سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

موظف من أهل الجنة!

آراء

الأحد صباحاً، يتوافد الموظفون وأرباب الأعمال نحو مقار عملهم، منهم من يعلق في زحمة لا ترحم، ومنهم من يبكر، وفي البكور بركة. ومع بدايات هذا اليوم يتجمع عادة زملاء العمل دقائق، للحديث عن برامجهم، وكيف كانت إجازة نهاية الأسبوع، فمنهم من قضاها مع عائلته في منتجع، أو تجربة جديدة في مطعم جديد، ومنهم ــ وللأسف ــ كأنه لم يغادر مقر عمله، فالإجازة عنده كانت عملاً في عمل!

بعدها يبدأ الجد، وتبدأ الاجتماعات، وتدور الحوارات حول نتائج الأسبوع الماضي، والمهام الجديدة للأيام المقبلة، فهناك من كان ناجحاً في تنفيذ المهام، وهناك المقصّر، نحفّز الأول، وننبه الآخر ونحثّهُ على بذل المزيد!

ننهي الاجتماع الأول، وندخل مرحلة التنفيذ من خلال أداء الأعمال المطلوبة، والرد على مراسلات الجهات الأخرى، والذهاب إلى اجتماعات مختلفة، يحدث فيها التجاذب والخلاف، وقد تُدْهَشُ لأمور قد حدثت دون علمك، ولا تعرف على من تلقي باللوم! وأحياناً تناقش فكرتك الجديدة شفوياً داخل أروقة الاجتماع، وسرعان ما تجدها قد دوّنت باسم آخر (سبقك بها عكاشة!).

وخلال اليوم تجد مَنْ في قلبه غضبٌ على إجراء معين من زميله في العمل، وآخر لا يريد العملَ معك، وتجدُ فريقَ عمل لا يجتمع ولا ينجز، وموظفاً متميزاً، ولأنه متميز تقع جميع المهام على عاتقه، وآخرين يأتون ويخرجون ولم يضيفوا إلى أنفسهم ولا إلى عملهم مثقال ذرة من جهد! وموظفاً مهموماً مغموماً وغاضباً على ترقية قد تجاوزته! تنتهي ساعاتُ العمل وقد شَحَنَتْكَ بطاقة إيجابية، ولحظات سلبية، وفرحة بإنجاز، وتذمر لإخفاق، وتفكير لا ينقطع.

سمع عبدالله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، عن ذلك الرجل الذي شهد له الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالجنة ثلاث مرات في ثلاثة أيام! فتبعه وبقي عنده ثلاث ليالٍ، فلم يجد عنده عملاً زائداً، حتى تعجب من وعد النبي له بالجنة، فسأله: ما الذي بلغ بك ما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟! فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشّاً، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه، فقال عبدالله بن عمرو: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق!

العمر ينقضي، والأعمال لا تنتهي، فلماذا لا أكون موظفاً من أهل الجنة؟!

المصدر: الإمارات اليوم