الدين والدولة في مصر – بقلم: مايكل وحيد حنا

ورلد بوليسي جورنال

تصريح خاص وحصري للترجمة والنشر في “الهتلان بوست”
ترجمة: الهتلان بوست

Rowan El Shimi_BW_0

القاهرة – خلال إحدى المحادثات الخاصة عقب الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012، والتي شهدت نزاعاً مريراً وكانت نتائجها متقاربة جداً، أبدى واحد من الدبلوماسيين الغربيين دهشته، بسذاجة، من الأعداد الهائلة للسيدات المحجبات اللاتي خرجن لتأييد أحمد شفيق، مرشح النظام القديم، والذي كان مناهضاً للإسلاميين بشكل صريح. خلال تلك الحملة الانتخابية، كان الإعلام يذيع موضوعات مناهضة للإسلاميين لشن حملة ضد جماعة الإخوان المسلمين القوية، وشديدة التعصب في أغلب الأحيان. عدد كبير من وجهات النظر تلك، دعمت عزل الجيش لمحمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية خلفاً للرئيس حسني مبارك.

مؤخراً، ومع الحملة الرئاسية للقائد الأعلى السابق للقوات المسلحة، المشير عبدالفتاح السيسي،(رئيس مصر حالياً)،  تم تقديم وجهات النظر الدولانية (المؤيدة للدولة) والتقليدية عن مصر، على أنها اختلاف واضح عن المشروع الإسلامي للهندسة الاجتماعية على أسس دينية. وقد رفض السيسي، وهو شخص متدين بطبعه، بوضوح فكرة الدولة الدينية، وانتقد السياق غير المعتدل لفكر الإسلاميين المعاصر. بل إنه قال: “إن الخطاب الدينى فى العالم الاسلامى بالكامل أفقد الإسلام إنسانيته”. كما دعا إلى “ضرورة أن يكون هناك خطاب دينى مستنير لحماية المجتمع من الأفكار الدخيلة”. هذه التصريحات تكمل رد الفعل واسع النطاق ضد ظهور التطرف، وبدايات إعادة تقييم السياسة الكامنة وراءه. وللمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث، بل وفي مناطق كثيرة من الشرق الأوسط، لا يقتصر العداء للإسلام السياسي، والصراع ضده، فقط على الدولة، ومؤسستها الأمنية، وإنما أنتجت الشعبوية القومية، خلال تلك الفترة الفوضوية في تاريخ مصر، مناخاً واسع النطاق مناهض للإسلاميين.

في الظروف العادية، قد ينطوي هذا التحول على احتمالات هائلة، ففي جوهرها، تعتبر حركات الإسلام السياسي أن الدين يجب أن يعلب دوراً متزايداً في الحياة العامة والسياسية، وترى أن هذا الطريق هو المسار الوحيد الممكن لعلاج العديد من العلل التي يعاني منها العالم العربي في الوقت الحالي. بالنسبة للإسلاميين، يمكن أن ينجح التجديد فقط في حال إلزام الدولة والمجتمع بالقيود الدينية. هذه الفوقية الدينية، تتناقض مع مجتمع منفتح ديمقراطي متعدد بطبيعته. كما أن المجتمع غير مستعد بالمرة للتعامل مع التحديات الكثيرة والصعبة التي تواجه العالم العربي.

الصدام مع الدولة

كان وجه الرئيس جمال عبدالناصر يشع بالبهجة، وهو ينظر إلى حشد كبير من الجمهور العاشق له، عندما كان يحكي عن اجتماعه عام 1953 مع حسن الهضيبي، ثاني مرشد عام لجماعة الإخوان المسلمين، وخليفة مؤسس الجماعة، حسن البنا. داخل جماعة الإخوان، ربما كان الهضيبي معروفاً بالأكثر بسبب صدامه مع “الجهاز السري”، وهو الجهاز السري المسلح للإخوان، الذي سبق وشارك في أعمال عنف وإرهاب. إلا أن لقاء عبدالناصر، الذي كان يتمتع بقدر كبير من الكاريزما، مع المرشد العام، كان بمثابة داعم خطابي له للتأكيد على محاولاته للتصالح مع الإخوان، وطبيعة مستقبلهم. وفي حين دعم الإخوان حركة الضباط الأحرار بقيادة عبدالناصر، وعزل الملك فاروق عام 1952، إلا أن النظام المصري سرعان ما انقلب على الإخوان وانتقم منهم. لم يركز خطاب عبدالناصر، بعد سنوات من القمع أصابت مؤسسة الإخوان بالشلل، على مزاعم العنف أو زرع الفتنة، وإنما ركز على وجهات النظر الدينية للإخوان والتي كانت تتميز بالتدخل والرجعية. وحسب كلام عبدالناصر، فعندما أتيحت للهضيبي الفرصة الثمينة لمخاطبة الشخصية السياسية الأولى في مصر وقت الأزمة، كان أول طلب للهضيبي هو فرض الحجاب في مصر حتى تصبح “كل واحدة تمشي في الشارع تلبس طرحة”.

