سعود الفيصل: الأسد فاقد للشرعية ولا يجب أن يكون جزءًا من أي تسوية سياسية في سورية

أخبار

أكدت المملكة حرصها على بذل قصارى جهدها دوما سعيا لتحقيق أهداف العمل الجماعي تحت مظلة الأمم المتحدة، داعية إلى اتخاذ السياسات والقرارات المصيرية والحازمة لمواجهة هجمة الإرهاب الشرسة التي أصبحت جيوشا بعد أن كانت خلايا، وأصبحت تستهدف دولا بعد أن كانت تستهدف بؤرا.

كما تساءلت المملكة “متى يتحرك المجتمع الدولي لإنصاف الشعب الفلسطيني وردع إسرائيل عن سياساتها التعسفية.

وشددت على أنها كانت ولا زالت داعمة للمعارضة السورية المعتدلة، ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية، وأن المعركة تشمل الظروف المؤدية إليه أيضا.

وقد عبرت المملكة عن أملها بأن يحقق اتفاق السلم والشراكة الوطنية المبرم بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي تطلعات الشعب اليمني نحو وقف العنف والاقتتال واستكمال العملية السياسية، مشيدة بما بذله الرئيس اليمني عبد ربه هادي من جهود مكثفة للوصول إلى اتفاق يجنب الفوضى وإراقة الدماء.

جاء ذلك في كلمة لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس وفد المملكة العربية السعودية في الدورة العادية التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة وزعت أمس في نيويورك وفيما يلي نصها:

“السيد الرئيس،

يطيب لي في البداية أن أتقدم لمعاليكم بخالص التهاني على انتخابكم رئيساً للدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنياً لكم التوفيق والسداد في أداء مهامكم ومسؤولياتكم، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم، وإني لأغتنم هذه الفرصة لتقديم بالغ الامتنان والتقدير لسلفكم السيد/جون و.آش JOHN W.ASHE رئيس الجمعية العامة في دورتها الثامنة والستين الذي أدار أعمالها بكل حكمة واقتدار ويسعدني أن أشيد مجدداً بالجهود الكبيرة التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون في إدارة الأمم المتحدة ونشر رسالتها الهادفة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.

السيد الرئيس

لقد حرصت المملكة العربية السعودية على بذل قصارى جهدها دوماً سعياً لتحقيق أهداف العمل الجماعي تحت مظلة الأمم المتحدة انطلاقاً من إيمان المملكة الراسخ بمبادئ وأهداف العمل الجماعي لاسيما وأن المملكة من الدول المؤسسة لميثاق الأمم المتحدة عام 1945م. ويؤكد وفد بلادي مجدداً على أهمية مواكبة المستجدات والمتغيرات على الساحة الدولية من خلال تطوير آليات العمل في الأمم المتحدة وإصلاح مجلس الأمن ودعم أعمال الجمعية العامة وتعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

السيد الرئيس،

تشكل السنة الحالية 2014م علامة مهمة بالنسبة للقضية الفلسطينية كونها سنة التضامن مع الشعب الفلسطيني ومن المؤلم أن يتزامن ذلك مع ما شهدناه هذا العام من عدوان إسرائيلي غاشم يرقى إلى جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة في تجاهل إسرائيلي صارخ للإرادة الدولية وأحكام القانون الدولي. ولنا أن نتساءل هنا: متى سوف يتحرك المجتمع الدولي لإنصاف الشعب الفلسطيني وردع إسرائيل عن سياساتها التعسفية المناقضة لهذه الإرادة ؟ متى سوف يتحرك المجتمع الدولي تجاه إسرائيل التي لا زالت تمارس سياساتها التعسفية الأحادية الجانب من خلال محاولاتها تهويد القدس الشريف وتغيير تركيبته الديمغرافية وارتكاب الانتهاكات اليومية ضد الفلسطينيين من تهجير وطرد واعتقال تعسفي ؟ هذا إلى جانب استمرار سياسات إسرائيل الاستيطانية، بما في ذلك احتجاز آلاف الأسرى، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة، وتهجير المواطنين الفلسطينيين خاصة في القدس الشريف، والاستمرار في ممارسة سياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي ناهيك عن مواصلة سياسة الحصار الجائر لقطاع غزة. يحدث ذلك كله تحت أنظار المجتمع الدولي دون أي تحرك لوضع حد لهذه الممارسات.

