هاني الظاهري
هاني الظاهري
كاتب ومستشار إعلامي.. مؤسس مجموعة تسويق الشرق الأوسط للاستثمار.. رئيس مركز الإعلام والتطوير للدراسات

قفزة «المحتسب» وكف عبير

آراء

عبير سيدة سعودية مقترنة ومتزوجة من مستثمر بريطاني مسلم، وجدت نفسها قبل يومين مضطرة إلى استخدام يدها للطم محتسب على وجهه أمام الناس في العاصمة السعودية، بعد أن هجم على زوجها بطريقة مهينة وغريبة في آن واحد.

فالمشهد -كما أظهره مقطع فيديو تداوله السعوديون عبر هواتفهم النقالة- يصور المحتسب البدين، وهو يصعد على مقدمة سيارة ويقفز بحركة خطافية على ظهر البريطاني «بيتر»، الذي أخذ يصرخ: «إنها زوجتي»، فيما قررت زوجته أمام هذه الصدمة التوقف عن الكلام واستخدام يديها لـ«تصفيق» المعتدي محولةً إياه إلى «مسخرة» وسط الشارع.

المغردون السعوديون في «تويتر» الذين عبّروا عن استيائهم من الحادثة بآلاف التغريدات، واصفين سلوك ذلك المحتسب بـ«الداعشي»، لم يتوانوا في إطلاق «وَسْم» حقق أرقاماً عالمية بعنوان: «كف عبير يمثلني»، وهو ما يكشف مدى الغضب الجمعي من الحدث المسيء إلى سمعة الجهة والثقافة التي ينتمي إليها ذلك المحتسب «القافز»، وهي على الأرجح هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق ما ذكره شهود عيان نقلت عنهم «الحياة» تفاصيل ما حدث، على رغم عدم إقرار «الهيئة» بانتمائه إليها رسمياً حتى لحظة كتابة هذه المقالة وفق تصريحات مسؤوليها.

على العموم يبقى التصرف المسيء «فردياً»، ولا بد من أن يطال صاحبه العقاب بالقانون بغض النظر عن جهة عمله، لكن الحق يُقال إنني أتعاطف كثيراً مع رئيس الهيئات الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، الذي ما فتئ منذ تسنمه منصبه يقاتل قتال الفرسان ويبذل الجهود الجبارة لتحسين صورة الجهاز وأدائه وتطهيره من المتطرفين والمسيئين إلى سمعته من الداخل، ليُفاجَأ بين فينة وأختها بحادثة فردية تحاول هدم ما بنى، ومع ذلك هو مستمر في جهوده وإصلاحاته من دون يأس أو ملل؛ لأنه حمل أمانة على عاتقه لا يمكنه التخلي عنها، وهي أمانة تنطوي على تركة ثقيلة ليس من السهل معالجتها.. فقط هو بحاجة إلى تضامن المجتمع معه، ودعم جهوده، من خلال فهم مخططات خصومه داخل الجهاز الذين يسعون بشكل دؤوب إلى إفشال كل خطواته الإصلاحية، وليس من المستغرب إن تبين لاحقاً أن «المحتسب القافز» أحد أدوات هؤلاء الذين عملوا لسنوات طويلة من أجل تحويل «الهيئة» إلى «دولة داخل الدولة» و«كتيبة إعدام» في أذهان السعوديين، بدلاً من كونها جهازاً خدمياً بمهام أمنية جزئية لحماية الناس.

إنني وغيري من السعوديين الرافضين للممارسات الهمجية باسم الاحتساب، نتقدم للسيد «بيتر» ولزوجته السيدة «عبير» بخالص الأسف والاعتذار عما واجهاه، وعزاؤنا الوحيد أن ما تعرضا له قد يتعرض له أي مواطن، وهو -في حد ذاته- -وسيلة لكشف وإبعاد المتطرفين المندسين داخل أجهزتنا الحكومية، كما أن القانون كفيل بمعاقبة المعتدي وإعادة الحقوق إلى أصحابها، وأخيراً، أدعو السيد بيتر لتجاوز الأمر والاستمتاع بإقامته في المملكة على الأقل لمشاهدة التحولات الكبيرة التي تشهدها، وعلى رأسها نبذ التطرف والمتطرفين.

المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Hani-El-Dahari/4408923