عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

مستحقو برامج «الإسكان».. وانهيار العقار

آراء

إعلان وزارة الإسكان الأخير، باستحقاق أكثر من 600 ألف مواطن ومواطنة من أصل 900 ألف تقدموا للوزارة وعبر موقعها على الإنترنت لمنتجات الوزارة أفرح الكثير من المواطنين، وتلحظ هذه الفرح في عيونهم واتصالاتهم الهاتفية، وهم يتباشرون بقرب الفرج، والحلم بامتلاك بيت العمر لهم ولعائلاتهم، وحتى يعيشوا في سكينة بعد التنقل والترحال ودفع الإيجارات، التي تخطف منهم أكثر من ثلثي رواتبهم.

المهم أن هذا الخبر المفرح باعتقادي حق مشروع لمن تمت الموافقة على طلبه، وحظاً أوفر لمن تم استبعاده بسبب فاتورة آليته لتطبيق شروطها على المستحقين لقروضها العقارية أو الأراضي التي ستوزعها مع بعض القروض.

والغريب أن بعض المحللين الاقتصاديين قد تصدوا لهذا الخبر، وأنه ليس بحل سحري لمشكلة تملك المواطنين لمنازلهم، وأن وزارة الإسكان لن تستطيع توفير هذه المنتجات العقارية في الفترة القصيرة، أو حتى المتوسطة المقبلة، بسبب شح الأراضي في بعض المناطق.

والغريب أن هؤلاء المحللين الجهابذة لم يتطرقوا إلى المساحات الشاسعة في وسط مدننا التي يحيط بها العمران من كل جهة، فكيف بالخدمات أو ما يسمي بالأراضي البيضاء، والتي يملكها هوامير العقار، ولديهم الملايين ولا يحتاجون إلى سيولتها، فيتركونها للشمس سنوات طويلة، حتى تصل أسعارها إلى أضعاف مضاعفة، أما أصحاب الدخول المتوسطة فهم ينظرون إليها بحسرة وألم، فكيف بهذه البلاد الشاسعة المترامية الأطراف، لا يستطيعون تملك عشرات الأمتار يضمهم ويطمئنهم على فلذات أكبادهم، إن حصل لهم مكروه في دنياهم.

مثل هؤلاء الاقتصاديين قد يكونون أصحاب مصالح خاصة في القطاع العقاري أنفسهم، وأصابتهم الرجفة والخوف من انهيار العقار بعد الموافقة على هذه الأعداد الكبيرة من مستحقي طالبي الإسكان، إضافة إلى موافقة البنك العقاري على دفعات كبيرة لمستحقي القروض العقارية. كل ذلك دفع بعضهم إلى التقليل من هذه الخطوات الحكومية في مجابهة أزمة الإسكان لدينا، وقد يكون هناك لوبي عقاري يحركهم؛ للمحافظة على مصالحه، وبشكل أناني وغير وطني، وهؤلاء هم أنفسهم، طبّلوا لسوق الأسهم قبل كارثة الانهيار المعروفة، وطمأنوا الجميع أن سوقنا المالية ترتكز على أسس علمية، وكل تلك التنظيرات تبخرت، ودفع معظمنا ثمن تحليلاتهم غير العلمية.

الآن يمارسون الدور نفسه في السوق العقارية، وأنها ستستمر في الصعود، بل إن بعضهم يحاول أن يوظف هذه القرارات الحكومية بأنها ستدعم سوقنا العقارية إيجابياً، والكل منا يعرف الآن أن سوق العقار تمر بمرحلة ركود واضحة، وبعض المناطق البعيدة نسبياً شهدت انخفاضاً ملحوظاً في العام الماضي، والوضع مرشح أكثر للهبوط، والقضية بالنسبة إليهم هي تلاعب ومن دون محاسبة بأعصاب المواطنين.

بعضهم يقول: ليس لدى وزارة الإسكان الموارد المالية لبناء وتمويل هذه الأعداد الضخمة ممن تمت الموافقة على إقراضهم، بسبب أن الوزارة مخصص لها فقط 250 بليون ريال فقط، لإنشاء مشاريعها الإسكانية، وقد اختزلوا الدولة في وزارة الإسكان، وكلنا يعرف أن قضية الإسكان من الأولويات التي حرص عليها خادم الحرمين الشريفين، ودعم الوزارة بهذه المبالغ، وهم واهمون أن هذا الدعم سيتوقف عند هذا المبلغ، فالدولة تملك البلايين من المداخيل التي تستطيع بها دعم هذا المشروع في السنوات المقبلة، وعلى وزارة الإسكان الإسراع في تنفيذ مشاريعها الإسكانية في مدد محدودة، وليس -كما ذكر بعضهم- أنها ستستغرق سنوات طويلة لتحقيق هذا الهدف، وقد تصل إلى عشر سنوات، وعلى الوزارة إسناد مشاريعها الإسكانية إلى شركات عالمية متخصصة في هذا المجال، أما من يقولون إن هذه المشاريع لن تؤثر في سوق العقار بسبب الزيادة السكانية لدينا التي تضاعف من المشكلة، فهذه تعيشها معظم دول العالم، وعلى الوزارة في ظل شح الأراضي، وللأسف، ألا تتردد في إقامة مدن وضواحٍ خارج مدننا الرئيسة، والتجربة معمول بها في دول مجاورة لنا، وثبت نجاحها، والوزارة دائماً تقول: ليس من أهدافها قضية أسعار العقار لدينا هبوطاً أو صعوداً، ولكن العقاريين هم من أحسوا بالخطر المقبل، وظهرت أصواتهم المحاربة بالوكالة لمشاريع الوزارة، وهذا هو ديدنهم في سوق العقار والأسهم.

المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel/4408920