متظاهرو هونغ كونغ يهددون باحتلال مقر الحكومة

أخبار

احتشد المتظاهرون بأعداد كبيرة أمس للمطالبة بحريات سياسية في هونغ كونغ، حيث هدد قادة الطلاب بتكثيف تحركاتهم واقتحام مقر الحكومة ومبان رسمية أخرى ما لم يقدم رئيس السلطة التنفيذية لونغ شون – يينغ استقالته.

وبينما كان مسؤولون كبار صينيون ومن هونغ كونغ يحيون الذكرى الـ65 لانتصار الشيوعيين على الوطنيين وإقامة جمهورية الصين الشعبية في 1949، احتشد المتظاهرون بأعداد كبيرة في الشوارع. وكانت حركة الاحتجاج المدني التي بدأت قبل أسابيع في المستعمرة البريطانية السابقة، تكثفت الأحد الماضي بشكل مفاجئ متسببة بأخطر أزمة سياسية منذ إعادة هونغ كونغ إلى الصين عام 1997. ويحتج المتظاهرون خصوصا على قرار الصين في أغسطس (آب) الماضي السماح بانتخاب مباشر لرئيس الحكومة في هونغ كونغ في 2017 مع الاحتفاظ بالحق في مراقبة الترشيحات.

وفي حين كان العلم الصيني وعلم هونغ كونغ يرفعان أمام ساحة غولدن بوهينيا الرئيسة في حي وانشاي وسط المدينة أمس، كان المتظاهرون ينشدون الأغاني الوطنية. وقابل الحشود بصيحات الاستهجان تحليق مروحية ترفع علم الصين وهونغ كونغ. ولم يشر رئيس الحكومة المحلية ليونغ شون – يينغ الذي يطالب المحتجون باستقالته بسبب قربه من الصين، بوضوح إلى حركة الاحتجاج في الخطاب الذي ألقاه في ختام الحفل. وقال إن «تطوير هونغ كونغ وتطوير القارة مرتبطان بشكل وثيق يجب أن نعمل يدا بيد ليصبح الحلم الصيني حقيقة». وأضاف: «نتفهم أن أشخاصا مختلفين لديهم مفهوم مختلف عن الإصلاحات المرجوة، لكن من الواضح أنه من الأفضل أن ينظم اقتراع عام مباشر على ألا ينظم مطلقا. نأمل في أن تعمل كل شرائح المجتمع مع الحكومة بشكل سلمي ومشروع وعقلاني وبراغماتي» من أجل المضي قدما «في تطورنا الدستوري» قبل أن يشرب نخب جانغ تشاومينغ ممثل بكين في هونغ كونغ.

وظل الوضع تحت السيطرة رغم دعوات بعض المتظاهرين إلى اقتحام الطوق الذي تفرضه الشرطة بالقرب من ساحة غولدن بوهينيا. واقتادت الشرطة النائب المطالب بالديمقراطية ليونغ كووك – هانغ إلى خارج الحفل لأنه هتف بأن هونغ كونغ تريد «انتخابات فعلية»، مطالبا باستقالة ليونغ شون – يينغ. وعلق ديفيد جانغ خبير المعلوماتية البالغ من العمر 24 عاما والذي جاء من الصين القارية لدعم المتظاهرين، أن «حكومة بكين تخاف من التغيير. إنها رسالة قوية مفادها أن الديمقراطية لا تأتي من العالم الغربي وإنما من الداخل من طلبة وسكان». وبحسب جمعيات مدافعة عن حقوق الإنسان فإن السلطات الصينية اعتقلت نحو 10 أشخاص لأنهم عبروا عن دعمهم للمتظاهرين في هونغ كونغ.

وهدد قادة الطلاب بتصعيد تحركاتهم ما لم يقدم رئيس السلطة التنفيذية استقالته، لكن أحد المسؤولين عن كبرى حركات المعارضة «أوكوباي سنترال» تحفظ على هذا الإعلان. وقالت أغنيس شاو من حركة الطلاب سكولاريسم: «إذا لم يحترم رئيس السلطة التنفيذية والحكومة المركزية (في بكين) رأينا ولم يصغوا إليه، فسندرس مختلف التحركات التي يمكن أن نقوم بها في الأيام المقبلة، بما في ذلك احتلال مبان حكومية أخرى». وأضافت أن لونغ شون – يينغ يجب أن يستقيل «اليوم أو غدا».

