الملك عبد الله: سوف ندحر آفة الإرهاب في جحورها المظلمة ومستنقعاتها الآسنة

أخبار

الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين

أكد خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، أن السعودية ترفض الإرهاب بكافة صوره وأنماطه، ولن تسمح لشرذمة من الإرهابيين، اتخذوا هذا الدين لباسا يواري مصالحهم الشخصية ليرعبوا المسلمين، مشيراً إلى أن المملكة ماضية في مواجهة ومحاربة كل أشكال هذه الآفة، وقال: «رأينا أن في عالمنا اليوم بعض المخدوعين بدعوات زائفة ما أنزل الله بها من سلطان، واختلطت عليهم الأمور فلم يفرقوا بين الإصلاح والإرهاب، ولم يدركوا أنها دعوات تهدف إلى خلخلة المجتمعات بتيارات وأحزاب غايتها زرع الفرقة بين المسلمين».

وأوضح الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال توجيه كلمة إلى الشعب السعودي، والأمة الإسلامية، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أن دين الإسلام والسلام، من أهم ركائزه الأمن في الأوطان، وأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.

وفيما يلي نص الكلمة:

«بسم الله الرحمن الرحيم

الحمْدُ للهِ ربِّ العَالَمين والصَّلاةُ والسَّلامُ على خَيرِ خَلْقِهِ سيِّدِنا ونَبيِّنا مُحمَّدٍ بنِ عبدِ اللهِ، وعلى آلهِ وصَحبِهِ ومَنْ سارَ على هُدَاه.

أبنائي المُواطِنينَ.. إخواني المُسْلِمينَ في كل أرجاءِ العالمِ.

السَّلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.. وكلُّ عامٍ وأنتُم بخيرٍ.. أمَّا بعد.

فَها هوَ شَهرُ رمضانَ قَد أقبلَ.. نَحمدُ اللهَ فِي عُلاهُ أنْ بلَّغَنَا هذا الشَّهرَ الكَريمَ، شَهرُ الرَّحمَةِ والتَّوبَةِ والمَغفِرَةِ. قال تباركَ وتعالى: (شهرُ رمضانَ الذي أُنزِلَ فيهِ القرآنُ هُدى للناسِ وبيِّناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقان).. نحمدُه سبحانهُ وقَدْ أَهَلَّهُ عَلَينا لِيبعَثَ في نُفُوسِنا وأفئدتِنا تِلكَ المَعاني السَّاميةَ التي دَعَا إليها دِينُنا الإسلامي القَويمُ مِنَ التَّعاطُفِ والتَّرَاحُمِ والتَّواصُلِ، للفوزِ بالجنَّةِ والعِتقِ من النيرانِ، ولنَسْتَعِيدَ فيهِ ذِكْرَى نُزولِ كِتابٍ يَهدِي للتي هِي أَقومُ، ويُؤَسِّسُ لإخلاصِ العَمَلِ كُلِّهِ لِلهِ، ويَدعُو إلى الاعتصامِ بِحبْلِهِ المَتِينِ والدَّعوَةِ إلى سَبيلِهِ بِالحِكمَةِ والمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ.

أيها الإخوةُ المسلمونَ.. إن الدين الإسلامي دِينُ الوحدةِ والأخوَّةِ والتَّرابُطِ والدَّعوةِ بالتي هي أَحسَنُ، وقَدْ رأينا أنَّ في عَالَمِنا اليومَ بَعضَ المَخدُوعينَ بِدعوَاتٍ زَائفةٍ مَا أنزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلطانٍ، واخْتَلَطَتْ عَليهُمُ الأمور فَلمْ يُفَرِّقُوا بين الإصلاح والإرهاب، وَلمْ يُدْرِكُوا أنّها دَعواتٌ تَهدِفُ إلى خَلخَلةِ المُجتَمَعَاتِ بِتيَّاراتٍ وأحزاب غَايتُهَا زَرعُ الفُرقَةِ بينَ المُسلمينَ، ونَسُوا أنَّ مَقَاصِدَ هذا الدينَ العَظِيمَ إنِّما هَدَفتْ إلى أن يَكونَ المُجتَمَعُ الإسلامي أُنَموذَجًا للتَّرابُطِ والصَّفْحِ والتَّسامُحِ. وإنَّ المَملكةَ بِما آتَاها اللهُ مِنْ فَضْلٍ بِخدمَةِ الحرمين الشريفين وبِمَا أوتِينا مِنْ إيمانٍ بِثوابِتِ هذا الدِّينِ الحَنيفِ نَرفُضُ الإرهاب بِكافة صُوَرِهِ وأنماطهِ، ولَنْ نَسمَحَ لِشِرذِمَةٍ مِنَ الإرهابيِّينَ اتخذُوا هذا الدِّينَ لِباسًا يُوَارِي مَصَالِحَهُمُ الشَّخصيَّةَ لِيُرعِبُوا المُسلِمِينَ الآمنينَ، أو أنْ يَمَسُّوا وَطَنَنَا أو أحد أبنَائِهِ أو المُقِيمينَ الآمنينَ فِيه. كَمَا نُعلِنُ أَنَّنَا مَاضُونَ بِعَونِ اللهِ تَعَالى في مُواجَهَةِ ومُحَارَبَةِ كُلِّ أَشكَالِ هذهِ الآفةِ التي تلَبَّستْ بنُصرَةِ تَعالِيمِ الدِّينِ الإسلاميِّ، والإسلام مِنْهُمْ بَرَاءٌ، وإنِّنَا بِمَا أوتِيْنَا مِنْ عَزيمَةٍ وبِتَكَاتُفِ وتَعَاوُنِ أبناء هذهِ الأمةِ العَظِيمَةِ سنَدحَرُ هذهِ الآفةَ في جُحُورِها المُظلِمَةِ، ومُستَنقَعاتِها الآسِنَةِ.

