الحوثيون يسيطرون على مؤسسات النفط اليمنية

أخبار

تسعى جماعة الحوثيين المتمردة في اليمن لإحكام قبضتها على العاصمة اليمنية صنعاء، ونشرت أمس مزيدا من المسلحين في المقرات الاقتصادية الحيوية؛ منها وزارة النفط والشركات والمؤسسات النفطية، والمصرف المركزي، وسط غياب تام من الجيش والأمن لليوم العاشر على التوالي من شوارع العاصمة صنعاء، فيما شيعت وزارة الدفاع أمس 5 من أفرادها قتلوا في معارك مع الحوثيين في مقر التلفزيون اليمني.

وأعلن الحوثيين الذي فرضوا سيطرتهم على العاصمة منذ 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، تشكيل لجنة لتلقي «الشكاوى وضبط التجاوزات»، وهو ما عدّه مراقبون محاولة من الجماعة للقيام بمهام الأجهزة الأمنية التي تغيب عن معظم الشوارع والمقرات الحكومية لليوم العاشر. وعممت الجماعة إعلانا حول ذلك مذيلا بأرقام تليفونات للتواصل مع اللجنة من أي مواطن تعرض لعمليات نهب أو تجاوزات. وكانت الجماعة افتتحت مقرات وفروعا تحت اسم «مقر أنصار الله» في الأحياء السكنية شمال ووسط العاصمة، ونشرت مزيدا من المسلحين في المقرات الاقتصادية الحيوية؛ منها شركات نفطية وأهمها «الشركة اليمنية للغاز المسال»، والمصرف المركزي.

وقالت مصادر إعلامية إن الحوثيين أرسلوا عشرات المسلحين إلى المؤسسات والشركات الحكومية النفطية، منها وزارة النفط، وهيئة المعادن، ومقرات شركة تسويق المشتقات النفطية، وشركة «صافر وبترومسيلة»، والشركة اليمنية للاستثمارات النفطية، والشركة اليمنية للغاز المسال، والمؤسسة العامة للنفط والغاز، وهيئة استكشاف وإنتاج النفط.

ويمثل النفط بالنسبة لليمن العصب المالي؛ إذ يرفد خزينة الدولة بأكثر من 70 في المائة من إيراداتها.

وفي السياق نفسه، فوجئ طلاب مدرسة ابتدائية بتحول مدرستهم إلى ثكنة عسكرية لميليشيات الحوثيين، وهو ما دعاهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بخروجهم من مدرسة «شملان» الواقعة في شمال غربي العاصمة. وأجبر الحوثيون الطلاب على افتراش الشارع المقابل للمدرسة بدلا من الفصول الدراسية التي أكدت مصادر تربوية استخدامها من قبل المسلحين لتخزين الأسلحة والآليات التي جرى نهبها من معسكرات الجيش. وكانت وزارة التربية أعلنت أمس استئناف الدراسة في عموم مدارس العاصمة بعد أسابيع من توقفها بسبب الأحداث الأخيرة.

في غضون ذلك، نفى حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن علاقة الحزب بجماعة الحوثيين والسيطرة على العاصمة صنعاء، بعد نشر عدة وكالات عالمية وصحف دولية معلومات تؤكد ضلوع أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح من العسكريين والقبليين في اقتحام صنعاء ونهب الأسلحة الثقيلة من المعسكرات إضافة إلى احتلال منازل خصوم صالح ونهب كل ما فيها.

ونقلت وكالة أنباء خاصة مملوكة لصالح، عن الناطق الرسمي باسم الحزب عبده الجندي، نفيه معلومات عن علاقة الحزب بالحوثيين، وقال إنها «أخبار واتهامات ووقائع مكذوبة ولا أساس لها من الصحة»، عادّا أن «تكرار نشر وفبركة أخبار ومعلومات كاذبة، يهدف إلى الإساءة لـ(المؤتمر الشعبي العام) وقيادته ومواقفه الوطنية المعلنة مرارا وتكرارا تجاه الأحداث والتطورات المختلفة». ولفت إلى أن ما نشر عن وجود صفقات تسليح بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام، والحوثيين، وأن الحوثيين يقومون بتوزيع أسلحة على أنصار الرئيس السابق، في العاصمة صنعاء، «هي معلومات كاذبة لا أساس لها من الصحة».