أثارت القذيفة الأولى التي أطلقها عبدالناصر، موجة من الضحك وعدم التصديق لدى الجمهور. وبعد أن حاز انتباههم، استمر موضحاً أن اعتراضه الفلسفي على مثل هذا السلوك من الدولة: أنه بدلاً من الإلزام، فإن “كل واحد في بيته، هو اللي ينفذ هذا الكلام”. وبهذا التعقيب المهم، الذي كان يهدف إلى تسليط الضوء على التوازن السليم بين الدين والدولة، أوضح عبدالناصر تحذير الهضيبي له عندما قال: ” انت باعتبارك الحاكم مسؤول”. وبعد أن حكى القصة ببراعة، كان عبدالناصر مستعداً لتوجيه ضربته القاضية حيث قال له: “يا أستاذ، انت لك بنت في كلية الطب، مش لابسة طرحة ولا حاجة. ملبستهاش طرحة ليه؟” وهنا، انفجر الجمهور في ضحك وتصفيق متواصلين. ثم أنهى عبدالناصر قصته، كاتماً رغبته في الضحك هو الآخر: “إذا كنت انت مش قادر تلبس بنت واحدة اللي هي بنتك طرحة، عايزني أنا أنزل ألبس 10 مليون طرح في البلد؟”

يلقي الخطاب الضوء على العادات الاجتماعية الغابرة في مصر في منتصف القرن العشرين. كما يقف شاهداً على المنعطف نحو اليمين الذي سرعان ما أحكم قبضته على العالم العربي الذي كان يعاني خيبة أمل في خضم صحوة دينية. وبينما كان موضوع فرض الحجاب بعيداً عن الأيدولوجية السائدة، حتى أنه أصبح مصدراً للدعابة في عهد عبدالناصر، إلا أن تلك الأفكار التي كان يسخر منها، سرعان ما أصبحت أساس حركة اجتماعية وسياسية رجعية أحدثت تغييراً جوهرياً في النسيج الاجتماعي للشرق الأوسط. وبعيداً عن فهم عبدالناصر نحو فصل التدين الخاص عن سلطة الدولة، فإن هذه الأشكال الناشئة من الفكر العلماني في العالم العربي، ذبلت، وذبلت معها أحلام القومية العربية، التي لم تتحقق، في منتصف القرن. وبحثاً عن بدائل، ظهرت صور أكثر اقتحاماً وشمولية للتدين، وأصبحت هي المعيار لقطاع كبير من الفكر الاجتماعي والسياسي في المنطقة. وتغير دور الدين في الحياة العامة بشكل كبير في النصف الثاني من القرن العشرين نتيجة لتطور المفاهيم الاجتماعية، ومحاولات الأنظمة السياسية السلطوية في العالم العربي عزل أنفسها عن التحديات السياسية التي فرضها الإسلام السياسي.

مع سلسلة الانتفاضات التي عرفت باسم “الربيع العربي، كان هذا التآكل الواضح في الحدود ما بين الحياة السياسية والدينية، يبشر بضرورة انتصار الإسلام السياسي في نهاية المطاف. وقد انتصر بالفعل في بعض الجوانب المهمة، فتغيرت ملامح الحياة السياسية والاجتماعية في العالم العربي في العديد من الطرق التي كان يسعى إليها الإسلاميون لفترة طويلة. ففي الكثير من الحالات، نجحوا في تضييق الحدود المسموحة للخطاب العام. هذه الانتصارات التدريجية واكبت زيادة في درجة التدين في الحياة العامة، التي لا يبدو أنها ستتراجع.

ولكن هذه التوجهات لا تبشر بالضرورة بالنصر السياسي للإسلاميين، فالدين والتدين سيبقيان من السمات الرئيسية للحياة العامة والسياسية، حيث يمثل اللاعبون السياسيون الإسلاميون مجموعة مهمة وباقية مع دائرة عميقة من الأنصار. ومع ذلك، يجب أن نتشكك في الحجج حول الصعود المحتوم للاعبين السياسيين الإسلاميين الذي يرفضون هذا الوضع الراهن ويتبنون مشروعاً إسلامياً أوسع، وغالباً ما يسعون لتشكيل الدولة لخدمة أهدافهم الدينية بدلاً من استخدام الدين لتطوير أهداف الدولة. هذا التمييز الحرج، وإن كان غير مكتمل الأركان – بين فضاء عام محافظ ومتأثر بالدين تشكل فيه الأخلاق الإسلامية الحياة السياسية، وبين سياسة تميل إلى الثيوقراطية (الحكم الديني) تحددها القيود الدينية – يمثل خط الصدع الدائم في المنطقة. ففي العالم العربي اليوم، يكاد يكون التدين، والسياسة الغارقة في الدين مرادفين للإسلام السياسي، على الرغم من عدم وجود بدائل علمانية، وأفول الفكر العلماني.

هذه التوجهات ربما تكون أكثر وضوحاً في مصر، التي تحتضن الكثير من هذه الاتجهات السياسية لمرحلة ما بعد 1967، وتعطي إشارات مهمة لتوجهات السياسة في المنطقة. الاجتياح الواسع للتاريخ العربي المعاصر، والظروف الحالية في مصر، تشير إلى أن الخلط بين الدين والحياة السياسية، أصبح الآن راسخاً، ولكن من المحتمل أن يكون وصل إلى حالة من الاستقرار.

أسلمة الميدان العام

وفقاً للمفكر مالكولم كير، المولود في بيروت، كانت حرب الأيام الستة في يونيو 1967، والهزيمة الساحقة للجيوش العربية على يد إسرائيل، بمثابة “الصاعقة التي غيرت المناخ السياسي العربي-العربي بالكامل… لم تكن هناك تقريباً أي منافسة على الهيبة، حيث لم تكن هناك هيبة متبقية”. أكثر من الهيبة المفقودة، كانت الهزيمة بها إذلال كبير أدى إلى قلب الوضع المستقر، وفضح إرثه المهلهل.

في غمرة الاندفاع لإعادة النظر في المأزق العربي، منحت الإخفاقات المتوالية في المنطقة في فترة ما بعد الاستعمار، والقادة العلمانيين في الظاهر، دفعة قوية لهؤلاء الذين ينادون بالصحوة الدينية. ومع وفاة عبدالناصر عام 1970، وإعادة توجيه الدولة المصرية تحت قيادة خليفته، أنور السادات، تطورت الأحداث بطريقة استمرت في تعزيز حظوظ الإسلاميين، وفي الوقت نفسه، تغيير طبيعة المجتمع العربي. بالطبع، كانت أبرز سمات السياسة السلطوية في العالم العربي، القمع القسري للأفكار والأيديولوجيات، والمؤسسات، والمنظمات البديلة والمعارضة. كان هذا نظاماً استبدادياً لا مكان فيه للحشد، أوالتعددية، أو الأحزاب السياسية التي يمكن عن طريقها إيصال وجهات النظر المختلفة، ومناقشتها. ساهم هذا الدمار الذي أصاب الحياة السياسية المنظمة في خلق فرص هائلة للإسلاميين، ومنحهم مزايا تنظيمية استمرت، تحت ظروف معينة، إلى يومنا هذا. ولا يوجد دليل أوضح على هذه الحقيقة التاريخية أكبر من الفوضى، والمشاحنات، والتفكك، التي ميزت مسار الأحزاب السياسية الليبرالية في فترة ما بعد مبارك.

تميز منهج التعامل مع الإسلاميين تحت حكم السادات، الذي كان يفتقر إلى قاعدة من الدعم المؤسسي أو الأيديولوجي، باللين مع سعي الرئيس الجديد لاستخدام الجهات الفاعلة من الإسلاميين السياسيين كحصون ضد خصومه الناصريين وأعدائه الآخرين من اليسار. وبينما كان للتحول الذي حققه السادت تأثير كبير على إحياء جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه أصدر مجموعة من السياسات كانت تهدف إلى الاستفادة من تطور المشهد الديني، مع الابتعاد بنظامه عن نظام سلفه بشكل أكبر. ومن أبرز هذه التغييرات، إدخال المادة الثانية في الدستور المصري التي تنص على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع”.

كان هذا التغيير بمثابة تحول ملحوظ بالنسبة لمصر. فالدولة كانت قد قامت بتحديث نظمها القانونية والقضائية في أواخر القرن التاسع عشر، لتقليل دور الشريعة الإسلامية إلى الحد الأدنى، والذي لم تكن في ذلك الوقت، تختص سوى بتنظيم مسائل الأحوال الشخصية مثل الزواج، والطلاق، والميراث.

بدا هذا التحول ظاهراً في الطريقة التي بدأت بها الدولة في مراجعة وتنقيح القوانين المصرية لتتوافق مع القيود الدينية الجديدة المتشددة. كما تم تضييق المادة الثانية أكثر لتصبح الشريعة الإسلامية “المصدر” الرئيسي للتشريع (بإضافة الـ)، ما جعل الشريعة هي المرجع الدستوري النهائي.

وفي حين أن التأثير الكامل لهذه التغييرات لم يظهر سوى بعد سنوات، إلا أنها عكست تآكل الحدود الفاصلة بين سلطة الدولة، والحياة الدينية، وخلقت واقعاً جديداً. لذا، ليس من المستغرب خلال هذه الفترة، أن ازدادت حدة التوترات الطائفية في المجتمع المصري أكثر فأكثر، وهي التي كانت تخبو تحت السطح لفترة طويلة في المجتمع، ما أدى إلى حالات بارزة من الصراع والعنف.

بطبيعة الحال، حدثت هذه التطورات في وقت كان فيه العالم العربي يتغير بسرعة حيث كانت الثروة النفطية المكتشفة حديثاً تقف في تناقض صارخ مقابل الجمهوريات العربية المتهالكة. ساهم التأثير المتراكم لهذه التغييرات في تعزيز إحياء دور الدين في المنطقة، وزاد من وتيرة التفسيرات المتزمته للعقيدة. إحدى النتائج المباشرة للطفرة النفطية التي أنتجت ما أسماه البنك الدولي “مسار النمو المزدوج” والذي يتكون من دول مصدرة للنفط والغاز، وأخرى إما تستورد أو تنتج كميات ضيئلة، كانت الزيادة في حجم التعهدات المالية لبعض دول الخليج لنشر تفسيرات متشددة للعقيدة الإسلامية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. كما ساهمت زيادة نسبة العمالة المهاجرة إلى دول الخليج الغنية في دعم جهود نشر “الدعوة”، حيث تشبع المصريون وغيرهم بالتفسيرات الأكثر تشدداً للإسلام التي كانت تسود هناك، ثم عادوا إلى أوطانهم بتلك المفاهيم الجديدة.

خارج العالم العربي، ساهمت الثورة الإيرانية، وتأسيس الجمهورية الإسلامية، في إعطاء دفعة للحركة الإسلامية، على الرغم من الانقسام السني-الشيعي في المنطقة. كما أن الغزو السوفيتي لأفغانستان، وصعود المجاهدين الذين كانوا يقاتلوا ضد السوفيت، أفرز ظاهرة المقاتلين المسلمين الأجانب، حيث انضم المجاهدون العرب للقتال ضد الاحتلال السوفيتي، ووكلائهم الأفغان. هذه التجارب المعلنة بشكل كبير، طورت من التفكير القتالي العابر للحدود،  وساعدت على بلورة توجهات مهمة للإسلاميين.

وقد ساهم الصراع العربي-الإسرائيلي العصي على الحل، في قلب المنطقة، والاحتلال الإسرائيلي المستحكم للأراضي الفلسطينية، في تأجيج التوجهات المتطرفة والمسلحة، فتبنت الجماعات المسلحة مثل حماس وحزب الله، فكرة المقاومة الإسلامية البطولية. طوال ذلك الوقت، استمر النظام العربي السلطوي في قمعه، ووحشيته، وفسادة، وعدم كفاءته-مقوضاً شرعيته، في حين كانت تظهر عليه علامات الاستقرار من الخارج. ونتيجة لذلك، كانت المصطلحات الإسلامية الصارخة تلقي بظلالها بشكل متزايد على المعارضة السياسية. كان الإسلام السياسي، بالنسبة للكثيرين، آخر وسيلة قادرة على البقاء يمكن استخدامها في المعارضة السياسية. كذلك، اجتهد الإسلاميون في توجيه السخط والمعارضة إلى تنظيم وعمليات حشد نجحوا من خلالها في تأسيس البنية التحتية للحركات الاجتماعية.

وبينما كان الإسلام السياسي يزداد تماسكاً، كانت مصر تمر بفترة من الاضطرابات الاجتماعية التي ساهمت في إعادة تعريف الأخلاق العامة. فعلى مستوى الشارع، بدا ذلك واضحاً في الأعراف الاجتماعية المتعلقة بمظهر المرأة والسرعة الهائلة التي انتشر بها الحجاب، كمقياس للتعبير عن حشمة الأنثى وتدينها. انتشرت مظاهر التدين بشكل عام في كل مكان، وأصبح من المعتاد رؤية الرجال المصريين وعلامات التدين ظاهرة على جباهم، ويطلق عليها “الزبيبة”، وهي علامة يحصل عليها صاحبها عمداً عبر السجود المتكرر والصلوات الطويلة – للدلالة على تقواه، وتلك هي مؤشرات على الطرق التي تم بها إعادة تعريف الفضاء العام والمعتقد الديني.

