سطام الثقيل
سطام الثقيل
صحافي وكاتب سعودي

هل المهر المشكلة الوحيدة؟

آراء

لا شك أن مبادرة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة وتوجيهه لمحافظي مكة المكرمة بلقاء عاجل مع شيوخ القبائل لإعداد وثيقة تحدد “مهر الزواج” للحد من العنوسة، تعد مبادرة جميلة وتستحق التطبيق في كل مناطق المملكة.. ولكن هل العزوف عن الزواج من كلا الجنسين سببه غلاء المهور؟

لو كان السبب في تأخر الزواج وتفشي العنوسة هو غلاء المهور لكان الأمر سهلا، فالدولة مشكورة تمنح قرضا حسنا دون مقابل للمقبلين على الزواج وهو يعادل نصف قيمة المهر لدى العائلات والقبائل المغالية في مهور بناتها.. ولكن المشكلة أكبر من غلاء المهور وتحتاج إلى تحرك على الأصعدة كافة.

الحياة برمتها أصبحت غالية ومرهقة للبدن والنفس البشرية.. كل شيء ارتفعت أسعاره والشباب وصل بهم الوعي مبلغا يمنعهم من تكوين أسرة وهو غير قادر على توفير سبل العيش الكريمة لها.

المقبلون على الزواج يحتاجون إلى السكن، وتوفير المسكن أصبح أكثر تعقيدا في زمننا هذا وتعانيه الأسر القديمة، فما بالك بمن هو مقبل على الزواج.. الإيجارات مرتفعة ومرهقة لأي شخص من الطبقة المتوسطة، والتملك أصبح مستحيلا في ظل احتكار الأراضي وارتفاع أسعارها بشكل مهول وتقاعس وزارة الإسكان عن توفير المساكن وتعثر الكثير من مشاريعها.

صعوبة الحياة والغلاء في كل شيء جعلت من حلم الزواج أمرا صعبا، وجعلت الكثير يتردد في الإقدام على مشروع الزواج، فمن أساسيات الارتباط هو السكون، ومع هذا الغلاء الفاحش يتبدد السكون ويشعر المقبل على الزواج أنه أمام معركة في الحياة مجهولة النتائج.

كما أسلفت المهر مقدور عليه ويدفعه المرء مرة واحدة في العمر إن كان ممن لا يحبون التعدد، وتكاليف الزواج من حفلات وغيرها أيضا يمكن التنازل عنها من قبل الطرفين، ولكن المشكلة أكبر وأعمق من تلك وتحتاج إلى مبادرات حكومية توفر سبل العيش الكريم لكل الأسر القديمة منها والحديثة.

قبل أن نحث الأسر على وضع حد أعلى للمهور بحيث يصبح يسيرا لغالبية الشباب، يجب أن نعالج الكثير من الأمور المنغصة للحياة. يجب أن نبادر في وقف جشع التجار ومحتكري الأراضي ونعالج أزمة السكن، ومن ثم ستصبح الأمور سهلة وسيقدم الكثير من الشباب على الزواج ووقف ما يسمى بـ “العنوسة”.

المصدر: الاقتصادية