وعليه فإننا ننادي من هذا المنبر بضرورة تحمل المجتمع الدولي مسئوليته إزاء توفير الحماية للشعب الفلسطيني بصورة عاجلة وفورية. ومن هذا المنطلق، فإننا نحمل إسرائيل المسئولية الكاملة عن فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من التزام السلطة الوطنية الفلسطينية بكافة التزاماتها وتعهداتها بأسس عملية السلام.

ومع إشادتنا بجهود جمهورية مصر العربية الشقيقة التي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإيقاف نزيف الدم الفلسطيني يجب إلا يغيب عن أذهاننا أن وقف إطلاق النار في حد ذاته لا ينبغي أن يشكل هدفاً في حد ذاته بمعزل عن هدف تحقيق السلام العادل والشامل والدائم وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية.

السيد الرئيس

يمثل الوضع في سوريا الشقيقة أكبر مأساة إنسانية يشهدها هذا القرن.

وقد علمنا التاريخ أنه كلما طال أمد الصراع الداخلي المسلح، كلما زاد تمادي النظام السوري في وحشيته وجرائمه، ويصاحب ذلك انتشار جماعات التطرف والإرهاب التي وجدت في الأرض السورية مرتعاً خصباً لها.

إن استراتيجية النظام السوري كانت منذ البداية تدفع باتجاه المشهد الذي نراه اليوم في سوريا. ففي الوقت الذي وقف فيه المجتمع الدولي متردداً ومنقسماً على نفسه في تعامله مع الأزمة السورية، عمد النظام السوري إلى عسكرة الثورة وقمع التظاهرات السلمية بوحشية وممارسة سياسات الحصار والتجويع والقتل. كل ذلك بهدف دفع الثورة السورية إلى حاضنة الجماعات الإرهابية وتبرير سلوكه الهمجي كحرب على الإرهاب.

إن المملكة كانت وما زالت داعمة للمعارضة السورية المعتدلة، ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية، إلا أن معركتنا على الإرهاب في سوريا يجب أن تشمل القضاء على الظروف المؤدية إليه أيضاً. إن الشواهد كلها تدل على أن النظام السوري هو الراعي الأول للإرهاب في سوريا.

إننا نرى أن أي إمكانية للتسوية السياسية ينبغي إلا يكون بشار الأسد الفاقد للشرعية أي دور سياسي فيها وبأي شكل من الأشكال. ونرى في إعلان مؤتمر (جنيف1) ما يوفر أفق الحل المؤدي إلى انتقال سلمي للسلطة بما يحافظ على مؤسسات الدولة، ويحفظ لسوريا استقلالها وسيادتها ووحدتها الوطنية والإقليمية. ومن البديهي ألا تتوفر إمكانية لمثل هذا الحل مع تواجد القوات الأجنبية على الأراضي السورية ممثلة في الحرس الثوري الإيراني وقوات حزب الله، وانعدام توازن القوى على الأرض.

السيد الرئيس،

تشهد الجمهورية اليمنية أوضاعاً متسارعة وبالغة الخطورة تستدعي منا جميعاً وقوفنا معها واقتراح الحلول اللازمة لمواجهة هذه التحديات غير المسبوقة، والتي يخشى إن لم نتداركها أن تقود لا سمح الله إلى مزيد من الانحدار نحو العنف والصراع الذي سيكون الشعب اليمني ضحيته الأولى.

إن ذلك سيتسبب أيضاً في تقويض ما توصل له اليمنيون من اتفاقات بناءة لاستكمال العملية السياسية السلمية وفقاً لمقررات المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني. أضف إلى ذلك أن دائرة العنف والصراع ستمتد بلا شك لتهدد الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، وقد تصل لمرحلة تجعل من الصعوبة بمكان إخمادها مهما بذل لذلك من جهود وموارد. وقد سبق لنا الترحيب باتفاق السلم والشراكة الوطنية المبرم يوم الأحد الماضي 21 سبتمبر بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، وكان أملنا أن يحقق تطلعات الشعب اليمني نحو وقف العنف والاقتتال واستكمال العملية السياسية واستئناف التنمية والبناء. ومع إشادتنا بما بذله فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي من جهود مكثفة للوصول إلى اتفاق يجنب اليمن وأبناءه العنف والفوضى وإراقة الدماء؛ إلا أن عدم تنفيذ الملحق الأمني للاتفاق وعدم إنفاذ الاتفاق نفسه على الوجه المطلوب من قبل جماعة الحوثي قد بدد تلك الآمال.

