عبدالله المغلوث
عبدالله المغلوث
كاتب وصحفي سعودي

إلى أصدقائي «الواتسابيين»

آراء

استيقطت أختي ذات يوم على رسالة من صديقتها في مجموعة “واتساب” تعبّر فيها عن إعجابها بابتسامتها. وسكبت هذه الصديقة الرقيقة كلماتها الإيجابية على كل عضو من أعضاء هذه المجموعة الهاتفية. كتبت لإحداهن: أنا متيمة بشعرك. وقالت لثالثة: أنا عاشقة لعينيك الواسعتين. وأمطرت رابعة بإعجابها بطريقة تربية أطفالها واختيارها الدقيق لكلماتها في أثناء حوارها معها. أرفقت لخامسة صورتها معها معلقة: “لأول مرة أشعر أني جميلة. عندما أجلس بجوارك، أصبح أجمل داخليا وخارجيا. تنتقل عدوى نضارتك إلى مَن حولك مِن فرط جاذبيتك”.

وأرسلت إلى سادسة امتنانها إلى روحها الإيجابية التي جعلتها تكافح لحظاتها العصيبة متسلحة بدعمها وتشجيعها.

وتمنت من سابعة أن تتعلم منها كيف تستطيع أن تصغي إليها بهذه المهارة الهائلة متسائلة: “يتقن كثيرون الكلام. لكن القليل يجيدون الاستماع. أنتِ من هؤلاء القلة الذين نحتشد؛ لنبوح إليهم بأسرارنا ومعاناتنا باهتمام قلما نجده في هذا العالم الزاخر بالضجيج”.

ولوّحت لثامنة بأنها طالما أعجبت برشاقتها وحفاظها على وزنها، راجية أن يأتي اليوم الذي تصبح بنفس وعيها الصحي واهتمامها بجسدها.

واختتمت رسائلها إلى العضو التاسع والأخير واصفة إياها بـ (البنادول) الذي يحيل صداعها إلى النسيان بفضل بشاشتها وقدرتها على امتصاص أي مشكلة بحلول فورية ناضجة.

لقد أغرقت هذه الفتاة مجموعتها “الواتسابية” بدموع الفرح. استقبل الجميع كلماتها ببهجة كبيرة. لكن أكبر المستفيدين كانت الفتاة التي بعثت هذه الرسائل. نيتها الطيبة وكلماتها الكريمة أسفرت عن تسع إشادات تفصيلية استقبلتها من زميلاتها اللاتي تلقفن حبها بحفاوة.

مبادرة هذه الفتاة وردة الفعل العارمة التي تلقتها تثبتان أن من يعطي ينال أكثر مما أنفقه وصرفه.

يقول أنطوان دي سانت أكسوبيري: “عندما تعطي بلا طلب ومن تلقاء نفسك، تتلقى أكثر مما تعطي”.

نستطيع أن نحول مجموعاتنا في “الواتساب” إلى بساتين محبة متى ما استثمرناها إيجابيا وداومنا على إفشاء المودة. يقول – صلى الله عليه وسلم-: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».

لست مضطرا أن تتصنع أو تتكلف مع أحبتك. صارحهم بإيجابيتهم. أسعدهم يسعدوك. اجعل “الواتساب” نافذة نستنشق عبرها الفرح ولا تجعلها نافذة جديدة تنهمر منها الهموم.

المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/02/08/article_929292.html