كَمَا نَسألُ اللهَ جَلَّتْ قُدرَتُهُ في هذهِ الليلةِ الشَّريفَةِ مِنْ غُرَّةِ شَهرِ رمضانَ المُباركِ أن يَجلوَ الغِشَاوَةَ عَنْ أَبْصَارِ أولئكَ الضَّالينَ والمُغَرَّرِ بِهِم، المَخدُوعينَ بِدَعَوَاتٍ وَاهيَةٍ حَتَّى يَرَوا حَقِيقَةَ هذا الدِّينِ الحَنيفِ، دِينِ الإسلام والسَّلامِ الذي مِنْ أَهمِّ رَكائِزِهِ الأمن في الأوْطَانِ، فَالرُّجُوعُ إلى الحقِّ خَيرٌ مِنَ التَّمادِي في البَاطِلِ، والحَقُّ قَديمٌ. قالَ سُبحانهُ وتَعالى: (إذ تَلقَّونَهُ بِألسِنَتِكُم وتَقُولونَ بِأَفْواهِكُم ما ليسَ لكمْ بِهِ عِلمٌ وتَحسَبُونَهُ هَيِّنًا وهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ).

إخواني المُسلمينَ.. لقدْ مَنَّ اللهُ عَلينا في هذهِ البِلادِ المُبارَكَةِ بِنِعْمَةٍ هِي مِنْ أجل النِّعمِ وأكبرها.. نِعمَةِ الأمن والعَيشِ في سَلامٍ، فَقَدْ قَالَ المُصطَفى عَلَيهِ أفضل الصَّلاةِ وأَتَمُّ التَّسلِيمِ: (مَنْ أصبح مِنكُم آمِناً في سِربِهِ مُعافى في بدنه، عِندَهُ قُوتُ يومِهِ، فكَأنَّما حِيزَت لَهُ الدُّنيا). وَأَي نِعمةٍ أجل وأعظم مِنْ شُعُورِ الإنسان بالأمن. وَمِنْ هذَا البلدِ الطاهرِ مهبِطِ الوحي ومهد خاتِمةِ الرسالاتِ السماويَّةِ في هذا الشهرِ الكريمِ نَسألُه عزَّ وجلَّ في هذهِ الليلةِ المباركةِ أنْ يُعيدَ للعالمِ الإسلامي الأمن والرخاء والاستقرار، وأن تَتَحَقَّقَ فِيهِ قِيَمُ التَّسامُحِ والتَّرَاحُمِ والمحبَّةِ، فرسالةُ هذا الدِّينِ، أيها الإخوةُ، أَنَزَلَها اللهُ رَحمةً للعَالَمين، ومَنهَجُهُ مَنهجُ حِوارٍ وتَعايُشٍ حَضَاري إنسانيٍّ. كَمَا نَسأَلُهُ تَعَالى أن يَنعَمَ أَشِقَّاؤُنا فِي جَمِيعِ البُلدَانِ العَربيَّةِ والإسلاميَّةِ بالأمن والاستقرَارِ السِّيَاسِي والاجتمَاعِي والاقتصادي وأن يَعُمّ السلامُ جميعَ أنحاءِ العالمِ.. إنَّهُ سَميعٌ مُجِيب.

أيَّها الإخوةُ المُسْلِمُونَ.. نَسألُ اللهَ بمَنِّهِ وكَرَمِهِ في شَهرِ الرَّحمَةِ أَنْ تَشمَلَ رَحمَتُهُ مَنْ غَادَرُونَا قبل أن يُدْرِكُوا شَهرَ رَمضانَ إلى الرَّفِيقِ الأعلى مَعَ الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالحينَ وحَسُنَ أولئكَ رَفِيقَا. نسألُ اللهَ لهُمُ المَغفِرةَ والعِتقَ من النارِ، ونَبتَهِلُ إليه عَزَّ وجَلَّ أَنْ يَجعَلَ مِنْ إدراكِنَا لهذا الشَّهرِ الكَريمِ فُرصَةً لحُسْنِ عِبادَتِهِ وصِيامِهِ وقِيامِهِ.

والسَّلامُ عَليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه».

المصدر: الشرق الأوسط