نجيب الزامل
نجيب الزامل
كاتب سعودي

المغاربة هذا أصل طبعهم

آراء

“صديقي دكتور مغربي ويقول: الأمازيغ “البربر” لهم الفضل في حكم الأندلس مرتين بعد السقوط العربي الأموي في الأندلس، وراحت محاولاتي أدراج الرياح في إقناعه أنهم أتوا للنجدة ولم يحكموا، ويؤيد ذلك كثير من المراجع”. الدكتور سلطان التميمي، مقيم فلسطيني.

أشكر الأستاذ سلطان وأظنه طبيبا وليس مؤرخا كما يبدو لي من رسالته، كما لا أدري إن كان الدكتور المغربي طبيبا أم مؤرخا، وإن كان يبدو أنهما زميلان في مستشفى واحد.

موضوع الأندلس عموما معقد جدا، ومراجعه كثيرة، ولعبت الأهواء بها كثيرا. ولي صديق هولندي من أصل مغربي عزيز علي هو الدكتور عبد الإله الجامعي، أعتبره من عقول العالم في أنثروبولوجيا التاريخ والتنمية البشرية، رغم إقامته في هولندا وبروفيسور في جامعاتها، ما زال مغربيا قُحا، لم تجر بعروق دماغه نقطة طبعٍ هولندي، وشكله هي السمات النمطية لابن الصحراء المغاربية بالوسامة العميقة التي أسهمت في إبرازها الشمس والرمال عبر العقود وتوارث الجينات. عملت مع الدكتور “الجامعي” في أكثر من مشروع يخص التاريخ الأندلسي، أو بما جرى بأنفاق التاريخ الأندلسي ولم يتضح بالذاكرة العربية منها لغة الخميادو التليدة. وهناك أكثر من مشرع مع الدكتور الجامعي وربما توسعنا به في دول الخليج العربي. وإن كان هناك تأخير فهو مني فحماسته تغلب تشتت انشغالاتي. وبيننا كيمياء الأصدقاء وبالتالي سنكمل بإذن الله تلك المشاريع التي نعمل معا لجعلها مشروعا تنمويا وعلميا وليس فقط تفتيشا في سراديب التاريخ.

وأعود للخلاف الذي وقع بين الدكتورين وأقول كلام الدكتور المغربي أقرب للصحة، فالأندلس عرفت بتاريخها فترتين خضعت فيهما لنوع من الحكم المتزمت الديني، ولا بد أن يعرف الطبيبان، أنه فيما فرط المشرق بعد القرن العاشر الميلادي في الالتزام الديني، شاع وكبر وتعددت صيغه في المغرب، ولا أستبعد أن النمطية الدينية المتحزمة نفسها ما زالت ظاهرة بسطوع في كل شمال إفريقيا. لذا فالنزعة هناك إسلامية بحتة، ولن أتعرض حاليا للمسألة الأمازيغية – البربرية لتعقيداتها الأنثروبولجية، لكن يهمك ويهمني أنها كلها كانت تحت لواءٍ إسلامي لا تشوبه أي شائبة.

إن إسبانيا عادت للحكم الإسلامي في قرون متأخرة بعد سقوط آخر دويلة من الحكم الأموي في الأندلس، مع أن خلع الصفة الأموية بشكل عام قد لا يكون دقيقا فقد كان الأثر المغاربي، وأثر من أسلم من العنصر الإسباني لا يخفى على المطلع الدقيق. وكان العودة للقبضة الإسلامية مرتين فعلا منذ أواخر القرن الخامس الهجري، حتى أول القرن السابع – أي القرن الـ12 الميلادي وأوائل القرن الـ13 – وقتها أخرجت بريطانيا قانونها الدستوري الكبير “الماجنا كارتا”.

الدولة المرابطية الكبرى قامت بالمغرب منذ منتصف القرن الخامس الهجري، على يد فقيه من الغلاة هو عبدالله الجزولي، ثم قامت أعقابها دولة الموحدين على يد فقيه آخر هو محمد بن تومرت المهدي.. فترى أنهما قامتا كدولتين دينيتين تماما. عبر المرابطون أولا إلى الأندلس لاستنجاد أمراء الطوائف، وهزموا إسبانيا النصرانية في “معركة الزلاقة” الشهيرة. وهنا صار المرابطون فاتحين واستولوا على الأندلس وحكموها 60 عاما متواصلة. فلما انهارت دولتهم بالمغرب – ولذلك قصة تُروى – قامت على أطلالها دولة الموحدين، وبدورهم عبر الموحدون البحر، واستولوا على الأندلس وحكموها قرناً كاملا من الزمان.

فترى أن صاحبك المغربي كلامه ليس بعيدا عن الصحة، بينما استغرب من المراجع التي ليتك ذكرتها وتقول عكس ذلك.

أجد المغاربة عموما أقوياء في عنصرهم الأصيل غير هيّابين، ملتزمين بعقيدتهم، ويغارون عليها كثيرا.. حتى اليوم.

المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/10/23/article_898404.html