أسبوع «ترتيب البيت الخليجي»

آراء

شهد منتصف هذا الشهر تحركات كثيفة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي أو من يُمثلهم، وذل في إطار السعي إلى «ترتيب البيت الخليجي». وقد شُدَّت الرحالُ نحو الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، حيث القيادة الجديدة، ولربما الرؤية الجديدة التي ما زال الوقت مبكراً لسبر أغوارها وتحديد ملامحها، وأثرُ ذلك على البيت الخليجي والنطاق العربي والدولي. وكانت الزيارة الأولى لسمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، ثم أعقبتها زيارة لسمو ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تلتها زيارة لسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر. وقبل ذلك قام الأمير محمد بن نايف ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية بزيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة.

والأرجح أن هذه الزيارات استهدفت التشاور بين القادة فيما يتعلق بتطورات اليمن، خصوصاً بعد سيطرة الحوثيين على مرافق الدولة هناك، وشل حركة الرئاسة، ثم أخيراً خروج الرئيس «هادي عبد ربه» إلى عدن في جنوب اليمن.
لكن ربما كان الملف الأهم في تلك اللقاءات هو تقنين المواقف فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية. وفي هذه الخصوص يُلاحظ أن صياغة بيانات المصادر الإعلامية والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تبدو غير محددة، وأحياناً لا تعبّر عن حقيقة ما دار في الاجتماعات واللقاءات، ولا تضع النقاط على الحروف فيما يتصل ببعض التباينات في المواقف بين الدول الخليجية، بل تأتي تلك الصياغات عامة ومتمحورة حول «دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك وتعزيزها»، وهي صيغة لا تُفسّر الأحداث الجارية، ولا تقترب من حقيقة المواقف التي تتحرج تلك المصادر من إبرازها للعلن، على الرغم من أن الإبراز يضع حداً للكثير من الشائعات والتكهنات والتفسيرات الخاطئة التي تُلحق بمجلس التعاون دون وجه حق!

وكانت قد ترددت أنباء صحفية خلال الأسبوع قبل الماضي عن رفض خليجي لاتهامات مصر لقطر بدعم الإرهاب، وذلك على لسان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني، حيث وصف تلك الاتهامات بمجافاة الحقيقة وتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها دولة قطر مع شقيقاتها في دول مجلس التعاون والدول العربية لمكافحة الإرهاب والتطرف على جميع المستويات.

وبين التصريحات والتصريحات المضادة من بعض قنوات الإعلام المصري، يستنتج المرء أن قضية العلاقات الخليجية المصرية هي لبُّ الاختلافات الحالية في وجهات النظر بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون، رغم أن تصريحات كل المسؤولين في دول «التعاون» تصبُّ في ضرورة الحفاظ على العمل الخليجي المشترك ودعم العلاقات بين الدول الخليجية الشقيقة الست.

وفي تطور آخر قام الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، الممثل الشخصي لأمير دولة قطر، بزيارة عبر البحر إلى مملكة البحرين، واستقبله الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وكبار المسؤولين في المملكة، فيما اعتُبر دليلا على متانة العلاقات بين البلدين الشقيقين.

نحن في الخليج مع كل جهد يدعم وحدة منظومة دول مجلس التعاون وتماسكها، ويوفر مستلزمات الأمن والاستقرار والحياة الهانئة والكريمة لشعوب الخليج قاطبة. كما أنه من الطبيعي أن التضامن العربي يؤَمِن للشعوب العربية ما تحتاجه من أمن ورخاء وحياة كريمة، وينبغي أن تسير خطط الإدارات العربية نحو هذا الهدف، دون أية محاولة لإضعاف الوحدة الوطنية بين أبناء البلد الواحد. وكما أن الاختلافات في وجهات النظر تحدث حتى داخل العائلة الواحدة، فإنه لا ينبغي أن تتحول تلك الاختلافات إلى ردود أفعال إعلامية متشنجة. ذلك أن الإعلام اليوم هو الذي يخلق الأصدقاء ويخلق الأعداء، وهو الذي يقرّب أو يُوتر العلاقات الثنائية بين الدول العربية الشقيقة. ولابد أن يُراعى القائمون على هذا الإعلام المصالح العليا للأمة العربية ومستقبل أبنائها، وأن لا يخلقوا الخصومة ويروّجوا العداوة والقطيعة بين الدول العربية الشقيقة.

المصدر: الاتحاد

http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=83620