عطنا القهوة وأنا أبوك

آراء

بقراءة متتابعة للتغريدات على التويتر ستعرف أن سبعين في المئة من التغريدات تشتم أمريكا. التويتر كما لا يخفى على كل الشتامين ممتلك أمريكي صرف. حتى اسمك ولقبك اللذين سجلتهما في تويتر يتم حفظهما في أمريكا. الزر الذي تضغطه لتمرير تغريدتك يذهب أمره إلى أمريكا أولا ثم يعود إليك بالموافقة.

اقرأ في التفاصيل سترى من يشتم الأمريكان في أعراضهم وفي أخلاقهم وفي أمانتهم وفي شرفهم وفي دينهم وفي مذاهبهم وفي نسائهم. وفيه من يحرض على قتلهم وسحلهم وسحقهم ومع ذلك هم ساكتون لنا ولا يتقاضون على استخدامنا للتويتر ريالا واحدا. الشيء الطريف لا يراجعون شتائمنا لهم ولم اسمع من يرد علينا بل يعملون بهمة ونشاط على تحسين هذه الخدمة ولا يكتفون بهذه الخدمة بل يطرحون منتجات جديدة ويعربونها على الفور لكي نتفضل عليهم باستخدامها مجانا في شتمهم إذا اردنا.

في المقابل لو صرح قس تافه معتوه في مكان ناء من أمريكا وشتم العرب أو المسلمين شتيمة واحدة لا ثاني لها، لثارت ثائرتنا واعلنا حربا ضروسا اقلها مقاطعة بضائعهم لتجويعهم. والاطرف أن يخرج من سياسييهم ومثقفيهم من يعتذر ويلتمس الصفح عن تصرف هذا القس الذي لا يمثل الأمريكان على حد تصريح السياسي. والأكثر طرافة أن هذا الاعتذار يذهب في جله إلى هؤلاء الذين يشتمون الأمريكان في دينهم وفي أعراضهم كل ليلة وكل يوم وكل ساعة. والأطرف الذي لا طرافة بعده أن هؤلاء الذين يشتمون أمريكا صباح مساء هم الذين يرفضون الاعتذار ويطالبون بتطبيق أشد العقوبات على أمريكا. أما الشيء الذي استنفد كل إمكانات الطرافة أن أيا من نداءات المقاطعة لم يطبق على الاطلاق. فالآي فون في جيوبنا والهامبورجر في بطوننا ودخان سجائرهم في صدورنا ولا نهضم لحوم ولائمنا إلا من بيبسيّهم.

جلست أفكر في الموضوع. كيف يحدث هذا؟ من هو العاقل ومن هو المجنون. ثمة طرفان في هذه المعضلة: الأمريكان وربعنا. لابد أن أحدهما يعاني من مشكلة تجعله غير قادر على فهم العالم الذي يعيش فيه.

تركت الكي بورد وألقيت بظهري على الكرسي وأخذت افكر. (كيف يحدث هذا ومن أين يأتي وعلى أي الأسس تم وما هو أبعاده وكيف يكون إذا تركناه ومن هو المسؤول وكيف نعبر عنه وعلى أي الطرق نمشي ومن هو الذي يجب أن يبدأ وكيف الحل)؟

إلى آخر الأسئلة التي صاغها الإنسان في مسيرته العقلية.

تخيل أنك تأخذ الأسئلة التي طرحت في العالم وتضعها في كيس وتفرزها سؤالا سؤالا، لتجد السؤال الذي يمكن أن يقود عقلك لحل هذا اللغز العجيب.

إذا فقدت شيئا فابحث عنه حيث أضعته. طالما أن هذا يحدث خارج العقل فيجب أن تخرج من العقل وتبحث عنه هناك.. فجأة وأثناء ما كانت يدي تبحبش في الأسئلة داخل الكيس أحسست أن السؤال الكبير وقع في يدي فصرخت به كما صرخ نيوتن بلقيته (عطنا القهوة وأنا أبوك).

المصدر: الرياض
http://www.alriyadh.com/972567