إننا ندعو جميع الأطراف المعنية إلى التطبيق الكامل والعاجل لبنود الاتفاق كافة، كما نحث المجتمع الدولي على تقديم جميع أوجه المساعدة لليمن في هذا الشأن.

السيد الرئيس

نقف اليوم أمام وضع خطير للغاية، فبعد أن كان الإرهاب خلايا أصبح جيوشاً. وبعد أن كان يستهدف بؤراً، تحول إلى استهداف دول يعبث فيها وفي مقدراتها كيفما يشاء. وأصبح الإرهاب يشكل طوقاً خطيراً يمتد ليشمل كل من ليبيا ولبنان وسوريا والعراق واليمن. أمام هذه الحقائق الخطيرة، نحن اليوم مطالبون باتخاذ السياسات والقرارات المصيرية والحازمة لمواجهة هذه الهجمة الشرسة بكل قوة وحزم، والتحرك الجاد والسريع، آخذين في الاعتبار عنصر الوقت ومغبة التخاذل. من هذا المنطلق، فإننا نرى أن الحرب على الإرهاب ينبغي أن تكون شاملة، ووفق استراتيجية واضحة مدعومة بخطة تنفيذية تحقق الأهداف المنشودة من هذه المواجهة من جوانبها العسكرية والأمنية والاقتصادية والفكرية كافة. يجب أيضاً الأخذ في الاعتبار أن الحرب على الإرهاب تتطلب عملاً جاداً ومستمراً قد يمتد إلى سنوات، ولا يجب أن يتوقف عند تحقيق انتصارات جزئية على تنظيمات محددة، بل يجب المضي قدماً فيه حتى يتم القضاء على التنظيمات الإرهابية كافة أينما وجدت، ومهما كانت الدوافع التي تقف وراءها، كي نخلص الإنسانية من هذا الشر المقيت، ونحافظ على حقوق الإنسان المشروعة في العيش بكرامة وأمن وسلام.

ومن هذا المنطلق، فإني أجدد التأكيد على موقف بلادي والتزامها بمحاربة الإرهاب الذي ما فتئ خادم الحرمين الشريفين يحذر من مخاطره ونتائجه مراراً وتكراراً منذ أكثر من عقد من الزمن، آخرها في شهر أغسطس الماضي حينما دعا قادة وعلماء الأمتين العربية والإسلامية إلى إحقاق الحق وإزهاق الباطل والوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذه الآفة الخبيثة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، معبراً عن استغرابه من صمت المجتمع الدولي رغم سعي هذه الآفة الحثيث إلى التمدد لتطال العالم بأسره دون هوادة.

لقد ترجمت حكومة المملكة العربية السعودية هذه السياسة إلى إجراءات مشددة من خلال سن القوانين المجرمة لها ووضع القوائم بأسماء الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية التي تقف وراءهم ومكافحة هذا الشر المستطير بكل السبل الأمنية والقكرية وتجفيف منابعهم المالية. ولم يقتصر الأمر على مكافحته وطنيا بل تجاوزه إلى السعي نحو الدفع بالجهود الدولية كافة بما في ذلك إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة ودعمه بأكثر من مئة مليون دولار. ومع ذلك وبالرغم من إجماع العالم على خطورة الظاهرة وضرورة مكافحتها لايزال المركز في حاجة ماسة إلى المساهمة الدولية الفاعلة لتمكينه من القيام بالدور المطلوب منه في سياق الجهود الدولية القائمة.

