حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

سلمان في البيت الأبيض

آراء

ماذا سيحدث غدا في البيت الأبيض بين سلمان بن عبدالعزيز وباراك أوباما، ما الذي سيتم نقاشه بين المملكة العربية السعودية والإدارة الأمريكية، ما هي الأولويات في الملفات التي يحملها ملك دولة عربية لها أهمية كبرى سياسيا واقتصاديا تتجاوز محيطها العربي ورئيس الدولة الكبرى التي تتحكم في معظم مفاصل السياسة العالمية. كيف سيكون جو المحادثات والمباحثات بين حليفين استراتيجيين منذ زمن طويل يرى الكثير من المراقبين أن علاقتهما الآن ليست كما كانت عليه من الدفء والتناغم في المواقف. هذه الأسئلة وغيرها هي الأبرز في ساحة الإعلام منذ إعلان خبر الزيارة قبل وقت قصير جدا من بدئها، وهو الأمر الذي أعطى مجالا واسعا للقراءات والاحتمالات لدى المهتمين بعلاقة البلدين.

بالتأكيد هي زيارة مهمة في كل الأحوال، ولها أهمية خاصة كونها الزيارة الأولى للملك سلمان بعد توليه مقاليد الحكم، وربما الأهم أنها تأتي بعد تحولات دراماتيكية في الساحة السياسية كان أبرزها وأهمها القرار التأريخي الذي اتخذه الملك سلمان بإطلاق عاصفة الحزم كتحول جذري للتعاطي المألوف مع الأزمات، واختلاف كامل في طبيعة اتخاذ القرارات حيال مواجهة الأخطار، إنه القرار الذي لم يكن ينتظر موافقة الحليف أو مشورته أو حتى التنسيق معه قبل اتخاذه، لأن من اتخذه يعي تماما مسؤوليته تجاه وطنه وما تفرضه عليه هذه المسؤولية. كما أن إلغاء زيارة الملك سلمان في اجتماع الرئيس أوباما بقادة دول الخليج في كامب ديفيد بخصوص الملف النووي الإيراني رفع من سخونة الترقب والتكهنات بهذه الزيارة.

لا شك أن الزيارة تأتي في وقت حساس تشتعل فيه الساحة الشرق أوسطية بأزمات أسوأها ما يحدث في الساحة العربية على وجه الخصوص. انحسار التفاؤل بقرب الحلول بسبب تقاعس المجتمع الدولي، وأمريكا بالذات، عن تقديم مبادرات صادقة وحقيقية وفعالة لإطفاء الحرائق وتجفيف أنهار الدماء وتشريد الشعوب وتفتيت الأوطان وكبح جماح الإرهاب الذي لم يشهد التأريخ له مثيلا، كل هذا جعل معيار الثقة في المصداقية الأمريكية ينخفض بشكل كبير، وإن كانت المملكة حليفا قديما لأمريكا وبينهما علاقات خاصة فإن المملكة لا تقدم هذه العلاقة على مكونها وانتمائها العربي ومسؤوليتها الأخلاقية تجاهه، وقد أكدت ذلك بوضوح لأمريكا في أكثر من مرة، وعبرت عن عدم رضاها حيال مواقف الإدارة الأمريكية.

من حق أمريكا أن تبحث عن مصالحها في أي مكان، اقتصادية كانت أو سياسية، ولكن ليس أخلاقيا أن تساهم في إشعال الحرائق وتدشن الدمار في الأمكنة التي لم تعد تروق لها. عليها أن تتعلم من دروس التأريخ ومواعظ الزمن، وعليها أن تعرف أن أجيال المستقبل ستقرأ يوما ما عما فعلته بكثير من شعوب العالم. وفي كل الأحوال المملكة حريصة على علاقات متميزة مع أمريكا، وما هذه الزيارة إلا برهان على أنها تسعى للخير والسلام والاستقرار.

المصدر: صحيفة عكاظ