سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

طفلة صغيرة تفعل ما لم تفعله شركات كبيرة!

آراء

ليس مهماً أن نعرف كلفة مساهمة الجهات الخاصة والحكومية التي تفاعلت مع المبادرة الصحية، التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، لدعم صحة الفم والأسنان لفئة العمال، ليس مهماً أبداً أن نعرف حجم المبالغ التي دُفعت، فسواء كانت عالية أو متوسطة أو حتى بسيطة، فالقيمة الحقيقية لا تكمن في حجمها المالي، بل في حجم القيمة المعنوية الكبيرة التي خلفتها هذه المساهمات في قلوب العمال، والشعور النفسي ذو الأثر الطيب عليهم، ما سينعكس إيجاباً من دون شك على أدائهم وإنتاجهم.

بلدية دبي وشركة «دو» للاتصالات وجمعية الاتحاد التعاونية، جهات حكومية وخاصة، فكرت قبل غيرها، وبادرت قبل غيرها، وتفاعلت من دون أن يطلب منها أحد ذلك، فلها كل الشكر والتقدير والاحترام والثناء، ليس من أجل المشاركة العينية الفعلية في المبادرة فقط، بل من أجل مسارعتها إلى دعم المبادرات الإنسانية، وحرصها على الوجود دائماً في المناسبات المجتمعية.

قد لا يستوعب كثيرون أهمية وفائدة وقيمة مبادرة سمو الشيخ حمدان بن محمد الصحية، التي من خلالها تكفل سموه شخصياً بإجراء فحوص مسحية لأكثر من 2000 عامل، وإجراء علاجات فورية لكل من يحتاج إليها منهم، لمدة تستمر لغاية نهاية العام الجاري، ضمن مرحلتها الأولى، وهذا العدد من العمال قد يكون بسيطاً مقارنة بإجمالي عدد العمال في الدولة، لكنه بالتأكيد ليس كذلك عندما نتحدث عن علاجات وجراحات وعمليات أسنان مكلفة، تفوق القدرة المالية لفئات كثيرة، بل إن شركات التأمين الصحي تتملص وتتهرب دائماً من إدخال علاجات الأسنان ضمن وثيقة التأمين، نظراً إلى ارتفاع كُلفتها، لكن حمدان بن محمد، حفظه الله، اختار أصعب نوع من الأمراض ليطلق مبادرته، ويتحمل نفقات العلاج لفئة محدودة الدخل، في لفتة كريمة تحمل كل معاني الشكر والتقدير للعمال!

سموه لم يكن يريد حصر المبادرة في 2000 عامل، لكن ظروف الطاقة الاستيعابية، ووقت الأطباء وعددهم في عيادة دبي للأسنان، كانت سبباً في تقسيم المبادرة إلى مراحل، وفي كل مرحلة هناك آلاف المستفيدين وفقاً للظروف الوقتية والعددية وإمكانات العيادة، لذلك فهي عمل إنساني عظيم في فكرته وأسلوب تنفيذه، وفي الوقت نفسه هي باب واسع للعمل الخيري دشنه حمدان بن محمد، وهو مفتوح لكل من يرغب في الانضمام والمشاركة، ولاسيما تلك الشركات الضخمة المتخصصة في قطاع الإنشاءات، التي تعد المستفيد الأول من المبادرة، من خلال الحصول على خدمة وقائية وعلاجية مباشرة لعمالها، لذا فإننا كنا ننتظر تفاعلهم ومشاركتهم قبل غيرهم لدعم هذا التوجه، والمساهمة بفاعلية لإنجاح هذا العمل الإنساني والخيري المتميز، لكن ذلك لم يحدث إلى الآن!

لم تتحرك شركات المقاولات، ولم نسمع كلمة واحدة من جمعية المقاولين، في حين تأثرت طفلة لم تتعدَّ سنواتها الخمس، وتفاعلت وتبرعت بتوفير وجبات غذائية للعمال عند كل مراجعة يقومون بها من أجل الفحوص، ولمدة ستة أشهر كاملة، لم يُفكر كبار المقاولين في التواصل مع منظمي المبادرة وعرض المساهمة، في حين تحركت هند محمد راشد بن غدير، ودعمت المبادرة، وطلبت من والدها دعم ومساندة هؤلاء العمال وتوفير الطعام لهم، بأسلوب طفولي بريء ونقي!

المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-05-28-1.788193