«داعش» يدخل كوباني.. وحرب شوارع في المدينة

أخبار

بيروت: بولا أسطيح
تابعت تركيا ضغطها على الولايات المتحدة لحضها على القبول بتدخل عسكري بري في سوريا «يستهدف تنظيم داعش والنظام السوري على السواء» كما قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أمس، كما تابعت ضغطها على أكراد سوريا الذين تلقوا «توبيخا» شديد اللهجة من نائب رئيس الوزراء بولند أرينج الذي قال إن «بعض أكراد سوريا، ارتكبوا خطأ من خلال وقوفهم إلى جانب نظام الأسد بعيدا عن صف المعارضة السورية» متسائلا «لماذا لم يحمهم النظام مع اقتراب (داعش) من مدينة عين عرب وطلبهم المساعدة من تركيا».

وكان التنظيم المتشدد رفع أمس راياته لأول مرة على الحدود التركية مباشرة، حيث تناقلت وسائل الإعلام التركية صورا قالت إنها تعود لراية للتنظيم رفعت على مبنى من 4 طوابق يحاذي خط الحدود بين تركيا وسوريا، فيما استمرت حال الاستنفار القصوى لدى القوات التركية في المنطقة، وتواصل إخلاء المدنيين من المناطق المحاذية لرقعة الاشتباك وأعلنت الشرطة مناطق منها «مناطق مقفلة».

وأظهرت مشاهد تلفزيونية التقطت من الجانب التركي من الحدود راية سوداء يبدو أنها راية التنظيم ترفرف فوق مبنى من 4 طوابق قرب موقع شهد بعضا من أعنف الاشتباكات في الأيام القليلة الماضية. وقال الضابط التركي الذي رفض نشر اسمه إن «الراية هي راية (داعش) الذي سيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق في الشهور الأخيرة».

وأجرى قائد القوات البرية التركية الفريق أول خلوصي أكار جولة تفقدية للوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود السورية. واستهل أكار جولته التفقدية بقيادة الكتيبة الثالثة لحرس الحدود، ثم الوحدات العسكرية المدرعة المنتشرة على طول الحدود التركية مع سوريا في ولاية شانلي أورفا. واستطلع أكار من نقطة مرتفعة المناطق الحدودية، وأماكن حدوث الاشتباكات في الجانب السوري بين تنظيم داعش والمسلحين الأكراد في عين العرب (كوباني). ورافق أكار في جولته قائد الجيش الثاني الفريق أول آدم حدودي وقائد الفيلق السابع الفريق إبراهيم يلماز.

وفي تصريح أدلى به رئيس الوزراء التركي لمحطة «سي إن إن» الأميركية، كرر داود أوغلو تأكيده أن «القوات البرية يمكن استخدامها في عملية تستهدف تنظيم داعش كجزء من استراتيجية شاملة تستهدف أيضا نظام بشار الأسد». وأكد أن بلاده سوف تنضم إلى التحالف الدولي ضد التنظيم فقط مع وجود منطقة حظر جوي وملاذات آمنة داخل سوريا. وحذر من أنه إذا بقي الأسد في السلطة فهذا من شأنه أن يساعد «داعش» على النمو.

وانتقد نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينج حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي«PYD» في سوريا، لوقوفه بصف نظام بشار الأسد، وتشكيله «كانتونات» في شمال سوريا، لافتا أن الـ«PYD»، طلب من تركيا المساعدة، عندما هاجم «داعش» «كوباني». وتساءل أرينج «لماذا لم يحمكم النظام، لماذا لم يحتم المدنيون في كوباني بكانتون الحسكة، بدلا من لجوئهم إلى تركيا»، موضحا أن أنظار أكراد الشرق الأوسط، والعالم تتجه نحو تركيا، فإن كان هناك حام للأكراد في سوريا، فهي تركيا. وأشار أرينج، إلى أن بعض أكراد سوريا، ارتكبوا خطأ من خلال وقوفهم إلى جانب نظام الأسد بعيدا عن صف المعارضة السورية، قائلا إن «هؤلاء وقفوا مع من كان لا يعترف بهم، ولا ينظر إليهم كبشر منتهزين فرصة إعطائهم النظام بعض الامتيازات».

وأكد أرينج أن تركيا أبلغت صالح مسلم رئيس حزب «PYD» خلال زيارته إلى تركيا في وقت سابق، أنه يتعين عليهم أن ينخرطوا في جسم المعارضة السورية، ولا يكونوا شركاء لنظام الأسد في ظلمه، مردفا أن «صالح»، أبدى موافقته بادئ الأمر على طلب تركيا، إلا أنهم ذهبوا، وتعاونوا مع الأسد وشكلوا كانتونات، ومجالس ووزارات بشمال سوريا، بدعم من النظام. وقال إن «النظام السوري لم يقف مع الـ(PYD) عندما أصبح تنظيم داعش على أبواب كوباني التي بقي فيها نحو 1000 مسلح فقط، ونزح نحو 200 ألف من سكانها تجاه تركيا، ولن يقف معهم في المستقبل»، مضيفا: «أين كانتوناتكم، أين قواتكم المسلحة أين قوتكم في مواجهة (داعش)؟ إذا كنتكم تعلمون بكل هذا لماذا قمتم بعداء تركيا إذن؟ لماذا وقفتم إلى جانب الأسد، وهدفتم إلى تشكيل دولة، فالظالم لا يكن صادقا، ولا يمكن الوثوق به».وتساءل أرينج لماذا لا يقوم تنظيم الـ«بي كي كي» الإرهابي بتقديم يد العون للأكراد في كوباني؟ قائلا: «هل تعلمون بماذا يبرر أحد هؤلاء الملطخة أيديهم بدماء الجنود الأتراك القابعين في جبال قنديل، عدم تقديمهم المساعدة للأكراد في كوباني، أنهم لا يستطيعون القتال في الأراضي المنبسطة، بل يجيدون القتال في الجبال فقط»، وذكر أرينج أن المسلحين الأكراد في كوباني طلبوا من تركيا مدهم بالسلاح الثقيل، وفتح ممرات، وتقديم المساعدة لهم.

