أحمد أميري
أحمد أميري
كاتب اماراتي

عن مأزق الدولة الإيرانية

آراء

رفع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عمرو حمزاوي قبعته لساسة طهران في مقال له بعنوان «عن كفاءة الدولة الإيرانية»، وهو ليس أول مَن «يرى مِن الجمل أذنه»، فهناك صف من المثقفين يصفقون إعجاباً بسياسات الملالي، ولو من باب حثّ دولهم على اللعب بالطريقة الإيرانية!

يقول حمزاوي إن إيران انتزعت الاعتراف بحقها النووي، وبوضعها كقوة إقليمية كبرى، وذلك عبر مؤسساتها المتماسكة، وحشدها الطاقات الداخلية لتحمل العقوبات، وتكثيفها العلاقات مع بعض الدول، وصنعها صورة عالمية إيجابية عنها، ومدّ نفوذها عبر الورقة المذهبية، وتسليح وتمويل حلفائها، وختم شهادة التقدير التي سطرها للدولة الإيرانية بقوله: «هذه هي الحقائق، فدعونا لا نتجاهلها إن أردنا الخروج من ظلامية واقعنا العربي المعاصر».
ورغم أن حمزاوي أشار في نصف سطر إلى وجود انتهاكات للحقوق والحريات في إيران، وهو دأب كل المعجبين بـ«كفاءة» الدولة الإيرانية، ففي رأيي أن هذا هو مربط الفرس، وأن تلك الكفاءة تنبع أساساً من الضغط المتواصل على 80 مليون إيراني وتحميلهم أكلاف السياسات التي تبهر السُّذج.

كان يمكن اعتبار سياسات طهران نموذجاً يحتذى في انتزاع الاعتراف بالحقوق والمواقع، لو لم يكن الإيرانيون يدفعون ثمناً باهظاً من حريتهم حتى في ارتداء الثياب، ومن حقهم في التواصل حتى عبر موقع «تويتر» المحظور هناك، وهو الأمر الذي ساهم مع القمع في تماسك مؤسسات دولة الكفاءة، ومن رفاهيتهم في أن يعيشوا كأي شعب يمتلك ما يمتلكونه من ثروات تبدد على مشاريع التمدّد وتسليح الحلفاء. ومن تدينهم الذي ألصق النظام نفسه به كما تلتصق العلكة بالشعر، حتى بات المزيد منهم يعتقد أن خلاصهم لن يكون إلا بالتخلص من الشعر نفسه، ومن تاريخهم الذي تحاول دولة الكفاءة شطبه ليبدأ من سنة 1979. ومن مستقبلهم الذي لا يبصرونه وسط دخان الحرائق التي أشعلتها دولة الكفاءة، ومن علاقاتهم بالشعوب المجاورة التي لم تعد تثق بكل ما هو إيراني. ومن مذهبهم الرسمي الذي وضعته دولة الكفاءة في صراع مع بقية المسلمين قد تمتد آثاره لقرون قادمة، ومن احترام العالم لهم كشعب له حضارة أنتجت روائع الشعر والموسيقى والعمارة، لكنه اليوم ينتج التهديد لجيرانه، والقلق للعالم، ويصدّر الأصولية الدينية!

ورغم البلاهة التي تهبط على بعض أساتذة السياسة حين يتحدثون عن إيران، فيفترض أنهم يعرفون أنه لا ديمقراطية في إيران، وأنها كوريا الشمالية الشرق الأوسط، فعدا أن الولي الفقيه «يُكتشف» ولا يُنتخب، فلا يمكن الترشح إلى الطبقة الأدنى منه مكانةً إلا بمباركته، ولا يمكن عزله إلا بلعبة طويلة تنتهي إلى أنه لا يمكن عزله!

الوضع العربي يجعل المرء يخرج من ثيابه كما يقولون، لكن لا يمكن العثور على مفتاح «الخروج من ظلامية واقعنا العربي» في واقع أشد ظلاماً لشعب يُحشد مرغماً خلف نظام لا يمثله، ويسدد فواتير صفقات تدمره وتدمر المنطقة برمتها.

المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=84296