إدريس الدريس
إدريس الدريس
كاتب سعودي

لهذا أصابني الخوف عندما اتصل بي الملك سلمان

آراء

يستطيع كل من سكن الرياض من أهلها والقاطنين بها أو العابرين إليها أن يدعي أنه يعرف سلمان بن عبدالعزيز، وأنه قد سلم عليه أو اشتكى إليه في مظلمة، أو أنه دعاه إلى عرسه أو أنه قد عادهم في مرض أو عزاهم في ميت، هكذا هو سلمان بن عبدالعزيز وهو أمير للرياض، ثم وهو وزير للدفاع، ثم وهو ولي للعهد في قربه الحميم من الناس، كل الناس يرعى همومهم وشجونهم، يدعونه إلى ولائمهم فيستجيب ويغشى أفراحهم ويداري أحزانهم.

تلك هي عادته دأب عليها وترسمت بها شخصيته وصارت علامة فارقة في سلوكه بما جعله علما ومعلما في جامعة العلاقات العامة، عرفت سلمان بن عبدالعزيز منذ كنت صغيرا من خلال ما كان يحكيه والدي – حفظه الله – عن سيرته ومناقبه، وعن صرامته وانضباطه في الحضور إلى مكتبه في إمارة الرياض باكرا ومقابلته لحشود الناس يوميا يعرضون شكاواهم ومطالبهم، كما يلتقيهم على العشاء في قصره كل اثنين من كل أسبوع، بعد أن كبرت عملت مديرا لتحرير مجلة اليمامة وأنوب عن رئيس التحرير في غيابه، وحدث أن اتصل أمير منطقة الرياض ليسأل عن مقالة منشورة أو يستفسر عن كاتبها راغبا في مناقشة من كتب فيما كتب إما تأييدا أو اختلافا مثله في ذلك مثل كل قارئ آخر.

في أول مرة اتصل بي الأمير سلمان وكنت حديث السن والتجربة، أصابتني رعدة ووجل من المتصل ومن الاتصال، كان بعض القوالين والمرجفين يخوفوننا من المسؤولين ويبرعون في ترديد أو نسج المبالغات والأكاذيب أو تضخيم بعض الممارسات الفردية الخارجة والمحدودة، والتي تحدث من كل أحد مواطنا أو وافدا، كبيرا كان أو صغيرا، أميرا كان أو غفيرا، وهكذا داهمني الخوف مع الاتصال الهاتفي الأول، وأنا أسأل نفسي ما الذي يجب على من هو مثلي أن يرد على من هو مثل سلمان بن عبدالعزيز بجلالة قدره إن اختلف معك فيما هو منشور!!

لكن براعة القارئ النهم والمتابع الشغوف أزالت لاحقا كل مخاوفي وأمنت مواطن القلق في نفسي من خلال اتصالاته الأبوية والودية. وهكذا اعتدت مع مرور الوقت على شغف ومتابعة القارئ الجيد سلمان بن عبدالعزيز لما ينشر، خاصة وأنا أسمع ما يرويه بعض الزملاء في الصحف الزميلة وهم يتحدثون عن مواقفهم المماثلة مع المتابع والمحفز سلمان بن عبدالعزيز الذي اشتهر بصداقته للصحفيين والمثقفين والنخب الفكرية في الداخل والخارج، وهو المهتم بتاريخ المنطقة والراصد الحذق لتاريخ الجزيرة العربية، وهو الرجل الحكم لتاريخ الرياض، إنه سادن المعرفة الذي رعى ذلك من خلال تأسيسه ورعايته دارة الملك عبدالعزيز، إلى ذلك كله فقد اشتهر سلمان بن عبدالعزيز برعايته للأعمال الخيرية والإنسانية، ودعم قضية العرب الأولى من خلال شعاره التليد “ادفع ريالا تنقذ عربيا”.

أيضا يعرف عن سلمان بن عبدالعزيز أنه يرتاد صوالين المثقفين ويستجيب إلى دعواتهم لحرصه على الجلوس إليهم يسمع منهم ويسمعون منه، وقد تيسر لي حضور الكثير من هذه المناسبات الخاصة، وكان سلمان بن عبدالعزيز خلالها مصغيا بكل أريحية وسماحة لكل شطحات ونزق المبدعين وتطلعاتهم، وكان في كل منتدى خير سامع وخير مستجيب.

هكذا هو سلمان بن عبدالعزيز هو كل ذلك، بل وفوق ذلك مما لا يتسع المجال لسرده، إن شخصية الحاكم هي القريبة من أنفاس الناس، تتوخى قربهم وترعى همومهم وترصد حاجاتهم وتعي اختلافهم، لا تغضب من المخالفة في الرأي، ولا تستجدي الثناء أو التطبيل، وهذا هو سر تميز الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي لا يركن إلى مكاتب العلاقات العامة ومديري المراسم وحاملي المباخر، بل إنه يذهب بنفسه إلى المصب ويتلقى المعرفة الموثوقة من المنبع.
هذا هو الملك سلمان رجل الحوار وعراب التعددية..
فقط قل سلمان واترك عقلك يطرز المعنى.

المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=24871