ياسر الغسلان
ياسر الغسلان
كاتب و مدون سعودي

#راتب_لكل _مولود

آراء

‭‮لأن الكويت وقطر والإمارات تمنح راتبا لكل مولود ـ حسبما نقله بعض المتحمسين في موقع تويتر ـ فإن السعودية يجب أن تقوم بذات الشيء، وهو المطلب الذي أطلق خلال اليومين الماضيين عبر وسم خرج باسم “#راتب_لكل _مولود”، فصممت الإعلانات التي تشرح

وتروج للفكرة، التي من الواضح أنها خرجت للحياة دون تفكير عميق وتحليل للواقع المقارن، وبمجهود أفراد من الواضح أيضا أنهم متضررون، ومقتنعون بأن ذلك سيحل بعضا من مشاكلهم الشخصية.

لست ضد مثل هذه الهاشتقات التي تدعو إلى بعض الحراك الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي تمس المواطن البسيط، إلا أنني ضد الانجرار خلفها، والترويج لها دون التفكير بعمق القضية وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية.

المقارنة مع الدول الخليجية المذكورة والمطالبة ببعض ما تقوم به لمواطنيها، فيه سذاجة واضحة، فكل الدول المذكورة ليست لديها مشكلة في تزايد أعداد المواطنين، ولا تعاني من مشاكل حقيقية في التوظيف، خاصة أنها دول من حيث المساحة الجغرافية يمكن إدارتها حضاريا واقتصاديا واجتماعيا بكل يسر، ولا تتطلب مجهودات فائقة في تكريس مبدأ التنمية المتوازنة عبر البلاد، وهي كلها تحديات تعيشها المملكة، ويجب أن تدار بشكل رصين وبرؤية بعيدة.

هذا المقترح ـ وفي مجتمع تقليدي كالذي نعيش فيه ـ سينتج دون شك زيادة في المواليد، خاصة أن المحدودية الاقتصادية لكثير من الآباء لم تمنعهم من الإنجاب دون حساب، متجاهلين المشاكل الحتمية في التربية التي سيواجهها الأبناء، إضافة إلى مشاكل التعليم والتوظيف، فكيف سيكون الحال لو أصبحت الدولة تتكفل بالطفل من لحظة ولادته إلى سن الثامنة عشرة كما يطالب المهشتقون؟!

لا أطالب بسياسات تحديد النسل، كما قد يحلل البعض، ولكني أطالب بأن يتم النظر في آليات التأهيل الاجتماعي، بحيث يوضع في الحسبان واقع التبدل الحاصل في جوانب المجتمع المختلفة، فأفكار العزوة التي يراها البعض أنها بعدد الأبناء والأحفاد يجب أن تتبدل، بحيث تكون العزوة هي فيما يسهم به هؤلاء الأبناء في المجتمع الصغير

والكبير، وألا تكون الدولة دائما هي الجهة التي عليها إيجاد الحلول، خاصة في الحالات الناتجة عن تصرفات الأفراد أنفسهم.

مجتمعنا لا يحتاج مواليد أكثر عددا، بل يحتاج مواليد أكثر تأهيلا ورعاية وتربية، فالطفل يولد وخيره يولد معه، فهل يعي الوالدان أن التربية والرعاية تلك هي مسؤوليتهم هم لا مسؤولية الدولة؟.

المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22298