وهدد مصدر في الحزب بمقاضاة صحيفة «الشرق الأوسط الدولية» على خلفية هذه الأخبار، عادّا أن ما نشرته الصحيفة في عددها يوم السبت الماضي، «يسيء إلى قيادة المؤتمر الشعبي، والزج باسمه في كل حدث والترويج لروايات مغرضة تضع (المؤتمر) وقيادته طرفا في صراع لا صلة له به».

من جهة ثانية، عبرت عدة دول خليجية وعربية ودولية عن قلقها مما يجري في اليمن.

ودعت وزارة الخارجية الروسية كل الأطراف المتنازعة في اليمن إلى التخلي عن الأطماع المشروطة والبحث عن حلول لمشكلات البلاد الملحة في إطار مؤتمر الحوار الوطني. وقالت الخارجية في بيان نقلته قناة «روسيا اليوم» أمس: «نتابع عن كثب تطور الوضع السياسي الداخلي في الجمهورية اليمنية، حيث يبقى الوضع صعبا ومتناقضا عقب استيلاء المجموعات المسلحة من تنظيم الحوثيين القبلي على غالبية مؤسسات الحكم الأساسية في صنعاء». وأضافت: «نثق كالسابق بأن تخطي الأزمة السياسية الحالية في اليمن ممكن فقط عن طريق البحث عن حلول وسط تفي بمتطلبات ومصالح الشعب اليمني في استئناف السلام والأمن سريعا».

إلى ذلك، شيعت وزارة الدفاع أمس جثامين 5 من منتسبيها قتلوا في المعارك التي شهدها مقر التلفزيون الحكومي، قبل أن تصدر أوامر عليا بتسليم المقر مع جميع الأسلحة للحوثيين بحسب مصادر عسكرية، وذكرت الوزارة أن «الشهداء قتلوا وهم يؤدون واجبهم الوطني في حفظ أمن واستقرار الوطن في موقع التلفزيون»، ولفت جثامين العسكريين بالعلم الوطني، ونظمت لهم مراسم التشييع الرسمية بحضور مساعد وزير الدفاع للموارد البشرية اللواء الركن عبد القادر العمودي.

وفي سياق الوضع الأمني، اغتال مسلحان مجهولان مسؤولا محليا في مدينة تعز وسط اليمن أمس الاثنين، وذكرت مصادر حكومية أن مسؤولا في المؤسسة العامة للكهرباء في تعز، يدعى عبد الكريم الدميني، قتل بعد إطلاق مسلحين يستقلان دراجة نارية الرصاص عليه، ولاذا بالفرار.

يأتي هذا الحادث بعد يومين من مقتل جنديين من شرطة الدوريات برصاص مسلحين في المدينة نفسها التي تشهد انفلاتا أمنيا وتلويحا من قبل جماعة الحوثيين بتشكيل لجان شعبية فيها على غرار العاصمة صنعاء.

وقد أدان القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء نائب رئيس المجلس وزير الكهرباء المهندس عبد الله الأكوع، عملية اغتيال الدميني الذي يشغل منصب رئيس قسم كبار المستهلكين في مؤسسة الكهرباء، وعدها «عملا جبانا يستهدف الشرفاء من أبناء الوطن» متعهدا بألا تألو الأجهزة الأمنية جهدا في متابعة الجناة وتقديمهم للعدالة حتى ينالوا جزاءهم العادل.

صنعاء: حمدان الرحبي – الشرق الأوسط