خالد السهيل
خالد السهيل
كاتب - مستشار إعلامي

المشهد في القديح

آراء

لم يكد الإمام يرفع رأسه من الركوع قائلا: “سمع الله لمن حمده” حتى دوى الانفجار الجبان في مسجد الإمام علي كرم الله وجهه، الذي أسفر عن سقوط ضحايا أبرياء بين قتيل وجريح في القديح. تعالت أصوات المواطنين الأوفياء من كل مكان معبرة عن وقوفها إلى جانب القديح المكلومة. كان لسان حال كل مواطن سعودي يردد: كلنا القديح.

وسرعان ما كشفت وزارة الداخلية السعودية ورجالها المخلصون عن اسم الإرهابي والخلية الضالة التي ينتمي إليها. المشهد في القديح كان يمتزج بالحزن. حملات للتبرع بالدم كانت قد انطلقت في الرياض والمنطقة الشرقية وسواها.

لقد كانت يد الإرهاب التي طالت جنودنا البواسل على الحدود وآخرين في الرياض، كانت هي اليد ذاتها التي استهدفت إخوتنا في الدالوة والقديح. قراءة الصورة بهذه الشمولية، تعزز أهمية التأكيد على تضافر الجهود والتعاون التام مع رجال الأمن من أجل تطويق هذه الجيوب الإرهابية التي تستهدف إشاعة الشقاق والفرقة بين أبناء هذا الوطن الشامخ. لقد جاءت كلمة قائد هذه البلاد الملك سلمان بن عبد العزيز كافية شافية، كانت بلسما لامس كل القلوب، قال الملك سلمان لولي عهده وعضيده الأمير محمد بن نايف: “إن كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة، وسينال عقابه الذي يستحقه، ولن تتوقف جهودنا يوماً عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم”.

هذه رسالة مهمة من قائد البلاد، تشيع الطمأنينة في نفس كل مواطن مخلص، وهي في الوقت نفسه تمثل صفعة قوية لخفافيش الظلام المندسين هنا وهناك، الذين يرقصون على جراح الوطن، ويعبثون باللحمة الوطنية ويطمحون لإشعال الفتنة الطائفية.

إن “داعش” و”القاعدة” و”جبهة النصرة” وميليشيات الشيعة في العراق وسورية كلها تواصل ضخ خطابات طائفية تغرس الكراهية بين النفوس، ولا سبيل لمجاملة هؤلاء أو التبرير لهم، مهما كانت القضايا التي يزعمون الدفاع عنها نبيلة. وهناك قنوات فضائية سنية وشيعية تؤجج هذه الكراهية، وتخوض في قضايا تاريخية خلافية السكوت عنها أجدى.

ولا شك إن أشقياء “داعش” يرغبون في نقل فوضى العراق وسورية وليبيا إلى السعودية وبقية دول الخليج العربي، ولكن آمالهم خابت، لأن المواطن في المملكة العربية السعودية يدرك أن الاستقرار والأمن نعمة لا يمكن المزايدة عليها أو التفريط بها. ومن هنا سمعنا أصواتا مخلصة من القديح والقطيف وسواهما تؤكد أن شق التلاحم والتعاضد بين أبناء المملكة مسألة عصية على غلمان “داعش” ومن يستفيد من جهالاتهم من قوى إقليمية مأزومة.

المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/05/25/article_960169.html