ومن جانبهم، يتحضر المقاتلون الأكراد داخل مدينة كوباني (عين العرب) على الحدود مع تركيا لحرب شوارع مع تنظيم داعش الذي يستعد لاقتحام المدينة بين ساعة وأخرى بعد رفع راياته يوم أمس الاثنين على مبان تقع عند تخومها. وبالتزامن، أفيد عن توافد مقاتلين أكراد من تركيا إلى كوباني للدفاع عن بلدتهم التي كانوا قد اضطروا إلى مغادرتها بوقت سابق.

وأكد الناشط مصطفى عبدي الموجود داخل المدينة أن «داعش» لم يتمكن من اقتحام كوباني بعد، موضحا أن رايات التنظيم السوداء التي رفعت، تم رفعها في بلدة محاذية لكوباني سيطر عليها التنظيم قبل يومين، لافتا إلى اشتباكات عنيفة جدا تدور على كل المحاور وأطراف المدينة التي تدكها مدفعية «داعش».

وأشار عبدي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أن المقاتلين الأكراد يتحضرون لحرب شوارع، لافتا إلى أن «مئات المدنيين من الأطفال والنساء والعجزة لا يزالون عالقين على الحدود مع تركيا وهي ترفض استقبالهم». ويتقدم عناصر «داعش» صوب المدينة من 3 جبهات بالتزامن مع دكها بمدفعية ثقيلة.

وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «داعش» رفع راياته عند الضاحية الشرقية للمدينة وبالتحديد في منطقة مقتلة القديمة، المجاورة لمنطقة مقتلة الجديدة وعلى أحد مراكز الاتصالات جنوب شرقي كوباني، مؤكدا أن عناصر التنظيم لم يدخلوا الأحياء بعد. وتوقع عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يتم اقتحام المدينة بين ساعة وأخرى لتبدأ حرب شوارع بين عناصر (داعش) والمقاتلين الأكراد»، مشيرا إلى أن آلاف المدنيين ما زالوا داخل كوباني.

وأوضح إسماعيل أسكين وهو صحافي في المدينة أن «داعش» رفع علمه على مبنى واحد شرقي المدينة، «وهذه المنطقة لا تقع داخل المدينة بل على الجانب الشرقي»، وأضاف: «هم لم يدخلوا المدينة ولا تزال الاشتباكات العنيفة دائرة». بدوره، أشار ياور محمد علي، وهو مترجم لدى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني وموجود داخل كوباني إلى أنه «خلال ساعات النهار يحقق مقاتلو داعش بعض التقدم لكن وحدات حماية الشعب تصدهم. هناك اشتباكات في محيط المدينة لكنهم لم يدخلوا المدينة بعد. وحدات حماية الشعب لا تزال تقاوم». ونقلت وكالة «رويترز» عن مقاتلين أكراد تأكيدهم بعدم التخلي عن جهودهم للدفاع عن بلدتهم التي اضطر 180 ألفا من سكانها إلى الفرار بوقت سابق عبر الحدود مع تركيا. وقد سجل بالأمس عبور نحو 30 شخصا يتوقع أن يكونوا من الأكراد قادمين من تركيا للمشاركة في الدفاع عن البلدة.

وأبلغت سلطات الدفاع في كوباني «رويترز» أنها لا تملك سوى أسلحة خفيفة في مواجهة قوات «داعش» التي تمطر قلب المدينة بقذائف المورتر. وأكد عصمت الشيخ قائد سلطة الدفاع في كوباني أن قواته لن تسمح لمقاتلي «داعش» بدخول كوباني وستقاوم للنهاية. وقال شهود عيان فروا من كوباني إلى تركيا أول من أمس إن «سيدات مسنات أعطين قنابل يدوية لإلقائها وشابات يفتقرن لأي خبرة قتالية تم تسليحهن وإرسالهن إلى أرض المعركة». ولم تسجل أي ضربات للتحالف الدولي لمواقع «داعش» داخل سوريا حتى ساعة متأخرة من بعد ظهر الاثنين.

وقتل 20 عنصرا من «داعش» ليل الأحد الاثنين في كمين في شرق المدينة أثناء محاولتهم اقتحامها. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «20 مقاتلا جهاديا قتلوا في كمين نفذته وحدات حماية الشعب بعد دخول هؤلاء المقاتلين إلى شارع 48 في مدينة عين العرب التي تبعد كيلومترات قليلة عن الحدود التركية».

المصدر: بيروت – بولا أسطيح – الشرق الأوسط