الحوثيون احتفلوا بالنصر في ميدان التحرير والرئيس يتعهد استعادة «هيبة الدولة اليمنية»

أخبار

استمر مسلحو جماعة الحوثيين أمس في إحكام قبضتهم الأمنية على صنعاء لليوم الثاني بعد سقوطها الدراماتيكي في أيديهم وسط غياب تام لسلطات الدولة الرسمية في وقت احتشد الآلاف من أتباع الجماعة للاحتفال بانتصارهم في ميدان التحرير وسط العاصمة وللاستماع إلى خطاب تلفزيوني لزعيمهم عبدالملك الحوثي بالمناسبة.

ومع ترحيب الحوثي في خطابه باتفاق «السلم والشراكة الوطنية» وتشديده على تنفيذه بنوده لم يكشف عن أي نية لسحب مسلحي الجماعة من صنعاء أو محيطها داعياً أجهزة الأمن الى التعاون معها، في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي باستعادة «هيبة الدولة» وعدم التخلي عن مسؤولياته مشيراً إلى وجود «مؤامرة داخلية وخارجية على اليمن» وصفها بـ «الكبيرة».

وفي ظل أجواء القلق والترقب لتطورات الأيام المقبلة واصل المسلحون الحوثيون أمس تنفيذ عمليات دهم وتفتيش طاولت مؤسسات ومنازل يملكها قياديون في حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) غداة اقتحامهم مقر قناة تلفزيونية يملكها القيادي في الحزب حميد الأحمر ووقف بثها.

وكان أنصار الجماعة حولوا ليل الاثنين إلى كتلة من اللهب لأكثر من ساعة جراء إطلاقهم الألعاب النارية والرصاص الحي احتفالاً بسيطرتهم على صنعاء في ظل مخاوف من عدم التزامهم تنفيذ بنود الاتفاق الذي وقعوه مع الأطراف السياسية لإنهاء الأزمة برعاية مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر.

ونشر الحوثيون نقاط التفتيش في معظم شوارع المدينة كما تولوا مسؤولية النقاط الأمنية المحيطة بالسفارة الأميركية في حي «شيراتون» وسط انتقادات حقوقية واسعة ومطالبتهم بالانسحاب من صنعاء ووقف عملياتهم الانتقامية.

وفي أول تعليق له على الأحداث اعتبر الرئيس هادي ما حدث في صنعاء «مؤامرة كبيرة أعدت سلفاً وتحالفت فيها قوى خارجية وداخلية وتجاوزت حدود الوطن» ونفى في مؤتمر صحافي أمس اشاعات تركه صنعاء من أجل ادارة الدولة من عدن، مؤكداً أنه لن يتخلى عن مسؤولياته إزاء الشعب.

كما دعا المواطنين إلى «التماسك حتى لا يضيع حلم اليمنيين بالحياة الكريمة والدولة العادلة والشراكة السياسية» وقال «صنعاء لم ولن تسقط، ولا يمكن أن تكون حكراً على أحد»، داعياً الحوثيين إلى تسليم مؤسسات الدولة التي استولوا عليها للسلطات المختصة.

واعتبر الحوثي اتفاق «السلم والشراكة الوطنية» الموقّع أخيراً انتصاراً يمنياً، وقال في خطاب ألقاه على أنصاره في ميدان التحرير في نبرة زهو واضحة، إن جماعته الثائرة تمكنت «من إزالة قوى النفوذ ممثلة في القائد العسكري علي محسن الأحمر».

وأضاف أن الطريق بات معبداً لرسم مستقبل اليمن وفق الاتفاق الجديد محذراً من سماهم بـ «الفاسدين» من إعاقة تنفيذه. وأكد أنه يمد يده لكل المكونات بما فيها حزب «الإصلاحّ» وأن جماعته ليست في وارد الإقصاء أو الانتقام من أحد، مشدداً على تنفيذ الاتفاق الموقع باعتباره «عقداً ملزماً لكل الأطراف».

وأدت ممارسات المسلحين الحوثيين إلى اعتذار القيادي في الجماعة علي البخيتي عن الاستمرار في نشاطه معها معترفاً بأن «البلاد تنهار»، وأن الأوضاع تخرج عن السيطرة، في أقوى احتجاج حتى الآن يصدر من أحد أعضاء الجماعة.

وقال البخيتي في منشور على صفحته في «فايسبوك» سأغلق هواتفي الآن وأتوقف عن مواصلة النشر على صفحتي وأي أنشطة أخرى وأعتكف، عذراً من كل الأحبة والأصدقاء الذين خيبت ظنهم ولم أتمكن من إنصافهم… عيناي اغرورقت بالدموع وأشعر بألم في صدري وغصة في حلقي، أرى وطني ينهار، واليمن الجديد الذي سعيت إليه بعيد المنال… سامحوني».

ووصف المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر ما حدث في من سقوط دراماتيكي لصنعاء في قبضة الحوثيين بأنه «أمر خارق للعادة» وقال في تصريحات صحافية «كان هناك انهيار واضح للجيش اليمني كيف تم هذا وبمساعدة من وكيف تم التخطيط له أترك هذا للمحللين السياسيين والعسكريين وللمؤرخين».

وقاد الانهيار الدراماتيكي للجيش والدولة إلى سيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة وأجهزتها ما أسفر عن واقع جديد على الصعيدين السياسي والأمني خسر فيه حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان) نفوذه العسكري والقبلي مفسحاً الساحة للحركة الحوثية المسلحة التي بات مستقبل البلاد كما يعتقد مراقبون رهناً بإرادتها.

في غضون ذلك نفى محافظ البنك المركزي محمد عوض بن همام صحة ما أشيع عن تعرض البنك لأعمال نهب من قبل الحوثيين، مبدياً استغرابه من تلك المعلومات التي قال إنه «لا يقبلها عقل ولا منطق نظراً للإجراءات الأمنية المشددة التي يحظى بها البنك فضلاً عن اعتماده أنظمة مالية إلكترونية يصعب اختراقها بسهولة كما يعتقد بعضهم».

وفي تطور خطير قد يشير إلى طبيعة ما سيكون عليه الوضع الأمني في صنعاء خلال الفترة المقبلة انفجرت سيارة مفخخة مساء أمس في تجمع للحوثيين في أحد الأحياء الشمالية الغربية لصنعاء ما أدى إلى قتل وجرح العشرات.

ومع الاعتقاد بمسؤولية تنظيم «القاعدة» عن الهجوم تتصاعد المخاوف من أن يكون سقوط صنعاء في قبضة الحوثيين إيذاناً بتحويلها إلى ساحة للعمليات الإرهابية التي يشنها التنظيم في سياق حربه العقائدية المذهبية ضد الحوثيين.

وجاء التفجير بعد يوم من تبني التنظيم تفجير سيارة مفخخة في مديرية البقع في محافظة صعدة (شمال) استهدفت تجمعاً حوثياً ما أسفر عن قتل أكثر من 50 شخصاً، وبالتزامن مع إعلانه كذلك عن خطف ثمانية أشخاص في محافظة الضالع جنوب البلاد وصفهم بـ»الحوثيين الراوفض».

وكان الحوثي شدد في خطابه أمسأن «القاعدة» هو التحدي الأكبر أمام جماعته في الفترة المقبلة محذراً من مؤامرة قال إنها تستهدف معسكرات الجيش في مأرب والبيضاء جنوب صنعاء وشرقها.

صنعاء – «الحياة»