د. خليفة علي السويدي
د. خليفة علي السويدي
ــ عضو هيئة التدريس بكلية التربية ـ جامعة الإمارات ــ حاصل على الدكتوراة من جامعة جنوبي كاليفورنيا و الماجستير من جامعة جورج واشنطن ــ عميد سابق لوحدة المتطلبات في جامعة الإمارات ووكيل لكية التربية ــ من أبرز كتبه: المنهاج و أراء في التربية

الطاقة «الذُرِّية» الإماراتية!

آراء

لست بصدد الحديث عن الطاقة النووية، والتي تسمى ذرية أحياناً، لكنني أكتب حول أهم ركيزة للمجتمع أنهم جيل المستقبل، والطاقة الفعلية التي تؤمن لمجتمعنا الاستمرارية، فمن دون ذُرِّية يصبح المجتمع مهدداً بالانقراض. في القاموس العربي يقولون ذُرّية اسم والجمع: ذُرِّيات وذَراريُّ والذُّرّيَّةُ نسل الإنسان. الذي دفعني لهذا المقال هو التقرير الذي أصدره مركز الإحصاء في أبوظبي، بعنوان «إحصاءات مواليد 2013»، حيث أشارت الإحصاءات إلى انخفاض مستمر في معدل المواليد المواطنين خلال 10 سنوات، فقد انخفض المعدل من 35.6 مولود لكل 1000 مواطن في عام 2003، إلى 33 مولوداً عام 2008، ثم 31.8 مولود خلال عام 2012، ثم إلى 31.4 مولود لكل 1000 مواطن عام 2013 نتائج مؤرقة لكل من يهتم بمستقبل الوطن.

الشكر لمركز الإحصاء في أبوظبي لإفصاحه ونشره مثل هذه المعلومات، فمن حق الناس معرفة الواقع الذي يعيشون فيه حسب أحدث المؤشرات الإحصائية. السؤال الأزلي عند مناقشة هذه الظواهر هو لم؟ وكي أشرك الناس في قضية وطنية طرحت عليهم عدداً من التساؤلات عبر «تويتر». أشكر كل من أسهم في فك رموز هذا اللغز المحير، فنحن ولله الحمد نعيش في دولة رخاء وأمن وأمان. والأسرة لها مكانتها المتميزة في مجتمعنا، فلماذا قرر البعض اقتصار مشوار الأمومة والأبوة في رعاية طفلين أو ربما أقل. أستطيع أن ألخص الإجابات في ثلاثة اتجاهات الأول والثاني تبادل فيه الذكور والإناث الاتهامات، أو ما نستطيع تسميته شخصنة القضية، فالمرأة تتهم الرجل بالتقصير مع أسرته.

ولعل التغريدات الواردة في هذا المجال أستطيع أن ألخصها في انصراف بعض الشباب عن الحياة الزوجية إلى إشباع نزواته خارجها. ومن تزوج منهم ألقى مسؤولية التربية على زوجته كي يتفرغ هو لأصدقائه وحياته خارج أسرته، دون تحمل مسؤولية منزله. وفي الجهة المقابلة نالت المرأة حظها من النقد، الذي وجهه لها الرجال. فمنهم من قال إن النساء لدينا يردن حياة المرأة الغربية من حرية وعمل وقضاء الوقت خارج البيت، لكنها في الوقت نفسه تريد الخدمات التي تقدم للمرأة الشرقية، فهي تريد المنزل الحديث، ومع كل مولود تريد خادمة، وقبل ذلك مصاريف الزواج المبالغ فيها.
عرج البعض إلى تأخر سن زواج الفتاة حتى تجاوز الثلاثين، مما قلل فرص الإنجاب لديها، وعندما احتد النقاش طلبت منهم البحث عن الحلول بدلاً من تراشق الاتهامات. فجاءت العديد من الاقتراحات التي سبقتها تعليلات من ذلك مثلاً، تأخر الزوجة في العمل حتى الخامسة مساء مما جعلها غير قادرة على الموازنة بين متطلبات الأسرة وحاجات الوظيفة.

وكان الاقتراح يتلخص في إعادة النظر في طول وقت عمل المرأة، ومن ذلك اشتراك موظفتين في نفس الوظيفة على شرط اقتسام الوقت والراتب، كما تحدث البعض عن حقوق المرأة بعد الولادة. فإجازة الأمومة لا تكفي كي تهتم الزوجة بمولودها. فكان اقتراح أن تُعطى المرأة فرصة شهرين براتب ومثلهما بنصف راتب إضافة إلى أجازة من دون راتب، لو أضفنا إلى ذلك الإيحاءات في بعض المؤسسات التي فهم منها البعض أن المجتمع لا يرحب بكثرة الذُرّية من ذلك مثلاً أن بعض مؤسساتنا الوطنية تحدد الضمان الصحي في ثلاثة أطفال، كذلك المصاريف المخصصة للدراسة. اقتراحات كثيرة، تدفعني لاقتراح عقد مؤتمر وطني تنظمه اللجنة الوطنية للتركيبة السكانية التي يرأسها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، يُدعى له أهل الاختصاص لإعداد أوراق عمل لدراسة الظاهرة والخروج بتوصيات عملية كي تستمر الطاقة الذُرِّية الإماراتية.

المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=83284