عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

حسن نصر الله محامي الشيطان

آراء

القوة والحزم، وما تمثله «عاصفة الحزم»، التي تقودها المملكة؛ لإعادة الشرعية الدستورية في اليمن، قد أفزعت أعداء الأمة العربية والجيوب التابعة لها في منطقتنا العربية، والتي تعيش أزمات متلاحقة منذ بدء ما يسمي «الربيع العربي».

دول عربية انهارت، ودخلت تلك الدول في حروب أهلية كما هي الحال في سورية وليبيا، وكادت مصر تنزلق إلى هذا الوضع الخطر لولا وقوف المملكة ودول الخليج العربي مع الشعب المصري، اليمن كان في وضع خطر جداً بعد وصول المظاهرات له ووقفت دول الخليج العربي معه وقدمت مبادرة خليجية وأكدت أن حل الوضع اليمني لا يمكن أن يكون إلا بالحوار الوطني بين جميع مكونات الشعب اليمني، ولكن لم يخرج اليمن، على رغم هذا العمل السياسي الخليجي والمدعوم من القوي الدولية ومن الأمم المتحدة، إلى توافق سياسي يجنبه الانزلاق في حرب أهلية. للأسف أن بعض القوى السياسية اليمنية، وهم جماعة الحوثي وبقايا نظام علي عبدالله صالح فهموا خطأ أن الديبلوماسية الخليجية ضعيفة وغير حاسمة، لذا نجد أن المعادلة السياسية في اليمن ومن قبل هذه الجماعات قد تهورت في مغامراتها السياسية، وبدأت باحتلال العاصمة صنعاء، وكان معظم المتابعين للشأن في جنوب الجزيرة العربية يتساءلون عن الموقف الخليجي الفعلي في ظل ضبابية في ذلك الموقف. في المقابل نجد أن إيران الداعم الرئيس لجماعة الحوثي قد بدأت تتبجح باحتلال عاصمة عربية رابعة، وكأن ذلك واقع يجب الإقرار به لهذا التوسع والعنجهية الإيرانية في التمدد والسيطرة في العالم العربي، وإيران وأتباعها في منطقتنا والذين يرفعون شعارات الموت لأميركا تقوم طهران بمحادثات معها بشأن ملفها النووي، والذي يرعبون هم والغرب أنه في حال التوصل إلى اتفاق نهائي فيه ستكون على حساب العرب، ونحن -وللأسف- صدقنا هذه اللعبة وانكمشنا وأصبحنا متفرجين على تلك المحادثات. أتت «عاصفة الحزم» في توقيت حساس، متزامناً مع التسريبات أن هناك اتفاقاً وشيكاً بين إيران والقوى الغربية بشأن ملفها النووي، ولنفترض الآن أن ذلك حدث فإن موازين اللعبة السياسية قد تغيرت، وقد تكون في مصلحة العرب هذه المرة ويمكن القول أنه من رحم الأزمات تنشأ القوة، والتاريخ شاهد على ذلك.

لم أستغرب التصريحات التي خرج علينا بها حسن نصر الله، بعد بدء عملية «عاصفة الحزم»، فهو يبدو أنه متفاجئ ومندهش وغير متوقع أن تقوم المملكة بقيادة هذه العملية النوعية والتي تبعث برسائل متعددة إلى أطراف إقليمية ودولية بأن هناك خطوطاً لا يمكن العبث بها، ومنها أمن اليمن واستقرار أوضاعه، فنصر الله لم يأتِ بجديد، فهو يزايد كالعادة، مستخدماً القضية الفلسطينية وماذا قدمت المملكة للشعب الفلسطيني في مأساته، والكل يعرف وقوف المملكة إلى جانب الشعب الفلسطيني منذ احتلال فلسطين في أربعينيات القرن الماضي، وما يتغافله ويتناساه نصر الله ولا يشير إليه هو: ماذا قدمت ربيبته إيران للفلسطينيين بعد الثورة الإيرانية؟! كلها مجموعة شعارات جوفاء رنانة لم تقدم على أرض الواقع أي مواقف سياسية وعسكرية للشعب الفلسطيني، كلها بيانات إدانة وشجب تصدر من طهران كلما تعرض الشعب الفلسطيني إلى عدوان إسرائيلي، ويأتي حسن نصر الله ويتغنى بهذه المواقف الإيرانية.

حسن نصر الله، الذي يجيد التحذلق وأنه يملك الحقيقة المطلقة ينفي أن إيران تدعم الحوثيين في اليمن، وهذا زعم مكشوف، فإيران نفسها ومن أكبر قياداتها لم تخفِ هذا الدور فقط. نقول له شاهد عدد الرحلات المدنية بين صنعاء وطهران والتي وصلت إلى 28 رحلة أسبوعية بعد وصول جماعة الحوثي إلى صنعاء، وكلنا يعرف أنه لا يوجد هناك مصالح اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية بين تلك الدولتين.

نقطة أخيرة في ادعاءات نصر الله، إذ يدعي أنه وإيران لا يتدخلون في قضايا الدول الأخرى الداخلية، فالعالم كله ومن لسان نصر الله نفسه يثبت تدخله في الشأن السوري حتى النخاع، فنقول له ومن وراءه: كفى كذباً ومخادعةً، وقد يكون خطابه الهجومي هو الرسالة التي وصلته من «عاصفة الحزم»، وتأثيراتها في ملفات عربية أخرى وعلى رأسها ملف الأزمة السورية.

في الختام أقول إننا في عالم مضطرب، ولا يمكن أن يحمي الأوطان إلى جيوشها الوطنية، وللقوة والحزم تأثيرهما الحاسم الذي لا أشك أنه سيخرج منه واقع وأوضاع سياسية تخدم أمننا القومي العربي.

المصدر: الحياة

http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel