عبدالله المغلوث
عبدالله المغلوث
كاتب وصحفي سعودي

هل حياتنا رتيبة؟

آراء

قامت الكثير من المؤسسات والشركات على مدى العقود الماضية بتغيير أسمائها. شكلت لها أسماؤها السابقة إرثا ثقيلا. شعرت أن الجديدة ستمنحها بريقا جديدا. أثبتت هذه الفكرة رغم صعوبتها وجسامتها جدواها وفعاليتها. استطاعت الكثير من هذه الشركات التحرر من التاريخ الذي التصق بالاسم. ولدت هذه الشركات من جديد وبدأت من الصفر تشق طريقها نحو قلوب وثقة الزبائن والمستهلكين. نجحت إلى حد كبير في أن تنسينا ماضينا المرير وتجاربها السيئة.

تحطمت طائرتان لشركة الطيران الكورية “كوريان أير” خلال عامين. بعد ثلاثة أعوام فقط فقدت الخطوط نفسها طائرة أخرى. بعدها هوت طائرة تابعة لها فوق بحر أندامان عام 1987، ثم تحطمت طائرتان جديدتان أخريان في تريبلي وسيئول ثم تحطمت أخرى عام 1994 في شيجو بكوريا.

هذه الخسائر الكارثية المتوالية دمرت سمعة الشركة تماما. هوت أسهمها إلى القاع. غيرت جلدها. راجعت استراتيجياتها وخططها وأسلوبها. عملت على إرساء ثقافة جديدة ومنهج مختلف. بقي التحدي الأكبر كيف سيطير المسافرون مع اسم ارتبط بالنكبات والموت؟ كان تغيير الاسم ضرورة وليس خيارا. تحولت إلى خطوط أشيانا. يشير الكاتب مالكوم جلادويل إلى أنه منذ 1999 لم تسجل على الشركة أي مخالفة أو حادثة. السجلات تشير إلى نجاحات متتالية جعلتها تتصدر قوائم أفضل خطوط الطيران. نسي الناس الاسم السابق واستمتعوا بالجديد. تخيلوا لو ظل الاسم كما هو. سيذكرهم بالموت والمأساة. لن يركبها أحد. ستحتضر طائراتها على المدارج.

بدأ محرك البحث الشهير “جوجل” باسم “باك روب” عام 1996 في جامعة ستانفورد. واجه مؤسساه مشكلات تقنية عديدة في البداية. رأيا أن يختارا اسما أكثر عصرية وجاذبية يتناغم مع بدايتهما الجديدة. وقع اختيارهما على “جوجل”. أسهم هذا الاسم مع التغييرات التي أدخلاها على محركهما الجديد في انطلاقة ما زلنا نستمتع بها.

“ياهو” هي الأخرى بدأت باسم “دليل جيري إلى شبكة الإنترنت العالمية” نسبة إلى مؤسسها المشارك جيري يانغ. لكن بعد فترة شعر المؤسسان بأن الاسم يصلح لأن يكون عنوانا لكتيب رتيب وليس لموقع في العصر الرقمي يسعى لأن يكون ملاذا للملايين.

كان اسم “سوني”، العلامة التجارية الشهيرة في صناعة الإلكترونيات، طوكيو لهندسة الاتصالات. غيرت اسمها انسجاما مع تحولها الاستراتيجي ودخولها إلى الأسواق العالمية.

نحن لسنا ببعيدين عن الشركات. علينا أن نراجع حساباتنا. ينبغي أن نتساءل: هل نحن في الطريق الصحيح؟ هل نحتاج إلى تغيير أسلوبنا ونمط حياتنا؟ قد لا نحتاج إلى تغيير أسمائنا. لكن نحتاج إلى تغيير الكثير من أفكارنا ومواقفنا وأساليبنا من أجل مستقبل أجمل.

المصدر: الاقتصادية