غالباً ما كانت الأنظمة الاستبدادية تُحرّض على مثل هذه التحولات بتبنيها التوجهات الإسلامية كمحاولات واهنة لتحصين النظام ضد قوة انتقاد ومعارضة الإسلاميين. كانت للأسلمة المطردة للمجتمع والحياة العامة، نتائج ملموسة بدءاً من ارتفاع وانتشار الكراهية الطائفية والاستقطاب، إلى الحدود الضيقة للخطاب الفكري، مروراً بمراقبة الأفكار التكفيرية، وأسلمة نظام القضاء. وحول هذه النقطة الأخيرة، فإن القضية سيئة السمعة ضد الأكاديمي نصر حامد أبو زيد، الذي ركزت دراساته على التفسير القرآني، تعد رمزاً لكثير من هذه التوجهات المقلقة، حيث أن الذي رفع القضية طرف ثالث اتهمه بالردة، وهي ممارسة كانت شائعة خلال فترة التسعينات. وفي عام 1996، أكدت محكمة النقض المصرية حكم الردة بناءً على كتاباته، وحكمت بالتفريق بينه وبين زوجته، ما اضطرهما للفرار من البلد والإقامة في الخارج.

كانت القضية علامة قبيحة، وأظهرت مجتمعاً قد استحوذ عليه، بالتدريج، فهم ضيق، ومتعصب، وجامد للدين، وشعور جازم بضرورة تبني الدولة لمثل هذه الآراء الدينية. كان هذا هو الحال على الرغم من وجهات النظر العلمانية الظاهرية للحكام، أمثال حسني مبارك، الذين كانوا يسعون إلى تحصين أنظمتهم الاستبدادية من الانتقادات الدولية عبر تصوير أنفسهم على أنهم الحصون التي تقف ضد المد المتصاعد للإسلام السياسي.

موت السياسة العلمانية

هذه التوجهات التي استمرت لعقود، هي التي شكلت خلفية الانتفاضات التي بدأت في ديسمبر 2010 في تونس. التفاؤل بنشوة الأيام الأولى للانتفاضات، ممثلة بالمشاهد المؤثرة على شاشات التلفاز من ميدان التحرير، قد طواه النسيان إلى حد كبير، وطغت عليه مشاهد الاضطرابات والعنف التي باتت تترافق مع تداعيات الانتفاضات. وفي حين لعب عدد أكبر من الشباب ذوي الميول العلمانية دوراً كبيراً في بدايات حركة الاحتجاجات التي أسقطت نظام مبارك، إلا أنهم كانوا في وسط مجتمع وثقافة سياسية استوعبت ونفذت العديد من الأهداف الجوهرية التي يعتنقها الإسلاميون. العدد الفعلي للسياسيين الليبراليين، مقارنة مع مجرد غير الإسلاميين، كان ضئيلاً جداً، وحتي بين هذه المجموعة، كان من المفهوم أنه يجب تجنب مناصرة الأفكار السياسية الليبرالية بشكل علني،  مهما كان الثمن.

بدا ذلك أكثر وضوحاً في موضوع دور الإسلام في الدستور الجديد. ففي العديد من النقاشات مع الليبراليين المصريين خلال الانتفاضة وبعد سقوط مبارك مباشرة، كان النشطاء والقادة السياسيون الجدد يفهمون بوضوح حدود الخطاب العام، وخاصة في ما يتعلق بالمادة الثانية من الدستور. وقد نجح الإسلاميون، الذين كانوا يطالبون بتطبيق أكثر صرامة للشريعة الإسلامية، في اطلاق سلسلة من الهجمات البذيئة على القوى السياسية غير الإسلامية، والتحقير منهم باستخدام لقب “علماني”. وحتى قبل هذه الحملات العامة، اعترف العديد من الليبراليين صراحة أن الوقت لمن يكن مناسباً لخوض معركة حول المادة الثانية وموضوع الشريعة. أحد الناشطين الليبراليين لوح بيدية في الهواء بعد استفساري ورد بصوت واهن “ماذا يمكننا أن نفعل؟” في الواقع، كانت شروط النقاش تفترض أن الاحتفاظ بالمادة الثانية بصيغتها القائمة، يمثل الأساس بالنسبة للمطالب المحتملة، وتبنى الليبراليون الاستمرارية الدستورية كإجراء دفاعي ضد المزيد من الشروط الكاسحة.

