عبدالله المغلوث
عبدالله المغلوث
كاتب وصحفي سعودي

الطرق الوعرة

آراء

أسوأ قرار يمكن أن يتخذه أحدنا هو استصغار ذاته. أن يرى أنه أقل من مهمة معينة أو أصغر من حلم محدد. على قدر طموحك تصل. إذا طموحاتك كانت صغيرة ستظل ضئيلاً، وإذا كانت كبيرة ستكون عملاقاً. كل أولئك الذين نجحوا وتركوا خلفهم إرثاً بديعاً هم الذين سافروا إلى أحلامهم البعيدة. الذي لا يذهب لا يصل لأنه يظل يراوح مكانه. فمن يريد أن يحقق شيئاً ويترك بصمة عليه أن ييمم وجهه شطر الأحلام الكبيرة. الكل يسلك الطرق المعبدة. القليل هم من يسلك الطرق الوعرة. لكن هؤلاء القلة هم الذين يكتشفون ويخلدون. أما البقية مجرد عابرين تحسبهم أيقاظاً وهم رقود.

يعتقد المحامي “ويلي غاري” أن اعتداده بنفسه وثقته بقدراته هو الذي جعله محامياً لا يشق له غبار. كان يتجه إلى القضايا الصعبة التي يدير المحامون الآخرون ظهورهم لها. لا يترافع عن أي مدعٍ لديه قضية عادية أو بسيطة. يبحث عن القضايا المعقدة وغير المتوقع نجاحه أو غيره فيها. يؤمن أن القضايا العادية ستصنع منه محامياً تقليدياً، أما القضايا الاستثنائية ستمنحه ألقاباً لا حصر لها وستجعله اسماً يرتبط بالدهشة والإثارة والتميز.

انتزع من شركة ديزني نحو 240 مليون دولار، و139 مليون دولار من شركة انهيزر بوش. لم يتوقف الأمر عند ذلك. فلقد أجبر شركة التبغ العملاقة “ار جي رينولدز” بدفع مبلغ 23.6 مليار دولار تعويضات لأرملة مدخن قضى بسرطان الرئة في يوليو 2014.

ظل سنوات طويلة يترافع ويحشد الأدلة في قضية كانت المؤشرات جميعها تشير إلى خسارته فيها، كون آلاف القضايا التي رفعت على شركة “ار جي رينولدز” وغيرها من الشركات المماثلة صدأت وتساقطت. لكن “ويلي غاري” كان واثقاً من نفسه. صمد أمام كل التهكم الذي طاله طوال مدة دفاعه عن الأرملة. استخدم “غاري” كل الأسلحة ليفوز ويؤكد فرادته وتميزه واختلافه عن الآخرين. استثمر حتى النكت التي سخرت من دفاعه لمصلحته. صرخ أمام المحلفين والقضاة في إحدى الجلسات قائلاً: “شاهدوا أمريكا تسخر مني لأني أدافع عن امرأة فقدت زوجها بسبب شركة تدخين. بدلاً من أن يقفوا في صفي. تحالفوا ضدي. أنتم السبب. ظللتم عقوداً صامتين إزاء جرائم ترتكب ضد أهلنا وأسرنا فتبلد الإحساس عند مجتمعنا”.

لا أحد يستطيع أن يهزمنا سوانا. الإيمان بقدراتنا يجعل كل تحدياتنا تذوب.

المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/07/24/article_870317.html