د. خليفة علي السويدي
د. خليفة علي السويدي
ــ عضو هيئة التدريس بكلية التربية ـ جامعة الإمارات ــ حاصل على الدكتوراة من جامعة جنوبي كاليفورنيا و الماجستير من جامعة جورج واشنطن ــ عميد سابق لوحدة المتطلبات في جامعة الإمارات ووكيل لكية التربية ــ من أبرز كتبه: المنهاج و أراء في التربية

الزمان لن ينسى الشيخ زايد بن سلطان

آراء

قدّر الله تعالى أن تكون وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- في رمضان، كي يتذكره كل من أحبه في مثل هذه الأيام المباركة، ويمد يده إلى السماء، سائلاً الله تعالى أن يجازيه عن وطنه خير الجزاء. في تلك الليلة التي تصادف 19 من رمضان كنت في المطار متجهاً للأراضي المقدسة، وفجأة بدأت سيدة بجانبي في البكاء، وعزتني في وفاته -رحمه الله- كأنها البارحة ذكرى لا تُمسح من فكري كلما مرت بي، والسؤال الذي مازال مطروحاً: لماذا يترحم الناس على الشيخ زايد بعد كل هذه السنوات، بينما نرى عند غيرنا من العرب نسيان قادتهم بمجرد وفاتهم؟ البعض يعتقد أن وفاء أهل الإمارات لقادتهم هو سر هذا الأمر. قد يكون التحليل صحيحاً، لكني أزعم أن صدق نية الشيخ زايد- رحمه الله- في كل ما قدمه لوطنه والأمة العربية والإسلامية هو سر هذا الولاء، فغيره من القادة سخّر أجهزة الإعلام وأنفق عليها بسخاء كي ينال الولاء، لكن زايد نيته كانت مطيته في سباق الآخرة.

فكثيرة هي الأعمال في أرض الوطن وخارجه لم يعلمها الناس إلا بعد وفاته، لأن الرجال أعمالهم تسبق أقوالهم. قاعدة تعلمناها من زايد -رحمه الله- وغيره لم ير شعبه سوى خطاباته وتصريحاته، فانتكست رايته يوم وفاته.
الشيخ زايد -رحمه الله- كان له همّ اسمه وحدة الوطن ونفعه، فسخر كل جهده لاتحاد الإمارات، للتنمية الحقيقية التي محورها الإنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ، وفي الوقت نفسه، لم ينس البنية التحتية للوطن، فما نراه اليوم من إنجاز هو ثمرة فكره. أهل الإمارات أسعد شعب لما تحقق في وطنهم من منجزات، هذا ما تؤكده التقارير الدولية، وكل من زار الإمارات اليوم تمنى أن يعيش فيها لما يجده من بنية تحتية عالمية، وأمن وأمان في دار زايد بن سلطان.

ومن أسباب عدم نسيان أهل الإمارات للشيخ زايد بن سلطان -رحمه الله- أنه ربى جيلاً من القادة يقودهم اليوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي صرح أكثر من مرة أنه تعلم من مدرسة زايد الشيء الكثير، وكذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، وإخوانهم الذين يشكلون امتداداً لفكر زايد.

فكلما رأيت من حسنة أو حُسن في إنجازاتهم سمعتهم يترحمون على والدهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكلنا يعرف أن الأبناء والتلاميذ يمثلون امتداداً للأثر والأجر بعد وفاة والدهم.

مع هذه الذكرى الكريمة يترحم أهل الإمارات على زايد الخير، وهم ينعمون بأمن هذا الوطن الذي حفظه الله تعالى من القواصم التي هبت على بعد العواصم العربية، بل حتى الأجنبية. ومن الوفاء للشيخ زايد -رحمه الله تعالى- أن نكون جميعاً جنوداً مخلصين لقيادتنا الرشيدة، فوحدتنا حول هذه القيادة المتفردة تمثل حصناً يحفظ الوطن من كل سوء، وتجنبنا مخاطر المخاض التي تمر به أمتنا. ومع الوحدة لا بد من المحبة العملية للوطن، وهذا يتلخص في إخلاص كل منا في موقعه، فأنت لا تعمل فقط لأداء متطلبات الوظيفة، بل لتثبت لنفسك ومن حولك مدى إيمانك وحبك بهذا الوطن. رحم الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي لن ننساه مهما طال بِنَا الزمن.

المصدر: الاتحاد