إن نتائج السياسة الصارمة التي تنتهجها بلادي ما كانت لتجني ثمارها على المستوى الوطني لولا توفيق الله عز وجل ثم وقوف المجتمع بقياداته وعلمائه وأبنائه صفا واحدا في مواجهة الإرهاب والفكر الضال المؤدي إليه. إن البيان الواضح والصريح الذي صدر عن هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في السابع عشر من هذا الشهر ليعكس وبجلاء المدى الذي ذهبت إليه المملكة في مواجهة الإرهاب ويكشف حقيقة هذا الفكر الإرهابي وممارسات من يعتنقونه المخضبة بالدماء والدمار محذرا المنتمين إليه والداعين له وداعما ذلك بتأصيل شرعي يبين فساد هذا الفكر وخطره وشذوذه ويؤكد أن محاربة الجماعات الإرهابية واجتثاثها قد بات أمرًا واجبًا على الجميع.

السيد الرئيس

يظل هاجس خطر انتشار السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط أحد العوامل المؤرقة لدول وشعوب المنطقة خصوصا في ظل الاضطرابات المستمرة التي تشهدها وقياسا على التجارب التي شهدتها المنطقة التي دللت بشكل قاطع على أن ما من سلاح جديد دخلها إلا وتم استخدامه. ومن هذا المنطلق فإن بلادي ما انفكت تدعو إلى أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي وفي إطار الجهود الساعية إلى إقامة مناطق خالية من الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم. وعليه فإن المملكة تؤكد ضرورة عقد المؤتمر المؤجل حول إنشاء منطقة الشرق الأوسط الخالية من الأسلحة النووية وباقي أسلحة الدمار الشامل في أسرع وقت ممكن خلال عام 2014م. إن عدم عقد هذا المؤتمر في موعده يمثل إخلالاً بعملية المراجعة وبالالتزامات المتفق عليها في مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي في عام 2010 م، كما يلقي بشكوك كبيرة على عملية التوافق والحلول الوسط التي يتم اتخاذها في إطار العلاقات متعددة الأطراف في مجال نزع السلاح. إن عملية التأجيل تتحملها إسرائيل التي لم تعلن عن موافقتها على حضور المؤتمر وما نجم عن ذلك من آثار سلبية أعاقت التقدم نحو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى, كما تتحملها الدول الراعية لأنها تخلت عن التزامها بعقد المؤتمر في موعده المحدد.

وفيما يتعلق بأزمة الملف النووي الإيراني فإن المملكة لاتزال تعلق أهمية على معالجة هذه الأزمة بالطرق السلمية من خلال المفاوضات الجارية بين مجموعة 5+1 وإيران، وبما يكفل لإيران حق الاستخدام السلمي للطاقة ووفق الاتفاقيات الدولية المبرمة في هذا الشأن، مع ضرورة تطبيق هذه الإجراءات والضوابط على دول المنطقة كافة.

السيد الرئيس

من جملة القضايا والمحن التي نواجهها استمرار التعرض للرموز الدينية وعلى وجه الخصوص تعرض الإسلام الحنيف والرسول صلى الله عليه وسلم للكثير من الإساءات من جهات وأفراد ووسائل إعلام يجهلون حقيقته وسماحته.

وفي هذا الصدد أود أيضاً التذكير بدعوة خادم الحرمين الشريفين لأمم المتحدة لإصدار قرار يجرم ويمنع الإساءة للرموز والمقدسات الدينية من قبل مختلف الجهات وإيقاع العقوبات الزاجرة لكل من يتورط في هذه الأعمال المسيئة.

هذا إلى جانب ما تتعرض له الجاليات الأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء في المنظمة من حالات تمييز وتعصب وأعمال عنف وغير ذلك من السياسات والممارسات المرتبطة بظاهرة الإسلاموفيبا.

وأقوى مثال ذلك هو ما يتعرض له المسلمون في الروهينجا وأفريقيا الوسطى ودول مثل مالي ومن أشكال مختلفة من الاضطهاد ومحاولة الإبادة.

من هذا المنطلق فإننا ننادي بأهمية تسريع عملية تنفيذ قرار وضع “صك دولي ملزم قانوناً لمنع التعصب والتمييز والكراهية على أساس الدين وكذلك الإساءة للأديان ولتعزيز وضمان احترام جميع الأديان”.

انطلاقا من حرص المملكة العربية السعودية على تحقيق التفاهم والاحترام للأديان والمعتقدات، عمدت إلى إقامة مركز مستقل في نوفمبر عام 2012م في فيينا باسم مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات. يهدف هذا المركز إلى تعزيز التفاهم و الاحترام و التعاون بين أتباع الثقافات والمعتقدات، مع التركيز على المشترك الإنساني والذي يدعو إلى الخير والمحبة والتسامح والوئام.

