، وقد تستفز القوى الكبرى التي تسعى لحل سلمي.

الأسد خبير في هندسة الانتخابات، فقد سبق وزورها حزبيا وبرلمانيا، كما زورها أبوه نصف عمره. ومن المؤكد أنها ستكون انتخابات «نزيهة»، بمعنى أن كل الأصوات ستذهب له، لأن الناخبين لن يتجرأوا على التصويت لصالح غيره. فالذي قتل عشرات الآلاف دون أن يميز بينهم أو يعرف هوياتهم، لأنهم تجرأوا على رفضه، من المؤكد سيكون أسهل عليه قتل من لا يصوت لصالحه بوجود اسمه والشارع الذي يسكنه!

في مثل هذا الوقت، قبل عامين، لجأ إلى حيلة الانتخابات البرلمانية، ردا على مطالب المبعوث الدولي حينها كوفي عنان. وفي شهر مايو (أيار) 2012 فتحت ستارة المسرح بنجاح، فوزع الصناديق على 12 ألف مركز اقتراع في نفس الوقت الذي أرسل قواته لشن معارك شرسة شمال غربي سوريا. أيضا، عمم استخدام الحبر السري ضمن ضمانات النزاهة، وما قيمة السرية والنزاهة في انتخابات قسرية؟ وقيل إن خمسة ملايين من عشرة مؤهلين شاركوا في الاقتراع، وهذا أمر مستحيل! بالطبع فاز حزب الأسد بنفس حصته السابقة في مقاعد البرلمان، ناقصا كرسيا واحدا! كانت هذه أقصى حدود النزاهة والديمقراطية التي يسمح بها.

والحقيقة أن الديمقراطية ليست مشكلة السوريين مع الأسد، وليس هو الرئيس الوحيد المانع لها، فكل المنطقة صحراء جدباء منها. أزمة السوريين مع النظام، ومنذ أيام أبيه، وحشيته التي تفوق ما كانت تمارسه نظم أوروبا الشرقية.

سوريا في عهد الأب والابن، دولة سجون ونظام أمني مروع، وحكم بغيض، ومن الطبيعي أن تثور الناس عليه سواء ادعى الديمقراطية أم لا. ليبيا، تحت حكم القذافي، عاش الناس فيها حالة رعب وقمع بلغت من العنف درجة الاستعداد لمواجهته بالسلاح والمخاطرة بمستقبل مجهول.

المصدر: الشرق الأوسط