إلا أن شان كين – مان من حركة «أوكوباي سنترال» قال إن أي تصعيد «سيكون بمبادرة من الطلاب وحدهم»، لكن من دون أن يفتح باب الحوار مع رئيس السلطة التنفيذية. وقال: «يمكننا أن نتحدث مع أي شخص في الحكومة، ولكن ليس معه».
وأمس، لم يتوجه الكثير من سكان هونغ كونغ إلى أعمالهم بسبب اليوم الوطني الصيني، في حين أن اليوم (الخميس) أيضا يوم عطلة في هذه المستعمرة البريطانية السابقة. ويأمل المنظمون في حشد أعداد أكبر من المتظاهرين في هذه المناسبة. وقال إدوارد شان، المسؤول عن الشق المالي والمصرفي في حركة «أوكوباي سنترال» أمس اعتقد أن «حركة العصيان المدني هذه ستستمر ما لم يقدم لونغ اقتراحا بحوار جدي». وأضاف: «على شعب هونغ كونغ العمل مع بكين، لكن لا يمكن إرغامه على ديمقراطية خادعة. لسنا في التيبت أو شينجيانغ» المنطقة الصينية التي تشهد اضطرابات.

من جهته، قدم شان كي مان، أحد مؤسسي الحركة، اعتذاراته بسبب اضطراب الحركة في المدينة، داعيًا إلى التسامح. وفي تحد لهؤلاء المحتجين، تظاهر نحو 200 من مؤيدي الحكومة داعين المعارضين إلى «حب وطنهم الأم». وفي حفل نظم في حديقة كبيرة في المدينة بمبادرة من وزارة الداخلية ويشمل معرضا عن إنجازات الصين الحديثة، ردد هؤلاء المتظاهرون هتافات «هونغ كونغ بيتي لا تدمروه» و«أحبوا وطنكم الأم» و«أعيدوا لنا طرقنا». وقال ماكا – كونغ (56 عاما) وهو يرفع العلم الصيني: «كثيرون ليس لديهم حس وطني. إذا كان يجب الإضرار بلقمة عيش الناس من أجل الديمقراطية فهذه الديمقراطية لا تساوي شيئا».

ويشل المتظاهرون منذ عدة أيام قسما كبيرا من هونغ كونغ بإغلاقهم شوارع حيوية في المدينة التي تعد مركزًا ماليًا مهمًا في آسيا. ودعا رئيس الحكومة «أوكوباي سنترال» أبرز الحركات الاحتجاجية المطالبة إلى إحلال الديمقراطية، إلى وضع حد دون إبطاء لتحركها والسماح بعودة المدينة إلى حياتها الطبيعية. وقال لونغ في أول تصريح له منذ الصدامات التي وقعت ليل الأحد، إن «مؤسسي حركة (أوكوباي سنترال) قالوا مرارا إنه في حال خرج التحرك عن السيطرة فسيدعون إلى التوقف. وأنا أطلب منهم الآن احترام تعهداتهم ووضع حد لحملتهم فورا».

وكان ليل الاثنين/ الثلاثاء شهد صدامات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب عندما حاول شرطيون طرد ناشطين باستخدام غاز مسيل للدموع وغاز الفلفل. وأعلنت الصين أنها تدعم بالكامل رئيس حكومة هونغ كونغ في إدارة أزمة المظاهرات «غير المشروعة» في المستعمرة البريطانية السابقة. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية هوا شونينغ: «ندعم بالكامل حكومة منطقة هونغ كونغ الخاصة الخاضعة لحكم ذاتي لمعالجة مشكلة الأنشطة غير المشروعة» المرتبطة بالمظاهرات.

كذلك، قررت السلطات الرسمية في الصين تشديد الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل لا سابق له محاولا فرض عبارة «المتطرفين» الذين ينتهكون القانون لوصف الشبان المتظاهرين في هونغ كونغ. وفي البلد الأم، لا يزال ملايين الصينيين لا يعلمون بوجود احتجاجات في هونغ كونغ، خصوصًا بعدما بات تطبيق «إنستغرام» الذي يحظى بتداول واسع لمشاركة الصور، أول ضحايا تشديد الرقابة. جرى تعليق العمل بهذا التطبيق الأحد الماضي.

وكان مفترضًا أن يبحث وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الصيني وانغ يي، الأزمة السياسية الراهنة في هونغ كونغ، خلال اجتماع واشنطن أمس، حسبما أعلنت الخارجية الأميركية مسبقًا.

المصدر: الشرق الأوسط