الشرك والمشركين

آراء

كل شيء في صلاة التراويح كان على أفضل حال، المسجد الفخم بأعمدته الرخامية والثريات المتدلية من قبابه والزخارف المزينة للمحراب، كل شيء سار وفق المعتاد حتى وصلنا إلى دعاء القنوت، ولأول مرة في حياتي؛ انتبهت لدعاء الإمام «اللهم أذل الشرك والمشركين»، دارت حينها أسئلة في رأسي لماذا الدعاء على المشركين بالذلة، وهل فعلاً سنستفيد إن أذلهم الله تعالى، أم أن عزتنا نحن المسلمين لا تتحقق إلا بذل غيرنا، أوَليست رسالة الإسلام ــ كما ندّعي ــ هي إعلاء قيم الإنسانية ونشر الهدى، أم رسالته عبر مكبرات صوت المساجد هي إظهارنا الرغبة في إذلال الناس وصدهم عنا؟ دع عنك كل هذا، واسأل نفسك كيف يكون حال من أمضى سنوات يردد كلمة «آمين» خلف هذا الدعاء، ألن يتبرمج داخلياً ليفرح في كل مصيبة تحل بغير المسلمين، وقد يتعدى الأمر ذلك ويمارس إذلالهم متى استطاع لذلك سبيلا.

ولأنني لست مختصاً بالعلم الشرعي، ولأن البعض لا تروق له فتاوى الشؤون الإسلامية والأوقاف، عدت لفتوى من موقع الإسلام سؤال وجواب، ذي المنهج السلفي المأصل، فكان السؤال عن مدى صحة الدعاء «اللهم أذل الشرك والمشركين»، والإجابة كانت أن هذا الدعاء لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، أو ممن خلَفهم، وإنما اعتاد الدعاء به بعض الأئمة في القنوت، وانتهت الفتوى بعبارة «وهو من حيث المعنى صحيح، لا حرج على من دعا به!».

مما سبق فالظاهر أن الدعاء هو مجرد «كليشات» يحفظها أئمة المساجد ليرددوها في دعاء القنوت، وكأننا لم نتعلم من ليالي الدعوات التي ذهبت لنصرة المجاهدين في أفغانستان وآلاف الشباب الخليجيين الذين حركتهم هذه الدعوات للانضمام للتنظيمات الإرهابية في الثمانينات والتسعينات.

تمنيت في السابق أن تشمل دعواتنا كمسلمين الخير لكل البشر دون استثناء، فنتوقف عن ترديد اللهم اشفنا واشف مرضى المسلمين، إلى دعاء أشمل وأعم، نطلب من الله عز وجل فيه: شفاء كل مريض ومبتلى، واليوم صارت أمنيتي الوحيدة أن نتوقف عن إهانة البشر، والدعاء عليهم بالذل.

المصدر: الإمارات اليوم