عندما زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مصر في سبتمبر 2011، أثار ردود فعل بين جمهوره من الإسلاميين عندما تحدث عن فضائل العلمانية، وحثهم على “ألا يخشوا من العلمانية” وأنه يأمل أن “تكون هناك دولة علمانية في مصر”. في ذلك الحين، رأى الكثيرون في مصر وغيرها أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية”، كنموذج محتمل للسياسة الإسلامية الناشئة في المنطقة. ولكن عندما قال أردوغان لمستمعيه أن “العلمانية لا تعني أن يكون الناس علمانيين. فعلى سبيل المثال أنا لست علمانيا بل مسلم ورئيس وزراء لدولة علمانية”، تم رفض وجهات نظره بشدة من قبل الإسلاميين في مصر. المفارقة هي أن وجهات نظر أردوغان العامة حول العلمانية ورفضه دمج الشريعة كانت تمثل موقفاً أكثر ليبرالية من المواقف العلنية لليبراليين المصريين. يمكن رؤية مقارنة مماثلة سلبية في منهج وموقف حزب النهضة في تونس، وهي جماعة إسلامية معلنة، صعدت بعد سقوط الرئيس زين العابدين بن علي. وعلى الرغم من أنهم يعملون في بيئة سياسية أكثر توازنا مع قيود ملوسة على طموحاتهم، كان معظم قادة حزب النهضة متوافقين في ما يتعلق بمنهج أكثر محدودية لدور الدين في الدستور التونسي. وفي الدستور الذي تم إقراره عبر استفتاء شعبي في فبراير 2014، لا يوجد ذكر في نص الدستور حول الشريعة الإسلامية، وينص فقط على أن الإسلام هو دين الدولة. وفي حين أن بعض المواد تحتوي على لغة غامضة وربما تكون إشكالية، فإن الوثيقة التي تم إقرارها بتوافق كبير بين الإسلاميين، وغير الإسلاميين، والليبراليين، تمثل نتيجة أكثر ليبرالية حتى من الموقف الدفاعي الذي تبنته الطبقة الليبرالية في مصر.

الصحوة المسيحية

كان لزيادة وتيرة أسلمة الحياة العامة في مصر، تأثير سلبي مهم على المشاركة السياسية للمسيحين في مصر، وصاحب ذلك إثارة صحوة دينية على المستوى الاجتماعي. وبينما انسحب المسيحيون تدريجياً من مظاهر الحياة العامة الأقل ترحيباً بهم، لجأ العديد منهم إلى التجربة الجماعية. هذا التراجع، على الرغم من الانفتاح الواضح الذي سببته الانتفاضة المصرية، ما زال قائماً.

وقد تسارعت وتيرة الطائفية، وهي مبدأ أيديولوجي أساسي للفوقية الدينية التي تنادي بها جماعة الإخوان والجماعات الدينية الأخري، في ظل حكم الرئيس مرسي وحكومة الإخوان. وعلى الرغم من أن الطائفية متجذرة بعمق في المجتمع المصري، وتسبق مرسي بفترة طويلة، إلا أن التجربة غير السعيدة التي خاضها الأقباط في فترة ما بعد مبارك، زادت من مخاوف وشكوك المسيحيين حول النوايا النهائية لجماعة الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى. إلا أنه من المفارقات أن ذلك لم يخلق شعوراً أكثر وضوحاً بين القادة الدينيين والعلمانيين في الكنيسة القبطية بضرورة فصل المجال الديني عن عالم السياسة. ومن هنا استمر التسلسل الهرمي للكنيسة القبطية في إضعاف الفرق بين المقدس وعالم السياسة القذر.

خلال عهد مبارك، وبينما كانت الساحة العامة تخلو من الأقباط، ظهرت الكنيسة، وعلى الأخص بطريركها، على أنها الممثل الطائفي -على غرار الطراز العثماني- للأقلية المسيحية. وعلى الرغم من الرغبة المعلنة للانفصال عن ممارسات الماضي، استمرت هذه التوجهات وتفاقمت بفعل بيئة الاستقطاب في مصر بعد الانقلاب. وقد ساهم دعم الكنيسة البارز للإطاحة بمرسي، والفترة الانتقالية التي حكم فيها الجيش، في زيادة الاحتقان الطائفي الملتهب بالفعل بين الإسلاميين في مصر، وساهم في تغذية انتشار سلسلة متزايدة من المؤامرات المسمومة. إضافة إلى ذلك، فإن استمرار قيادات الكنيسة القبطية في لعب دور سياسي كبير، غالباً كوسيط بين الدولة والمجتمع المسيحي، ساعد على تعزيز نمط من السياسة تخلط بين الدين والدولة. هذه التدخلات تهدف إلى تعزيز التوجهات “المعتدلة” في المجتمع المصري، وبالتالي صورت بدقة الطريق التي وصل بها الدين ليلعب دوراً أساسياً في الحياة العامة.

الإسلام، والتدين، والإسلام السياسي

خلال محاولات مصر المبتورة التي لم تكلل بالنجاح، للانتقال بعيداً عن إرثها الديكتاتوري، أحاط الكثير من الالتباس حول إطلاق لقب “ليبراليين” على مختلف القوى السياسية، التي تم جمعها بشكل غير سليم تحت هذه الفئة. وكما توضح الأحداث الأخيرة، فإن هذا التصنيف فضفاض إلى حد كبير ويقدم صورة مشوهة عن سياسة الدولة لا تتوافق أبدا مع تاريخ مصر المعقد. كما أنها تسئ فهم الطرق التي تختلف بها المحافظة والتدين من جهة، والدولانية القومية، من جهة أخرى، عن الإسلام السياسي المنظم. الأغلبية العظمى من المصريين ليسوا ليبراليين أو علمانيين، وما زالوا يؤمنون بالدور المهم الذي يلعبه الدين في الساحة العامة، وكذلك بالدور المهيمن للدولة. مصر تنقصها النداءات الأصيلة للتعددية والحرية والمساواة، ولكن هذه لا ترقى إلى تأييد الإسلام السياسي ممثلاً في جماعة الأخوان المسلمين وغيرها من أشكال الإسلام السياسي.

