د. محمد العسومي
د. محمد العسومي
كاتب إماراتي

محمد بن راشد.. قائد برؤى إبداعية

آراء

عندما يتحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عن رؤيته للمستقبل حول قضية ما، فهذا يعني أن هناك إنجازاً وتحولًا كبيراً قادماً على الطريق، ففي رسالته الأخيرة تحدث عن رؤية جديدة لا تقتصر على دولة الإمارات هذه المرة، وإنما امتدت لتشمل دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بشكل عام، مما يعني أنها تأخذ بعين الاعتبار التطورات والمستجدات الطارئة في المنطقة وفي العلاقات الدولية.

تحدث سموه عن اقتصاد الإمارات في عام 2014 الذي اعتبر الأقوى بحجم ناتج محلي بلغ 1,47 تريليون درهم وبتغير هيكلي استحوذت فيه القطاعات غير النفطية على 68,6% من الناتج المحلي الإجمالي، داعياً إلى العمل على رفع هذه النسبة إلى 80% بحلول عام 2021 وهي مناسبة عزيزة علينا جميعاً تتمثل في احتفال الدولة باليوبيل الذهبي لليوم الوطني لتأسيس الدولة بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.

وإضافة إلى ذلك دعا سموه إلى اتخاذ خطوات جدية لتحقيق تكامل اقتصادي خليجي لضمان الاستقرار، رابطاً ذلك بمستقبل المنطقة العربية بكاملها لتحقيق نهضة تنموية واقتصادية تقودها دول الخليج مجتمعة مع الأشقاء والأصدقاء.

وتحمل رؤية محمد بن راشد الكثير من النظرة الشاملة للمستقبل التي يمكن من خلالها تغيير وضع البلدان العربية ووضعها إلى جانب البلدان المتقدمة وحل العديد من المعضلات التي تتعرض لها، بل إنه رسم الخطوط العامة لهذا التوجه الطموح من خلال قيادة دول الخليج له لاعتبارات موضوعية عديدة. هل يمكن تحقيق ذلك؟ الجواب نعم متى ما استوعب الآخرون هذه الرؤية وتعاونوا لتحقيقها، فصاحب المبادرة يملك سجلاً حافلاً بالإنجازات، بل إنه وضع تجربته التنموية التي قادها إلى جانب أكثر التجارب نجاحاً في العالم، كالتجربتين السنغافورية والماليزية.

أما لماذا الخليج، فالأسباب عديدة، أولها أن دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي كانت الأفضل في منطقة الشرق الأوسط في عملية التنمية والبناء الاقتصادي في العقود الأربعة الماضية، وذلك ليس بسبب النفط وحده، وإنما بفضل الإدارة الاقتصادية والنهج الصحيح في التعامل مع المبادرات وفتح المجال أمام قطاع الأعمال وتقديم التسهيلات لرؤوس الأموال بعيداً عن الروتين والعوائق والتعقيدات الإدارية.

إضافة إلى ذلك، فإن الخليج يملك من التجارب والقدرات المالية ما يؤهله لقيادة عملية التنمية في البلدان العربية، إذ بدون تلك التجارب التي خبرها الزمن وبدون الخبرات البشرية والقدرات الاقتصادية لا يمكن تحقيق التقدم المنشود في المنطقة، علماً بأن دعوة سموه دول المجلس باتخاذ خطوات عملية لتحقيق التكامل الاقتصادي تعتبر البداية الصحيحة لنجاح هذا التوجه، إذ إنه بدون خليج موحد ومتكامل اقتصادياً لا يمكن لقاطرة التقدم الاقتصادي العربي أن تسير بسلاسة نحو تحقيق أهدافها.

أما تغيير الهيكلية الاقتصادية للدولة باتجاه هيمنة القطاعات غير النفطية بعد خمس سنوات من الآن، فإنه لا يساورنا أدنى شك في إمكانية تحقيقه، وهنا بالذات يدرك محمد بن راشد ما يقول، فدبي المعتمدة على النفط قبل عشرين عاماً تقريباً، أضحى القطاع النفطي بفضل رؤية سموه وعمله الدؤوب لا يشكل أكثر من 5% من ناتجها المحلي، وهو إنجاز لا نظير له وقد أضحى نموذجاً لكافة البلدان المنتجة للنفط.

إذن يقف الخليجيون بشكل خاص والعرب عموماً أمام دعوة صادقة تدعمها تجربة تنموية ناجحة لدولة وضعت نفسها بقوة على المسرح الاقتصادي والسياسي الدولي في فترة زمنية قصيرة، مما يتطلب من الجميع استيعاب محتوياتها والتعاون لإنجازها للخروج من حالة التردي والمأزق الذي تمر به البلدان العربية، حيث تعتبر القضايا الاقتصادية والمعيشية أحد أهم مسبباته. أما الرؤية حول اقتصاد الإمارات والتغير الهيكلي الذي دعا إليه سموه، فإنه يمكن القول وبكل ثقة بأنها ستتحقق، ذلك ما تعلمناه خلال معايشتنا يوماً بيوم على مدى العقود الماضية لعملية التنمية والتطور الاقتصادي في الدولة.

المصدر: الاتحاد