وقد انطلق هذا المسعى النبيل بمشاركة فعالة من كل من جمهورية النمسا و مملكة إسبانيا.

السيد الرئيس

لقد حققت المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان انجازات عديدة مستمدة من مبادئ شرعيتها الإسلامية ومن وفائها بالتزاماتها الدولية. تماشياً مع التطورات الدولية في هذا المجال، فقد صادقت المملكة خلال العقدين الماضيين على العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي من شأنها الإسهام في تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الداخل.

فقد أنشأت المملكة هياكل وطنية حكومية كهيئة حقوق الإنسان وغير حكومية كالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف معالجة قضايا حقوق الإنسان الداخلية والسعي في مساءلة ومحاسبة كل ما من شأنه عدم احترامها أو الإخلال بأنظمتها.

إن فوز المملكة العربية السعودية في الترشح لعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة 2014 – 2016 م يعد خطوة مهمة تحمل في طياتها واجباً ومسؤولية تحتم عليها ممارسة مهامها كعضو في المجلس في حماية جميع قضايا حقوق الإنسان الدولية بما يتوافق مع مبادئ شريعتها الإسلامية والتزامها الدولية.

السيد الرئيس

تؤمن حكومة المملكة بأن فئة الشباب هم نواة المجتمع فلم تغفل المملكة عن رعاية حقوقهم التي تتمثل في التركيز على توفير متطلباتهم بكل السبل التي تضمن إخراج جيل صالح من الشباب.

كما ركزت حكومة المملكة على الاهتمام بالجانب التعليمي ضمن أولويات خططها الإستراتيجية الوطنية لجميع القضايا والبرامج المتصلة بالشباب.

بالإضافة إلى ذلك حرصت المملكة على بناء تعاون قوي مع العديد من منظمات وهيئات الأمم المتحدة من خلال اختيار أفضل البرامج التي تسهم في توظيف وتدريب الشباب من كلا الجنسين لتحسين مستواهم التعليمي والفكري وتعزيز علاقاتهم بثقافات المجتمعات الأخرى وقد كفلت المملكة عند وضع استراتيجيات خططها الوطنية حقوق ومتطلبات الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة والشباب المقيمين في المناطق الريفية، بل ولم تغفل عن رعاية أبناء الأسر المقيمة أو العاملة في المملكة من خلال دعم جميع حقوقهم الأساسية بما يتوافق مع قوانين المملكة الوطنية. ولا تزال حكومة المملكة تسعى جاهدة إلى حماية جميع حقوق أفرادها مواطنين ومقيمين دون تمييز والعمل على قضاء أي عنف يوجه ضد النساء والأطفال والمسنين. إن قوانين المملكة الوطنية تعمل بشكل قاطع على محاربة كل السبل التي من شأنها الانحطاط بكيان المرأة والتي تتمثل في استغلال النساء أو المتاجرة بهن.

تؤمن قيادة المملكة بأن المرأة والرجل شريكان يكملان بعضهما الآخر وقد أثبتت المرأة السعودية نجاحها في العديد من المجالات السياسية والتعليمية والفكرية والقانونية والاقتصادية والصحية في القطاعين الحكومي والخاص.. ويجدر بنا الإشارة إلى ماحصلت عليه المرأة السعودية مؤخرا من عضوية في مجلس الشورى وحقها في التصويت والترشح لعضوية المجالس البلدية.