ومع ذلك، يمثل التيار الإسلامي جمهوراً مقاوماً، كبيراً، ومتجذراً في مصر والعالم العربي الواسع. الإسلام السياسي لن يختفي بسهولة في مواجهة الانتكاسات الحالية. فإذا أتيحت لهم الفرصة للمنافسة بحرية في الانتخابات المقبلة، فإن جماعة الأخوان المسلمين ستشكل قوة هائلة نظراً لبراعتها التنظيمية وتعبئتها الحماسية. مثل هذه المزايا ستتلاشى مع مرور الوقت وستكون أقل وضوحاً على مستوى الانتخابات الرئاسية. إلا أن جماعة الأخوان، ما زال عليها استعادة الكثير من شعبيتها إذا كانت تأمل في المنافسة في المستقبل. طريقة رد الإسلاميين على الفترة الحالية من القمع بالجملة وأحياناُ بالعنف سوف تشكل كذلك مستقبل حكمهم. من المحتمل جداً أن نرى انقساماً في الردود في هذا المجال في اللحظة الراهنة حيث يزداد كل من تطرف وتحضر مختلف فئات المجتمع في مصر وجميع أنحاء المنطقة.

الدعم الذي كان يتمتع به الإسلاميون تآكل في مصر وفي أماكن أخرى في العالم العربي. وفي حين أن العديد من المصريين غير المنحازين لتيار معين والذي ليس لديهم أيدولوجيات كانوا على استعداد لمنح الفرصة للإسلاميين حينما كان البلد يمر بمرحلة انتقالية، إلا أن هذه المشاعر سرعان ما انعكست عندما تعثرت حكومة الإخوان وخيبت حسن النية هذه. وعلى وجه الخصوص، عبر المتدينون والسلفيون، والمحافظون، وغير الإسلاميين عن غضبهم من مفهوم أن الإخوان المسلمين وحلفائهم من الإسلاميين هم المحتكرين للدين. وبدا ذلك واضحاً في ردود فعل الناس العاديين الغاضبين من فكرة أن جماعة الأخوان كان تعلمهم وتعلم المجتمع ككل كيف يكونون مسلمين، حيث ساهمت طائفية الإخوان الانتهازية في تقويض مؤهلاتهم الدينية الظاهرية. علاوة على ذلك، فإن أحادية تفكير جماعة الأخوان وتركيزهم على الربح الحزبي والسلطة، جعلهم يتجاهلون الأعباء الاقتصادية الطاحنة التي اضطر المجتمع المصري إلى تحملها كل يوم والتي بدت الحكومة غير راغبة أو غير قادرة على التصدي لها. وفي موازاة ذلك، كان يتم التجهيز للبنية التحتية لسلطة دينية مستقبلة، وخاصة في شكل دستور 2012، الذي تم إبطاله بعد الإطاحة بمرسي.

يدعم المصريون بأغلبية ساحقة، الوضع الراهن في ما يتعلق بدور الدين في الحياة العامة. إلا أن قطاعات واسعة من المجتمع تختلف عن وجهات النظر المعلنة والراسخة حول الأحزاب السياسية الإسلامية، والتي تعتقد أن مهمة أسلمة المجتمع لا تزال غير مكتملة إلى حد كبير. بالنسبة لكثير من المصريين العاديين، يصل ذلك إلى حد اتهامهم بأنهم أقل إسلاماً، وبحاجة إلى توجيه من هؤلاء الأكثر التزاماً في المجتمع. كما يدل ذلك ضمناً أن الدولة في خدمة الدين، وأن الحدود بين الحياة الدينية والسياسية يجب أن تكون مبهمة أو أن يتم محوها تماماً. هذا الانقلاب على الوضع الراهن نحو نموذج أكثر ثيوقراطية أثار مقاومة شديدة في الدوائر الرئيسية في المجتمع المصري، بما في ذلك الجيش، ومجتمع الأعمال، وطبقة المفكرين، والمواطنين العاديين. هذه الفروق كثيراً ما كانت تضيع بين هؤلاء الذين افترضوا صعود الإسلام السياسي كأيدولوجية سياسية جديدة دائمة في المنطقة.

الكفاءة والنجاح

على الرغم من إعادة تأكيد الاتجاهات القومية، فإن سياسات المنطقة ما زالت مائعة. نتيجة الصراع القائم حول الهوية والأيدولوجية لن تحل سوى عبر الكفاءة والنجاح، وهي ملامح غير متاحة خلال فترة الفراغ غير المستقر والمقلق اليوم. وعلى الرغم من التوقعات القاتمة لمستقبل مصر على المدى القريب، ودورها الذي تقلص على الساحة الإقليمية، إلا أن التطورات هناك سوف تستمر في أن يكون لها تأثير كبير في العالم العربي بفضل حجمها، وتاريخها، وتأثير مؤسساتها ووسائل إعلامها. واعتماداً على حاضر مصر، فإن هذا يشكل مستقبلاً مثيراً للقلق بعض الشئ بالنسبة لاستقرار المنطقة.

من غير المحتمل أن تنعكس الانتكاسة التامة السلطوية في مصر خلال وقت قصير، فالدعم الحقيقي للجيش وللسيسي، إضافة إلى تفتت قوى المعارضة، واستنفاد المجتمع المصري، يعني أن البداية الثورية قد جاءت وذهبت. فالفرصة التحويلية التي مثلها سقوط مبارك تم إهدارها، وتحولت إلى انتقال إجرائي خالٍ من الإصلاح الموضوعي الهادف.

ومع ذلك، فإن مصر لن تعود للوضع السابق ببساطة. فالنظام الحالي المدعوم من الجيش والذي يتم بناءه حالياً لا يمثل صورة لعهد مبارك. فيجري حالياً وضع تسلسل هرمي جديد، ويسعى النظام حالياً إلى الشرعية والدعم بطرق جديدة وعبر مصادر جديدة. والأهم من ذلك، فإن المجتمع المصري قد تغير بشكل أساسي. هذه الحقيقة المركزية تحجبها هيستريا وعبثية الكثير من الخطاب السياسي الحالي والتأييد الشعبي الواسع للحملة القمعية التي يقوم بها النظام. ولكن في قطاعات مهمة من المجتمع، وخاصة عندما ينظر إليها من حيث الأجيال المختلفة، فإن طرق التفكير القديمة قد توارت.

البداية التي أوجدتها انتفاضة 2011 وتداعياتها أنتجت مؤسسات، وأفكاراً، وتوقعات جديدة. كما شهدت هذه الفترة كذلك توسعاً في الخطاب، والتخلص من العديد من المحرمات. الجيل الذي شكلته بوتقة الاحتجاج والانتفاضة من غير المرجح أن يقبل العوائد الضئيلة التي يمكن أن توفرها مرحلة الهدوء.

هذه العملية سوف تستغرق وقتاً، ولكن كل من القومية الاستبدادية والإسلام السياسي، هي أسس غير كافية لحكم مصر بنجاح. وخلال هذا الفشل المتوقع، ستظهر بالضرورة بدائل خطيرة.

بالنسبة للمجتمع الدولي والولايات المتحدة، فإن إدارة العلاقات مع  مصر ستكون تحدياً من نوع خاص. واستناداً إلى المسار السلبي المحتمل للأحداث، فإن العلاقات الثنائية الأمريكية المصرية من غير المحتمل أن تعود إلى سابق عهدها، ومن المحتمل أن تدور حول قضايا مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.

حتى إذا تم إعادة تقييم العلاقة الاستراتيجية بشكل أساسي، فإن تصرفات الولايات المتحدة لن تسفر عن نتائج سياسية مباشرة في مصر. وبصرف النظر، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الاستمرار في دفع مصر لإجراء انتقال حقيقي للديمقراطية وتوجيه أساسي لسياستها. مثل هذا الضغط والدعم يمكن أن يكون له بعض التأثير الهامشي. وهنا، مع ذلك، فإن الأحداث الدرامية لعام 2011 تشير إلى درس مهم، ألا وهو أن الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، لا يمكنه أن يتفوق على المصادر الأصلية الأساسية للتغيير في داخل المجتمع المصري.

عوامل التغيير موجودة بالفعل، وستظهر مرة أخرى مع الوقت لتتحدى الوضع الراهن. إذا قدم الليبراليون بديلاً حقيقياً لهذا الوضع الراهن، فلن يضطروا للتحول نحو الحياة الحزبية كما فعل الأخوان المسلمون بكفاءة على مدى عقود.  كما سيضطروا للتعامل مع مجموعة من المشكلات المستعصية في مصر، وتقديم خطوات عملية يمكن أن يكون لها تأثير ملموس على حياة المصريين. أخيراً، سيضطرون للدفاع بشجاعة عن رؤية مفتوحة للمجتمع قادرة على استيعاب التنوع في مصر. وللوصول إلى هذا، لا توجد طرق مختصرة.

*****

* مايكل وحيد حنا، كبير باحثين في “مؤسسة القرن” (The Century Foundation)

الصورة بعدسة روان الشيمي، نقلاً عن موقع وورلد بوليسي جورنال