السيد الرئيس

تؤكد المملكة العربية السعودية على أهمية التخطيط السليم لقضايا التنمية وبالأخص جدول أعمال التنمية لما بعد 2015م بما في ذلك أهداف التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتؤكد على أهداف التنمية المستدامة العادلة والهادفة التي تزيد من تعزيز القدرات والجهود الدولية لمواجهة التحديات الناتجة عن الأزمة المالية العالمية وتدعم جهود إصلاح النظام المالي والنقدي والتجاري الدولي من خلال المؤسسات القائمة لبناء اقتصاد عالمي يقوم على شراكة جديدة بين الدول النامية والمتقدمة وعلى أساس من التعاون والعدل والمساواة والشفافية والمنافع المتبادلة، وتؤكد المملكة في هذا الشأن على أهمية العمل الجماعي من أجل تقليل الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية في مجالات التنمية المتعددة. تحرص المملكة على تحقيق ذلك من خلال عضويتها في فريق العمل الحكومي المفتوح المعني بأهداف التنمية المستدامة وعضويتها في لجنة الخبراء الحكومية الدولية والمعنية بتمويل التنمية المستدامة وبما أننا على مشارف إقرار خطة عمل وبرنامج تنموي بعد العام 2015م فإن المملكة تدعو أن تكون هذه الخطة قابلة للتطبيق والتنفيذ وأن تستوعب الاحتياجات المختلفة للدول بشكل لا يتعارض مع مبادئ وتشريعات الدول الأخرى وبشكل يليق باهتمامات الدول المختلفة لتحديد برنامج للتنمية قادر على معالجة تحدياتها. وتأمل المملكة في أن تركز هذه الأهداف على الأولويات الأساسية للدول النامية وعلى رأسها القضاء على الفقر وإنهاء الجوع والجهل والمرض وفقا لمبادئ المسؤولية المشتركة والمتباينة للدول وإنهاء كل أشكال الاستعمار والاحتلال لتتمكن الشعوب الواقعة تحت الاحتلال من الحصول على حقها من سياسات التنمية.كما تأمل المملكة ألا تتشتت الجهود في وضع أهداف التنمية المستدامة بما يصرف النظر عن الأساسيات التنموية الملحة للإنسان في العالم.

السيد الرئيس

في إطار استشعار المملكة بمسؤولياتها الدولية وضمن مبادئ التكافل الإنساني قامت بتقديم العديد من المساعدات النقدية والعينية بما في ذلك المساعدات التي تطوع بتقديمها المواطنون السعوديون في مناسبات عدة ولقد اشتركت المملكة مع المنظمات الدولية المتخصصة أو بواسطة أجهزتها المعنية في تقديم العون للدول والأفراد الذين تضرروا من الكوارث الطبيعية في آسيا وأفريقيا وفي منطقة الكاريبي وغيرها، كما قدمت بلادي المساعدات التنموية إلى مايقارب تسعين دولة في العالم للعمل على إنشاء مشاريع البنية التحتية والاستثمارات الاقتصادية التي توفر فرص العمل المناسبة فضلا عن مبادرة المملكة إلى الإعفاء من الديون للدول الأقل نموا وبرنامج الطاقة للجميع الذي يهدف إلى تيسير الحصول على الطاقة لهذه الدول. لذلك فإن المملكة هي من أعلى الدول في العالم تقديما للمساعدات كنسبة من إجمالي دخلها الوطني وتتجاوز في ذلك بكثير هدف 0,7 % الذي حددته الأمم المتحدة حيث بلغ إجمالي ما قدمته المملكة خلال الثلاثين عاما الماضية ما يقارب مائة بليون دولار أمريكي وتأمل المملكة أن تسعى الدول الصناعية إلى الوفاء بتعهداتها في مجال المساعدات الإنمائية وتحقيق الهدف الذي وضعته الأمم المتحدة وتجاوزه إن أمكن ذلك. لقد سعت المملكة العربية السعودية في مساعداتها الإنسانية دائما إلى التركيز على مشاريع مكافحة الفقر والمرض والبطالة والمخدرات وذلك استشعارا لواجبها الديني والأخلاقي والإنساني وحرصا على تخفيف المعاناة الإنسانية للشعوب وعلى توطيد السلم وتحقيق الرفاهية لكل البشر في جميع أنحاء العالم.

السيد الرئيس

لن تألو المملكة جهدا في العمل مع المنظمات الدولية والدول المؤمنة بالعمل الجماعي في سبيل تحقيق كل مافيه خير البشرية وهو ماقامت عليه الأمم المتحدة أساسا. وسوف تستمر المملكة العربية السعودية في أداء دورها الإنساني والسياسي والاقتصادي بحس المسؤولية والاعتدال والحرص على العدالة وهي المفاهيم التي كانت ومازالت تشكل المحاور الثابتة للعمل الدولي لبلادنا”.

المصدر: نيويورك – واس